بعد تصريحات سموتيريتش.. ما هو المخطط الاستيطاني E1 وتداعياته علي إقامة الدولة الفلسطينية؟

بعد موافقة وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، على بناء آلاف المستوطنات ضمن الخطة الاستيطانية في المنطقة E1 شرق القدس، يُطرح السؤال حول تأثير هذه الخطوة على إمكانية قيام دولة فلسطينية. ما مدى خطورة تقويض هذه الخطوة لوحدة فلسطين الجغرافية والديمغرافية، وترسيخ تقسيم الضفة الغربية إلى مناطق معزولة؟
وأبلغت الرئاسة الفلسطينية على لسان المتحدث باسمها نبيل أبو ردينة، أن أي نشاط استيطاني مرفوض ومدان وغير قانوني بموجب القانون الدولي وخاصة قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334، الذي يؤكد أن أي نشاط استيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة غير قانوني، بحسب وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية وفا.
حمّلت الرئاسة حكومة الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية هذه الأعمال الخطيرة، وحذّرت من عواقبها. كما حمّلت الحكومة الأمريكية مسؤولية وضع حدّ للفوضى في إسرائيل.
ما هو المخطط الاستعماري “E1”؟
وبحسب نشرة هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، صادقت حكومة الاحتلال عام 1999 على المخطط الاستيطاني “E1” برقم (4/420) لـ 12 ألف دونم من الأراضي، معظمها أعلن “أراضي دولة” وأصبحت فيما بعد جزءاً من مستوطنة “معاليه أدوميم”.
في عام ٢٠١٢، أقرت حكومة الاحتلال المخطط الاستيطاني “E1”. ويشمل هذا المخطط المخطط رقم (2/4/420) الذي يقضي بمصادرة ١٣٥٠ دونمًا لبناء منطقة صناعية شمال غرب المنطقة المصنفة E1، والمخطط رقم (9/4/420) الذي يقضي بمصادرة ١٨٠ دونمًا لإنشاء مقر لشرطة الاحتلال. وقد بُني هذا المقر بهدف توسيع الأراضي المصادرة. كما يُخطط لمصادرة ٥٠٠ دونم من أراضي عناتا وشعفاط لإنشاء مكب نفايات، يُحوّل لاحقًا إلى حديقة عامة للمستوطنين.
كما يتضمن ثلاثة مخططات إنشائية تفصيلية: مخطط (10.4.420) لبناء 2176 وحدة استيطانية، مخطط (3.4.420) لبناء 256 وحدة استيطانية بالإضافة إلى 2152 غرفة فندقية، مخطط (7.10.420) لبناء 1250 وحدة وآخر لإنشاء حديقة توراتية شمال غرب المخطط المذكور.
هناك أيضًا مخطط استعماري آخر لتنفيذ ما يُسمى طريق “نسيج الحياة”. أُنجز جزء منه قرب جدار الفصل العنصري شرق عناتا، ويمتد إلى الزعيم. أما الجزء الآخر، فسيُبنى من الزعيم إلى العيزرية. يهدف هذا المخطط إلى تنفيذ وتطوير مخطط بناء المشروع المذكور، وهو أيضًا اقتراح لتحويل طريق القدس – العيزرية ومنع المواطنين الفلسطينيين من استخدامه.
ما هي أهداف المخطط الاستعماري “E1”؟
يهدف المخطط الاستعماري إلى عزل القدس عن محيطها الفلسطيني، وقطع الصلة الجغرافية والديمغرافية بينها وبين التجمعات الفلسطينية، وتقويض قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. كما يهدف إلى عزل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، وتحويلهما إلى معازل تخضع حركتها لسلطة الاحتلال.
وتشمل الأهداف أيضًا: “توسيع حدود القدس الشرقية من خلال ضم الكتلة الاستعمارية معاليه أدوميم، وطرد وتشريد سكان التجمعات البدوية من أراضيهم مرة أخرى، وزيادة عدد اليهود في القدس على حساب المواطنين الفلسطينيين الأصليين، خاصة بعد طرد التجمعات الفلسطينية مثل كفر عقب وعناتا شعفاط”.
تهجير البدو قسراً لتنفيذ مخطط “E1”
إن التهجير القسري للبدو ليس بالأمر الجديد، بل هو استمرار للعمليات التي جرت بالفعل في عامي 1948 و1967 تحت ذرائع واهية، مثل إعلان هذه المناطق مناطق عسكرية محظورة، أولاً في النقب ثم في وادي الأردن.
وتسعى سلطات الاحتلال إلى تهجير 46 تجمعاً بدوياً في السفوح الشرقية للجبال والأغوار (بعضها طُرد بالفعل بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023) لتنفيذ مخططاتها التهويدية والاستعمارية، وتحرير الحدود الشرقية التي تبلغ مساحتها نحو مليون دونم من الوجود الفلسطيني.
في السنوات الأخيرة، سعت سلطات الاحتلال إلى إيجاد بدائل لتهجير البدو، مثلاً إلى منطقة الجبل في العيزرية، والنويعمة، ومنطقة فصائل الوسطى في أريحا. إلا أن صمود سكان هذه التجمعات حال دون تنفيذ هذه الخطط.
الكتلة الاستعمارية معاليه أدوميم:
إحدى أكبر التجمعات الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية، والتي تسعى إسرائيل إلى ضمها إلى القدس عبر تطبيق خطة “القدس الكبرى”. وتنص هذه الخطة على بناء جدار الفصل العنصري والتوسع العنصري حول مدينة القدس، وتوسيع حدودها لتشمل التجمعات الاستيطانية الإسرائيلية الثلاث المحيطة بها: كتلة معاليه أدوميم الاستيطانية شرقًا، وكتلة جفعات زئيف الاستيطانية شمالًا، وكتلة غوش عتصيون الاستيطانية جنوبًا.
إن ربط هذه المستوطنات بالقدس الشرقية ومن ثم بأراضي 1948 يهدف، من جهة، إلى ترسيخ استمرارية جغرافية بين الكتل الاستعمارية، ولكن من جهة أخرى، إلى عزل وتهجير المجتمعات الفلسطينية المتصلة تاريخيا خارج حدود المدينة، وبالتالي حرمانها من حقها التاريخي في المدينة.
يسعى رئيس بلدية معاليه أدوميم إلى إقامة مشاريع بناء في مواقع مختلفة حول القدس ضمن خطة E1، تشمل مدينة ملاهي كبيرة بمساحة 800 دونم، تضم متنزهًا وبحيرة اصطناعية وملاعب رياضية وفنادق لجذب السياح. كما يخطط لبناء حي استيطاني جديد يُسمى “ميفاسيريت أدوميم”، يضم أكثر من 3000 وحدة استيطانية، لربط القدس الشرقية بغور الأردن، ومنه إلى الحدود الشرقية. كما تسعى سلطات الاحتلال إلى ربط مستعمرة كيدار بمستعمرة معاليه أدوميم، وتطوير المنطقة الواقعة بينهما.
عزل القدس الشرقية عن الضفة الغربية وانقطاع التواصل الجغرافي بين الشمال والجنوب
وبحسب منظمة بتسيلم، مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، فإن تنفيذ مخططات البناء في المنطقة E1 من شأنه أن يخلق استمرارية حضرية بين مستوطنة معاليه أدوميم والقدس، ويزيد من عزلة القدس الشرقية عن بقية الضفة الغربية، ويقوض الاستمرارية الجغرافية بين الأجزاء الشمالية والجنوبية من الضفة الغربية.
إن بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة ينتهك أحكام القانون الإنساني الدولي، الذي يحظر نقل سكان دولة الاحتلال إلى الأراضي المحتلة وفرض تغييرات دائمة فيها. كما ينتهك بناء المستوطنات العديد من حقوق الإنسان الفلسطيني، بما في ذلك تهجير التجمعات البدوية التي تعيش حاليًا في المنطقة.
من المتأثر بهذا البرنامج؟
سيكون لتطبيق خطة البناء في المنطقة E1 عواقب وخيمة على سكان الضفة الغربية. فالقدس تُحدّ أضيق منطقة في الضفة الغربية، بعرض 28 كيلومترًا فقط. وسيُقلّص البناء في المنطقة E1 الممرّ الضيق أصلًا الذي يربط جنوب الضفة الغربية وشمالها، كما أن تجزئة المنطقة ستُعقّد بشكل كبير إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا.
تُصنّف المناطق التي تقع فيها جميع المستوطنات كمناطق عسكرية. إلا أن هذا الحظر غالبًا ما يقتصر على المناطق المبنية. سيؤدي تطبيق الخطة إلى بقاء الأراضي الفلسطينية الخاصة ضمن حدودها، وبالتالي إدراجها ضمن المناطق المبنية للمستوطنات. وثمة مخاوف من حرمان أصحاب هذه الأراضي من الوصول إليها وزراعتها.
وستحيط أعمال البناء في منطقة E1 بالقدس الشرقية من الشرق، وستخلق اتصالاً بالأحياء الإسرائيلية التي برزت شمال البلدة القديمة.
القدس الشرقية جزء من الضفة الغربية، وكانت في السابق مركزًا حضريًا لسكانها. إلا أن حظر إسرائيل على سفر المواطنين الفلسطينيين خلق فجوةً مصطنعة بين المدينة وباقي الضفة الغربية. وسيتعمق هذا الانقسام مع تطبيق الخطط في المنطقة E1.