ممرضة أمريكية فلسطينية: المجاعة وسوء التغذية ينهكان المرضى والطواقم الطبية في غزة

أصبحت المنظومة الصحية في مجمع ناصر الطبي، آخر مستشفى عامل في جنوب قطاع غزة، على وشك الانهيار.
ويتعرض الطاقم الطبي لضغوط هائلة بسبب الاعتداءات الإسرائيلية والعدد الكبير من الجرحى.
معظم المرضى الذين تم إدخالهم إلى المستشفى في حالة خطيرة ومروعة، بما في ذلك جروح ناجمة عن طلقات نارية في الرأس والصدر والبطن.
بين أسرّة المرضى في مجمع ناصر الطبي، شريان الحياة الأخير في جنوب غزة، تصف الممرضة الفلسطينية الأمريكية أماندا ناصر الوضع المأساوي للرعاية الصحية في قطاع غزة، الذي يتعرض لحرب إبادة إسرائيلية مستمرة. وتؤكد أن آثار سوء التغذية والجوع باتت محسوسة حتى بين الكوادر الطبية.
ومنذ وصوله إلى قطاع غزة قبل نحو أسبوع، يعمل ناصر (39 عاماً) في قسم الطوارئ وسط تدفق كبير للجرحى والمصابين والمرضى، خاصة أولئك الذين يعانون من آثار سوء التغذية بسبب سياسة الجوع الإسرائيلية التي شددتها تل أبيب منذ بداية شهر مارس/آذار الماضي.
منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل ـ بدعم أمريكي ـ جرائم إبادة جماعية في غزة، بما في ذلك القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة الدعوات والأوامر الدولية من محكمة العدل الدولية لوضع حد لها.
ومنذ ذلك التاريخ قتلت إسرائيل 61,897 فلسطينياً وأصابت 155,660 آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء.
وبحلول يوم الإثنين الماضي، قتلت إسرائيل نحو 18430 طفلاً و9300 امرأة، بينهن 8505 أمهات، وفقاً لأرقام الوزارة في ذلك الوقت.
– وضع كارثي
في إطار جهود الإغاثة الطبية لقطاع غزة، تعمل أماندا في مهمة إنسانية بمجمع ناصر الطبي في خان يونس. تصف تجربتها بأنها “مؤثرة للغاية”، مشيرةً إلى أن “الوضع كارثي، والنظام الصحي في آخر مستشفى عامل في جنوب قطاع غزة على وشك الانهيار”.
وقال ناصر لوكالة الأناضول إن “القدرات الطبية محدودة للغاية، فيما تعيش الطواقم الطبية تحت ضغط هائل وخوف دائم بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية المتواصلة”، لافتاً إلى أن العدد الكبير من الإصابات اليومية يرهق الطواقم الطبية.
وأضافت: “معظم المرضى الذين دخلوا المستشفى إصاباتهم خطيرة ومروعة. وتشمل هذه الإصابات جروحًا ناجمة عن طلقات نارية في الرأس والصدر والبطن والحوض والأطراف، بالإضافة إلى كسور في العظام وإصابات بالغة في الأطراف”.
ويشير ناصر إلى أن “الحالات التي تصل إلى المستشفى خطيرة للغاية، ونستقبل بشكل خاص العديد من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين المراهقين والعشرين عاماً”، مشيراً إلى أن “معظم هؤلاء المرضى لا ينجون بسبب خطورة إصاباتهم”.
وأضافت أن الأطباء “مجبرون على إجراء عمليات بتر وعمليات جراحية كبرى، في حين أن النقص في الكوادر الطبية والإمدادات يمنع الآخرين من تلقي العلاج”.
وأشارت إلى أن موارد المستشفى وقدرته الاستيعابية محدودة بسبب الحصار الإسرائيلي. “لذا، علينا أحيانًا أن نقرر من يستحق التنفس الاصطناعي، وما إذا كان بإمكانه البقاء على قيد الحياة. هذا القرار حاسم وصعب للغاية”.
وأضاف ناصر أن “الوضع هنا حرج والإمدادات المتاحة محدودة للغاية، لكن الأمر الأكثر أهمية هو أننا نواصل التعبئة لمساعدة هؤلاء المرضى”.
وتضيف: “كعاملة في مجال الرعاية الصحية، أرى أنه من واجبي مساعدة الناس وآمل أن أنقذ أكبر عدد ممكن من الأرواح”.
قال مدير عام وزارة الصحة في غزة منير البراش، اليوم الاثنين، إن حرب الإبادة الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 خلفت نحو 18 ألف جريح بحاجة إلى إعادة تأهيل، فضلاً عن 4800 حالة بتر، بينهم 718 طفلاً.
يشهد قطاع غزة حاليًا واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه. فعلى مدار 22 شهرًا، مارست إسرائيل تجويعًا ممنهجًا وإبادة جماعية.
-المجاعة
وتحدث ناصر عن “تزايد معاناة المرضى والكوادر الطبية بسبب المجاعة المنتشرة في قطاع غزة نتيجة الحصار الإسرائيلي”.
وتقول إن “سوء التغذية واضح بين المرضى وحتى بين أفراد الطاقم الطبي أنفسهم”.
وأضافت ناصر أن “الجميع يعانون من النحافة الشديدة والجفاف ويعملون لساعات طويلة”، مشيرة إلى أنها شهدت موت أطفال رضع في المستشفى بسبب نقص الغذاء.
سجلت وزارة الصحة في قطاع غزة، منذ بداية العام 2025، نحو 28 ألف حالة سوء تغذية، توفي منها 239 حالة، بينهم 106 أطفال.
– من أصل فلسطيني
ناصر فخورة بأصلها الفلسطيني وقدرتها على السفر إلى غزة لمساعدة أهلها. وتعرب عن امتنانها للفلسطينيين في غزة.
وتقول إنها “رغم جراحها ونزوحها المتكرر، إلا أنها كانت من بين الناس الذين أظهروا كرم ضيافتها”، وتؤكد أنها كانت تشعر بالأمان معهم، سواء كانت داخل أسوار المستشفى أو خارجها.
بصوت ممزوج بالحزن والإصرار، خاطب ناصر العالم قائلاً: “نحن بحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار، ونريد دولة فلسطينية مستقلة”.
وأضافت: “الفلسطينيون هنا يحاولون عيش حياة طبيعية. إنهم لا يستحقون ذلك. هذه أسوأ وأفظع طريقة لمعاملة الناس”.
دعت ناصر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى “القدوم إلى غزة ورؤية الوضع بنفسه”. كما حثت الصحفيين على مواصلة التعبير عن آرائهم، والتحلي بالصدق، ونقل الرسالة إلى العالم. ودعت أيضًا إلى “مقاطعة المنتجات التي تُباع بشكل رئيسي في الولايات المتحدة وأوروبا، بالإضافة إلى المنتجات الإسرائيلية التي تُمول الإبادة الجماعية في قطاع غزة”.
بدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة الدعوات والأوامر الدولية من محكمة العدل الدولية لوضع حد لها.
أودت الإبادة الجماعية الإسرائيلية بحياة 61,897 شخصًا وجرحت 155,660 آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء. واختفى أكثر من 9,000 شخص، ونزح مئات الآلاف، وأودت المجاعة بحياة 251 شخصًا، من بينهم 108 أطفال.