شقيقان مبتورا الأطراف بغزة: نتناوب على كرسي متحرك ونحتاج لعلاج

الأخوين حسن وريما: الجيش الإسرائيلي قصف منزلنا ونحلم بمغادرة غزة لتلقي العلاج. والدها محمد: أطفالي يعتمدون على كرسي متحرك واحد ولا يوجد رعاية طبية لهم.
في خيمةٍ مهجورةٍ على أرض ملعب اليرموك وسط مدينة غزة، يتناوب الشقيقان ريما وحسن أبو عطية على استخدام كرسيٍّ متحركٍّ مُتهالك. فقدا أقدامهما وأيديهما في غارةٍ جويةٍ إسرائيليةٍ دمّرت منزل عائلتهما خلال الإبادة الجماعية التي استمرت 22 شهرًا.
وجاءت الضربة المدمرة في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2023، عندما قصف الجيش الإسرائيلي منزل العائلة في حي تل الزعتر بمخيم جباليا شمال قطاع غزة، بينما كان الشقيقان يستعدان للانتقال قسراً امتثالاً لأوامر الإخلاء.
وقد توفي ستة عشر من أقاربهم في القصف، وظلت ريما (22 عاماً) وحسن (20 عاماً) تحت الأنقاض بأطراف مبتورة لبعض الوقت حتى تلقيا العلاج.
منذ تلك اللحظة، اختلفت حياة الأخوين. لم يعد الكرسي المتحرك مجرد وسيلة نقل، بل رمزًا صامتًا للألم المشترك، يُسلّط الضوء على مصير عشرات الآلاف من الجرحى في غزة الذين فقدوا أطرافهم ويفتقرون حتى لأبسط الرعاية أو الدعم.
داخل الخيمة، تبادل الشقيقان النظرات وهما يتناوبان بين الجلوس على الكرسي والتحرك، حتى لو على بعد أمتار قليلة فقط من المخيم المزدحم، للحصول على بعض الهواء النقي.
لم تعد الكراسي المتحركة متوفرة بسهولة في غزة، وحتى لو توفرت الأموال، لا يمكن شراؤها. الحصار الإسرائيلي، وانهيار نظام الرعاية الصحية، ونقص المساعدة، جعل الكراسي المتحركة والأطراف الصناعية حلمًا بعيد المنال لمبتوري الأطراف، تمامًا مثل الجوع لرغيف الخبز.
شهد قطاع غزة ارتفاعًا كبيرًا في عدد مبتوري الأطراف نتيجة الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وفي الوقت نفسه، هناك نقص حاد في المعدات الطبية وأدوات تصنيع الأطراف الاصطناعية.
وفي قطاع غزة، تم تسجيل نحو 5 آلاف حالة بتر ضمن برنامج “صحتي”، الذي تنفذه وزارة الصحة الفلسطينية بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومركز مدينة غزة للأطراف الصناعية والشلل، حسب ما قاله مسؤول الإعلام والعلاقات العامة في المركز، حسني مهنا، في تصريح للأناضول.
قال حسن لوكالة الأناضول: “قصف الجيش الإسرائيلي منزلنا، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من الأشخاص. بعضهم لا يزال تحت الأنقاض”. وأشار إلى أن الرعاية الأولية التي تلقوها كانت بدائية بسبب انهيار القطاع الصحي ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية.
وأضاف: “نطالب اليوم بالسماح لنا بالسفر (خارج قطاع غزة) لتلقي الأطراف الصناعية. هذا أقل حقوقنا كبشر”.
بجانبه تجلس شقيقته ريما، صامتةً، والإرهاق واضحٌ عليها. تروي بهدوء كيف نجت من الموت تحت أنقاض منزلها، لكنها فقدت ساقيها. لا يزال بعض أقاربها عالقين تحت الأنقاض، إذ لم تتمكن فرق الدفاع المدني من الوصول إليهم بسبب الوجود العسكري الإسرائيلي في المنطقة.
وتابعت: “وضعنا الصحي صعب. لا مستشفيات، ولا كوادر طبية، ولا طعام، ولا دواء”.
تحلم الفلسطينية ريما بمغادرة غزة لتلقي العلاج وتدعو إلى وضع حد لما وصفته بـ”طوفان الدماء”.
قال والدها محمد (50 عامًا): “قصف جيش الاحتلال منزلنا، وكان أطفالي بداخله. بحثت عنهم وسط الدخان والركام، لكنني لم أجدهم. وجدت أطفال أقاربي متناثرين في الشارع. نقلنا كل من استطعنا العثور عليه إلى المستشفى، بينما بقي عشرة أشخاص تحت الأنقاض”.
وأضاف: “لاحقاً وجدت ريما وحسن تحت الأعمدة الخرسانية للمنزل التي سقطت مباشرة على أقدامهما ما أدى إلى بترهما”.
يعيش الأب على معيشته الضئيلة والمحدودة. أحيانًا لا تملك عائلته سوى قوت يومها. وأكد أنهم يعتمدون على كرسي متحرك واحد، وبسبب قلة الدخل والدعم، لا يستطيعون شراء كرسي بديل.
ويطالب أبو عيطة بوقف حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، وحرية السفر لأطفاله للعلاج وتركيب الأطراف الصناعية، وإدخال الغذاء إلى غزة.
وبحسب وسائل إعلام عبرية، ومن بينها صحيفتا “إسرائيل اليوم” و”معاريف”، فإن الجيش الإسرائيلي يسيطر على ما بين 75 إلى 80 في المائة من قطاع غزة.
في هذه الأثناء، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة في 25 مايو/أيار أن إسرائيل ستفرض سيطرتها على 77% من قطاع غزة المحاصر “من خلال التطهير العرقي والإخلاء القسري والإبادة الجماعية المنهجية كجزء من جهودها لإعادة رسم الخريطة الديموغرافية بالقوة”.
منذ الثاني من مارس/آذار، تتجنب إسرائيل مواصلة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع حماس، وأغلقت المعابر الحدودية إلى قطاع غزة أمام نقل الجرحى وشاحنات المساعدات المتوقفة على الحدود.
منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أميركي جريمة إبادة جماعية في قطاع غزة، من قتل وتجويع وتدمير وتشريد، متجاهلة الدعوات والأوامر الدولية من محكمة العدل الدولية لوضع حد لها.
أودت الإبادة الجماعية الإسرائيلية بحياة 61,599 شخصًا وجرحت 154,088 آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء. واختفى أكثر من 9,000 شخص، ونزح مئات الآلاف، وأودت المجاعة بحياة 227 شخصًا، من بينهم 103 أطفال.