وفاة صنع الله إبراهيم.. ذات: من الرواية إلى المسلسل مرآة لتحولات المجتمع المصري

توفي اليوم الأربعاء الكاتب والروائي الكبير صنع الله إبراهيم عن عمر ناهز 88 عاما بعد صراع طويل مع المرض وحياة حافلة بالإبداع والتمرد الأدبي والسياسي.
يعد صنع الله إبراهيم أحد أهم الكتاب المصريين المعاصرين، وتضم مسيرته العديد من المحطات الأدبية الهامة التي أثرت في الحياة الأدبية المصرية والعربية.
من أهم هذه الأعمال، بالطبع، رواية “ذات”، التي نُشرت لأول مرة عام ١٩٩٢، وحظيت بإشادة واسعة من خلال مسلسلها التلفزيوني “بنت اسمها ذات” عام ٢٠١٣. أخرج المسلسل كاملة أبو ذكري وخيري بشارة، وكتبته مريم نعوم ونجلاء الحديني، وشارك في بطولته نيللي كريم، وباسم سمرة، وانتصار، وآخرون.
في روايته “ذات”، يروي صنع الله إبراهيم قصة أمة وثورة وجيل كامل، انبثقت منها “ذات”، مُمثلةً النموذج السائد للمرأة المصرية. يصف طفولتها، وزواجها من عبد المجيد، وعملها، وأطفالها، وأمومتها. تُمثل سيرتها الذاتية مرآةً ثاقبةً تُجسد تفاصيل الحياة اليومية في المجتمع المصري خلال عهدي السادات ومبارك. كما يُلقي الضوء على التغيرات السياسية والاقتصادية في ذلك الوقت، وكيف رأى “ذات” و”عبد المجيد” هذه التغيرات، وتأثيرها على حياتهما.
تتضمن الرواية أيضًا وثائق تاريخية وأرشيفات صحفية، حرص صنع الله إبراهيم على حفظها في العديد من رواياته. وهذا يُتيح لنا فهم التغيرات والتطورات التي شهدها المجتمع المصري آنذاك. لذا، يزخر السرد بوقائع تاريخية ساهمت بلا شك في تشكيل شخصية ذات، والمرأة المصرية، وجيل الخمسينيات بأكمله.
“ذات” هي الشخصية المحورية للروائية صنع الله إبراهيم، التي خرجت من صخب الحياة لتغذي خيالها بألف صورة وصور. تنبع من الواقع، لكنها تنساب عبر أحداث الرواية، فيحمل وجودها ألف معنى ودلالة.
هذا هو الرمز الذي يحاول من خلاله صنع الله إبراهيم تصوير المجتمع المصري، مجتمعٌ زاخرٌ بالقيم والمعتقدات التي تُحدد تفكيره وحياته. مجتمعٌ يعاني مواطنوه من وطأة الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. يعرض هذه الحقائق، التي استقىها من الصحف المصرية، الحكومية والمعارضة، ليعكس الجو الإعلامي العام الذي يُحيط بشخصياته ويؤثر عليها.
يقول عنها الروائي صنع الله إبراهيم: “عندما كتبتُ رواية “ذات”، تخيلتُ امرأةً تقاوم النظام بتشكيل مجموعة مع صديقاتها، واقتحام شاشات التلفزيون، والادعاء بأن الخطابات المُلقاة هناك كاذبة. لكن صورة هذه المرأة أصبحت تدريجيًا النموذج السائد، وظللتُ أحتفظ بفكرة القائدة – نقيض النموذج السائد، التي تُلقي بنفسها في معارك صغيرة للتعبير عن نفسها والتنفيس عن إحباطها. وهكذا وُلدت رواية “ذات”.
كما ذكرنا سابقًا، حُوِّلت الرواية إلى مسلسل تلفزيوني بعنوان “بنت اسمها تلك”، عُرض في رمضان 2013. أخرجته كاملة أبو ذكري وخيري بشارة، وكتبت السيناريو والحوار مريم نعوم ونجلاء الحديني. شارك في بطولته نيللي كريم، وباسم سمرة، وانتصار، وآخرون. وحقق المسلسل نجاحًا باهرًا لدى النقاد والجمهور.
يستكشف المسلسل فترة محورية في التاريخ المصري المعاصر، من منظور امرأة ولدت يوم الثورة، 23 يوليو 1952. ويلقي المسلسل الضوء على تطور الحياة المصرية بتفاصيلها الدقيقة من خلال حياة هذه الشابة، التي أطلق عليها والدها اسم “ذات الهمة”، وهو اسم متجذر في التراث والملحمة الهلالية.
ومن خلال حياة هذه الفتاة، يرصد الفيلم التطورات الاجتماعية من تأميم المجتمع والإصلاح الزراعي وإعادة الإعمار إلى الحروب التي خاضتها مصر عام 1956 وحرب اليمن في أوائل الستينيات وحرب 1967 وحرب الاستنزاف ووفاة الزعيم جمال عبد الناصر ثم صعود أنور السادات إلى السلطة ومشاركته في حرب 1973 وما تلا ذلك من انفتاح اقتصادي وظهور تحولات جديدة في المجتمع المصري أهمها تحول المجتمع ككل إلى سوق الاستهلاك والانفتاح على دول الخليج العربي وأثر ذلك على حركات الإسلام السياسي والتي انتهت بثورة 25 يناير.