مفتي الأردن: الفتوى تتغير بتغيُّر الأشخاص والظروف ولا يمكن للذكاء الاصطناعي مراعاة هذه الأبعاد

أكد فضيلة الشيخ الدكتور أحمد الحسنات، مفتي عام المملكة الأردنية الهاشمية، على أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في تطبيق الفتاوى ومعالجة القضايا الكبرى التي تواجه الأمة الإسلامية. كما شدد على ضرورة وضع معايير وضوابط أخلاقية وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية لتنظيم استخدامه، مؤكدًا أن “الغايات هي الوسائل”.
كان هذا كلمته خلال جلسة الوفود المشاركة في المؤتمر الدولي العاشر للإفتاء، الذي عُقد في القاهرة برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي. وشارك في المؤتمر، الذي حمل عنوان “صياغة المفتي الصالح في عصر الذكاء الاصطناعي”، علماء ووزراء ومفتون ومتخصصون من جميع أنحاء العالم.
أكد سماحة مفتي عام الأردن أن “الإنسانية تعيش اليوم عصرًا من أعقد عصورها، في ظل ما وصلت إليه من تقدم علمي وتكنولوجي”. وأشار إلى أن هذا التقدم أصبح ركنًا أساسيًا من أركان حياة الإنسان المعاصر، وأن العلماء، باعتبارهم ورثة الأنبياء، مدعوون إلى توظيف هذه المعرفة وتسخيرها لخدمة الأمة.
وأوضح أن الذكاء الاصطناعي يتيح تحليل ومعالجة كم هائل من المعلومات الدينية لتقديم إجابات سريعة ودقيقة، وتصنيف وتنظيم الفتاوى حسب الموضوع والمصدر، وترجمتها وتعريبها، والتأكد من دقة المعلومات، مما يسهل على طالبي الفتاوى الوصول إلى الإجابات الصحيحة بمختلف اللغات.
حذّر مفتي عام الأردن من الآثار السلبية للذكاء الاصطناعي، بما في ذلك “التزييف العميق” وتشويه الحقائق ونسب الأقوال الكاذبة إلى أشخاص غير مؤهلين لقول الحقيقة، مما يُهدد الأمن الاجتماعي ويُزعزع الثقة بالمصادر الموثوقة. وشدد على ضرورة تدريب العلماء على استخدام هذه التقنيات الحديثة في القضايا المهمة، وخاصة القضية الفلسطينية والمسجد الأقصى. وقد ساهم الذكاء الاصطناعي في رفع مستوى الوعي العالمي بمعاناة الشعب الفلسطيني.
وأوضح أن من أبرز التحديات التي تواجه المفتين في عصر الذكاء الاصطناعي غياب البعد الإنساني. فالآلة تعتمد حصريًا على المعلومات المتاحة، ولا تراعي الحالة النفسية أو الاجتماعية للطالب. وهذا يجعلها أداةً فعّالة للمفتين المتخصصين، لكنها لا تستطيع إصدار فتوى شاملة بمفردها، فالفتاوى تتغير بتغير الأشخاص والأزمنة والأماكن والظروف.
واختتم مفتي عام الأردن كلمته بالتأكيد على أن الذكاء الاصطناعي “مجرد آلة صماء” لا تخضع للمعايير الدينية أو الأخلاقية، وقد يقدم معلومات مغلوطة أو يصدر فتاوى منحرفة. وشدد على ضرورة وجود ضوابط شرعية تضمن استخدامه في إطار التعاون على البر والتقوى، لا في إطار الإثم والعدوان.