مروان البرغوثي.. الأسير الذي جعل من زوجته فدوى حارسة الحلم وسفيرة قضية الأسرى
قام وزير الأمن الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن جفير بزيارة مثيرة للجدل إلى زنزانة الأسير الفلسطيني البارز مروان البرغوثي، الذي بدا هزيلاً بعد سنوات من الحبس الانفرادي. هدد بن غفير البرغوثي قائلاً: “لن تنتصر. سنقضي على من يعتدي على دولة إسرائيل. عليك أن تعلم ذلك”. وبدا أن البرغوثي كان على وشك مقاطعته، لكن المقطع الذي بثته وسائل الإعلام العبرية انتهى قبل أن يتمكن من ذلك.
ذروة الإرهاب النفسي والأخلاقي والجسدي الذي يمارسه “الإرهابي الفاشي”
ودان نائب الرئيس الفلسطيني حسين الشيخ الزيارة، ووصفها بأنها “تتويج للإرهاب النفسي والأخلاقي والجسدي الذي تمارسه سلطات الاحتلال ضد الأسرى، وانتهاك للمواثيق والأعراف الدولية”. وأصدرت حماس بيانا وصفت فيه بن غفير بـ”الإرهابي والفاشي”، وأكدت أن هجومه على خلية البرغوثي وتهديده “لم يضعف من عزيمته وصموده، بل عزز من تصميمه على مواصلة نضاله المشروع وعزز وحدة الحركة الأسيرة في مواجهة القمع والتنكيل”.
فدوى لمروان: رغم القيود في يديك ستبقى حراً في روحك وعزيمتك.
وبعد نشر الفيديو، قالت زوجة مروان، فدوى البرغوثي، إنها لم تتعرف على زوجها في الفيديو.
وأضافت في بيان: “ربما جزء مني لا يريد أن يدرك كل ما يعبر عنه وجهك وجسدك، وما عانيته أنت والسجناء الآخرون”.
وتابعت: “مروان، ما زالوا يطاردونك ويلاحقونك، حتى في زنزانتك الانفرادية التي عشت فيها عامين. الاحتلال ورموزه ما زالوا في صراع معك، وأيديك ما زالت مكبلة، لكنني أعرف روحك وعزيمتك، وأعلم أنك ستبقى حرًا طليقًا”.
ألف يوم في الحبس الانفرادي
من جهة أخرى، تأملنا الصورة التي رسمها مروان البرغوثي لزوجته، مُكرّمًا نضالها من أجل قضيته، كما وصفها في كتابه “ألف يوم في الحبس الانفرادي”. روى كيف كانت فدوى البرغوثي “حارسة حلمه” وسفيرة جديرة بقضية الأسرى، وكيف أصبحت بعد اعتقاله صوتًا مسموعًا للأسرى الفلسطينيين وحقوقهم في المحافل الدولية. يقول مروان البرغوثي إن سجان السجن الإسرائيلي يعتقد أن الحبس الانفرادي سيدمر الأسير، ويحوله إلى حطام أو انتحاري محتمل. لكنه يؤكد أن هذا وهم كبير، وأن الحبس الانفرادي، رغم قسوته، أيقظ فيه إرادة البقاء وتحدي الذات، مُحبطًا بذلك هذه النظرية.
ويواصل قائلاً إن حارس السجن لا يعلم أن لديه حلمًا ومستقبلًا يعتمد عليه، وأنه قادر على المثابرة مثل وهج الكهرباء وتحمل كل أشكال المعاناة. ويضيف أنه حين يغلق عينيه في زنزانته يجد نفسه محاطاً بأهله ورفاقه، ويشعر وكأن الأصدقاء الأوفياء يرافقونه في أعماق نفسه، ويمنحونه العزيمة على المثابرة في تحقيق أهدافه النبيلة في الحرية والاستقلال لشعبه ووطنه.
“الحبس الانفرادي جعلنا أكثر عاطفية، وأكثر إثارة للاشمئزاز، وأكثر غضبًا.”
يصف كيف أخطأت سلطات السجن عندما ظنت أن العزل سيكسر إرادتهم. يقول: “لم نستسلم قط. بل ازداد شغفنا، وتمردنا، وغضبنا”. ويضيف أنه في لحظات الصمت داخل الجدران، يتذكر صور أطفاله وزوجته، “حارسة حلمي”، وقلبه يفيض شوقًا إليهم.
يقول عن زوجته فدوى إنها شاركته تقلبات حياته، متحملةً الفقر والحرمان والظروف الصعبة. كانت مثالاً للمرأة الفلسطينية الصامدة، رمزاً للوفاء والمحبة والإخلاص والتضحية. ويتابع أنها كانت القوة الدافعة له، والأم التي حرمته من القلق على أبنائه. “كانت خير أم وأب لهم، حتى قبل اعتقالي”.
يصفها بأنها من شاركته رحلة طويلة من الاعتقالات والاضطهاد ومحاولات القتل، ولم تشكو إلا من الحب والاهتمام. نقلت رسالة واضحة لأبنائه مفادها أن والدهم مسجون من أجل قضية وطنية، إلى أن قالت له ذات يوم: “لست في فراغ… شريكك معك، وكلنا بخير”.
إن مشروع تحرير الشعب الفلسطيني له أهمية قصوى.
ويضيف البرغوثي أن زوجته تقبلت أن يضع مشروع تحرير الشعب الفلسطيني فوق كل الاعتبارات، حتى لو منعها ذلك وأولادهما من رؤيته، إلا مرة واحدة عندما سجنت كمحامية قبل أن يتم اكتشاف علاقتهما.
ويتابع أن فدوى، بعد اعتقالها، أطلقت حملة دولية لتكون سفيرةً قيّمةً لقضية الأسرى، وزارت أكثر من 40 دولة، والتقت بمئات الشخصيات الرسمية والشعبية، لشرح جرائم الاحتلال، والدفاع عن المقاومة، والتأكيد على أن النضال ضد الاحتلال حقٌّ مشروعٌ ومقدس.
يصف إنجازاتها السياسية والإعلامية والناشطة بأنها “مذهلة”، إذ فاقت توقعاته رغم معرفته بقدراتها. ويؤكد أنها “الأم والزوجة المناضلة التي أفتخر بها”، ومثالٌ على الوعي الفلسطيني والتضحية اللامحدودة.
قال إنه تابع أنشطة المنظمة من خلال الصحف القليلة التي وصلته، والإذاعات المحلية، وتقارير الأصدقاء. وأشار إلى أن المنظمة لعبت دورًا محوريًا في إطلاق حملة الإفراج عن السجناء من خلال افتتاح مقرها الخاص، وتنظيم الفعاليات، واستقبال الوفود المحلية والأجنبية، ومواكبة جميع التطورات.
ويختتم البرغوثي حديثه عنها بالكلمات: “كانت فدوى بالنسبة لي: حارسة حلمي، وخير سفيرة لقضية الأسرى، ومثالاً ساطعاً على صمود المرأة الفلسطينية التي حوّلت الألم إلى قوة، والوفاء إلى طريق للحرية”.