حصيلة أكثر دموية بالتاريخ الحديث منذ 1992.. صحفيون فلسطينيون استشهدوا على يد جيش الاحتلال

منذ 4 شهور
حصيلة أكثر دموية بالتاريخ الحديث منذ 1992.. صحفيون فلسطينيون استشهدوا على يد جيش الاحتلال

ويغادر العديد من الصحفيين الفلسطينيين الميدان ليس فقط بسبب اعتقالهم أو تدمير كاميراتهم، بل أيضاً بسبب استشهادهم في قطاع غزة أو الضفة الغربية أو مناطق أخرى من دولة فلسطين المحتلة بغارات جوية أو رصاص يطلقه جيش الاحتلال الإسرائيلي.

إن الهجمات المستهدفة للصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة هي الأكثر دموية في التاريخ الحديث منذ أن بدأت اللجنة عملها في عام 1992. وهذا هو النتيجة المنطقية لهيكل فني صارم يعيد تصنيف الصحفيين وفقًا لاحتياجات العملية العسكرية ويمنع المراقبين المستقلين من الوصول إلى مسرح الجريمة.

ترتكب قوة الاحتلال جرائم متعمدة بحق الصحفيين. فقد أدى قصف خيمة الصحفيين أمام مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة إلى استشهاد سبعة أشخاص، بينهم خمسة صحفيين. وهذه ليست الجريمة الأولى من نوعها التي ترتكبها قوة الاحتلال.

على مدار ما يقارب 23 شهرًا، شهد العالم استشهاد العديد من الضحايا. لم يقتصر الأمر على المراسلين والمصورين فحسب، بل امتد إلى المحررين والمذيعين والفنيين والمساعدين، بالإضافة إلى العديد من الصحفيين الذين نقلوا صورًا حية من قلب الحدث إلى العالم. فقد العديد منهم أرواحهم، مع عائلاتهم بأكملها.

* 2023… البداية الدموية

في الأشهر الأخيرة من عام ٢٠٢٣، وتحديدًا من ٧ أكتوبر/تشرين الأول إلى نهاية ديسمبر/كانون الأول، شهدت غزة موجة من جرائم القتل الوحشية. ففي غضون أسابيع قليلة، قُتل عشرات الصحفيين في غزة أثناء تغطيتهم للأحداث أو في منازلهم. وارتفع عدد الضحايا يوميًا خلال هذه الفترة، حيث تعرضت منازل الصحفيين ومراكزهم الإعلامية ومركباتهم لاعتداءات متكررة.

ومن أشهر الأسماء التي استشهدت في هذه الفترة:

قُتل الصحفي يوسف أبو دقة مع عائلته عندما قُصف منزله في خان يونس في 7 أكتوبر. قُتل الصحفي محمد جرغون في غارة جوية في 8 أكتوبر. قُتل الصحفي محمد أبو حطب مع عائلته في رفح في اليوم نفسه. قُتل الصحفي محمد أبو حصيرة مع 42 فردًا من عائلته عندما قُصف منزله في غزة في 22 أكتوبر. قُتل المصور الصحفي محمد أبو هربيد في بيت حانون في 24 أكتوبر. قُتل مصطفى ثابت، رئيس قسم الأخبار في إذاعة الأقصى، في 3 نوفمبر. قُتل الصحفي صالح الشيخ، في مكتب الإعلام الحكومي، مع عائلته في 5 نوفمبر.

* لم يكن اختيار الهدف عشوائيًا.

في عام ٢٠٢٤، ظلّ عدد القتلى مرتفعًا، لكن هذا العام، تعرّض صحفيون بارزون ومعروفون للاعتداء داخل البلاد وخارجها. كما قُتل العديد منهم أثناء البثّ أو التصوير في مواقع التصوير. وقد أكّد هذا العام أن هذه الاعتداءات لم تكن عشوائية، إذ استهدفت شخصياتٍ كان لها دورٌ محوري في توثيق الحرب ونشر صورها للعالم، مما حدّ من قدرة المؤسسات الإعلامية على العمل.

*أبرز الضحايا في عام 2024:

قُتل حمزة الدحدوح، نجل وائل الدحدوح، مصور قناة الجزيرة، في يناير/كانون الثاني مع مجموعة من زملائه أثناء تغطيته للهجوم في خان يونس. وقُتل خالد الغول، مدير البرامج في قناة الأقصى، في هجوم وسط غزة في فبراير/شباط. وقُتل هيثم الحسني، صحفي ومراسل ميداني، أثناء تغطيته المباشرة للأحداث في مارس/آذار. وقُتل هاني أبو رزق، مصور وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، شمال غزة في أبريل/نيسان. وتعرض وسيم موسى، مراسل ميداني، لهجوم مع فريقه في مايو/أيار أثناء توثيقه للدمار في رفح. وقُتل ياسر مرتجى، المصور المعروف دوليًا، في يونيو/حزيران وهو يرتدي سترة صحفية.

* النزيف المستمر والاستهداف الانتقائي

رغم تزايد الإدانة الدولية وتقارير حقوق الإنسان، استمرت الاعتداءات على الصحفيين حتى عام ٢٠٢٥. وحتى خلال فترات وقف إطلاق النار، وقعت اغتيالات وهجمات مُستهدفة. ورغم انخفاض إجمالي عدد الشهداء هذا العام مقارنةً بعام ٢٠٢٣، إلا أن الطبيعة الانتقائية للهجمات كانت أكثر وضوحًا، حيث استُهدفت شخصيات إعلامية مؤثرة.

*أبرز الشهداء في عام 2025:

قُتل محمد الجديلي، الصحفي في إذاعة صوت الشعب، في قصف استهدف منزله بمدينة غزة في يناير/كانون الثاني. كما قُتل أحمد القرا، مراسل إذاعة الأقصى، في فبراير/شباط أثناء تغطيته الأحداث في خان يونس. وقُتلت الصحفية والمذيعة فداء شراب مع عائلتها في قصف استهدف منزلها في رفح في مارس/آذار. أما علاء مرتجى، المصور الصحفي المستقل، فقد قُتل أثناء توثيقه عمليات الإنقاذ في جباليا.

رحيل أنس الشريف وزملائه والأقواس تبقى مفتوحة

بعد أن استهدفت قوات الاحتلال عائلة الشهيد أنس الشريف في ديسمبر/كانون الأول 2023، بعد تلقيها تهديدات قبل قرابة شهر، انضم الشهيد إليهم اليوم، متعهداً أمام جموع المشيعين في جنازة صديقيه الصحفيين إسماعيل ورامي الرفاعي، بأن الصحفيين سيواصلون مسيرتهم وكشف كل جرائم قوات الاحتلال.

لكن الاحتلال لم يتركهم وشأنهم، بل سمح لهم بمواصلة دربهم الذي سلكوه هم ومن سبقوهم. وأعلن مكتب الإعلام الرسمي في غزة أسماء الصحفيين الذين اغتالتهم يد الغدر الإسرائيلي: أنس الشريف، ومحمد قريقع، وإبراهيم ظاهر، ومؤمن عليوة، ومحمد نوفل، وكانوا هدفًا.

وبحسب بيان صدر مساء اليوم عن مكتب الإعلام الرسمي في غزة، فإن مقتل الصحفيين الخمسة على يد قوات الاحتلال يرفع إلى 237 عدد الصحفيين الذين قتلتهم قوات الاحتلال منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، خلال الحرب الدائرة في قطاع غزة.

كان من بينهم مراسلون ومصورون ومحررون من وسائل إعلام محلية ودولية. وأصيب آخرون، بعضهم بإعاقات دائمة، واعتُقل آخرون وتعرضوا للتعذيب والمعاملة المهينة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.


شارك