ليست الأموال الساخنة.. لماذا قفز الجنيه لأعلى مستوى له أمام الدولار خلال عام؟

واصل سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار ارتفاعه خلال الشهر والنصف الماضيين، متجاوزاً توقعات السوق وسط زيادة تدفقات النقد الأجنبي من مصادر مختلفة.
ارتفع الجنيه بأكثر من 2% مقابل الدولار خلال الشهر والنصف الماضيين، مسجلاً أعلى مستوى له منذ عام. وفي تعاملات البنوك اليوم، بلغ سعر الشراء 48.44 جنيهًا، وسعر البيع 48.54 جنيهًا للدولار.
يأتي هذا في الوقت الذي ينتقد فيه بعض الاقتصاديين استمرار اعتماد البنوك على “الأموال الساخنة” – الاستثمار الأجنبي غير المباشر – لتعزيز قيمة الجنيه. ويخشون أن يُشكل سحب هذه الأموال خطرًا محتملًا على الجنيه، كما كان الحال في الماضي.
وأرجع مصرفيون، في تصريحات لايجي برس، ارتفاع قيمة الجنيه إلى زيادة تدفقات النقد الأجنبي تزامنا مع الموسم السياحي، فضلا عن زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج، والتي بلغت ذروتها خلال العطلة الصيفية.
ويأتي ذلك في وقت تستمر فيه الأموال ذات الفائدة في التدفق إلى البلاد، في حين يعتقد المستثمرون الأجانب بشكل متزايد في استقرار سعر صرف الجنيه المصري والعوائد الأعلى التي يقدمها مقارنة بالدولار، بحسب المصرفيين.
وفي أبريل/نيسان الماضي، هبط الجنيه المصري إلى أدنى مستوى قياسي له عند 51.7 جنيه مصري قبل أن يتعافى تحت ضغط نزوح جزئي للمستثمرين الأجانب من مصر، وهو ما ارتبط في ذلك الوقت بالمخاوف بشأن حرب التعريفات الجمركية التي شنها دونالد ترامب.
ويخضع سعر صرف الجنيه للعرض والطلب على العملات الأجنبية، دون تدخل من البنك المركزي، وفقاً لسياسة سعر الصرف التي ينتهجها منذ مارس/آذار 2024.
تحويلات المصريين
وارتفعت تحويلات المصريين العاملين في الخارج، والتي تعد مصدرا مهما للعملة الأجنبية، مرة أخرى خلال العطلة الصيفية حيث يقضي المصريون الصيف مع عائلاتهم.
انتعشت تحويلات المصريين العاملين بالخارج بعد إصلاحات مارس 2024 التي ساهمت في توحيد سعر الصرف والقضاء على السوق السوداء لتداول النقد الأجنبي.
أعلن البنك المركزي المصري، ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنسبة 69.6% إلى 32.8 مليار دولار خلال أول 11 شهراً من العام المالي 2024-2025، مقارنة بنحو 19.4 مليار دولار خلال الفترة المقابلة من العام الماضي.
السياحة
وتشهد السياحة ازدهاراً هذا الموسم، ما ساهم في تدفق العملات الأجنبية إلى البلاد وتعزيز قيمة الجنيه مقابل الدولار.
ارتفعت إيرادات السياحة بنسبة 15.4% في الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية 2024-2025، لتصل إلى حوالي 12.5 مليار دولار، مقارنة بنحو 10.9 مليار دولار في نفس الفترة من السنة المالية 2023-2024.
أموال ساخنة
زاد المستثمرون الأجانب من استثماراتهم في الجنيه المصري في ظل استقرار سعر الصرف وقوة الجنيه أمام الدولار والعوائد المرتفعة.
ويعد العائد المرتفع للجنيه المصري أحد العوامل التي تجذب المستثمرين الأجانب، خاصة في ظل السهولة التي يمكنهم بها الدخول والخروج من السوق بحرية.
وصل العائد على أذون الخزانة قصيرة الأجل المقومة بالجنيه المصري إلى نحو 22%، وهو أعلى عائد مقدم للودائع قصيرة الأجل.
أوصى بنك جولدمان ساكس، وهو بنك عالمي مقره الولايات المتحدة، المستثمرين الأجانب بشراء الجنيه المصري باعتباره استثمارا مربحا، زاعما أن الجنيه أقل من قيمته الحقيقية بنسبة 30% مقابل الدولار.
تمكنت مصر من جذب 25 مليار دولار من العملات الأجنبية في العام الأول من تحرير سعر الصرف، ليصل إجمالي احتياطياتها من النقد الأجنبي إلى ما يقرب من 38 مليار دولار بحلول نهاية مارس 2025.
وفي بيان حول توقعاته للنصف الثاني من عام 2025، توقع بنك ستاندرد تشارترد أن تؤدي التدفقات القوية من النقد الأجنبي من الاستثمارات في المحافظ والقطاع الرسمي إلى تعزيز الثقة في الجنيه المصري وأن تظل تجارة الفائدة على رأس أولويات المستثمرين، بدعم من نجاح اختبار قابلية تحويل النقد الأجنبي، بحسب البنك.