نائب مدير مكتب برنامج الأغذية العالمي لـ الشروق: نقص التمويل يهدد بوقف مساعداتنا للاجئين في مصر
لقد قدّمنا المساعدة لـ ٢٣٥ ألف لاجئ. في يونيو/حزيران الماضي، خفّضنا هذا العدد إلى ١٥٠ ألفًا.
500 ألف شخص في غزة مهددون بالمجاعة، و90 ألف امرأة وطفل يحتاجون إلى العلاج لحمايتهم من سوء التغذية.
على مدى السنوات الخمس الماضية، قمنا بتنفيذ مشاريع بملايين الدولارات في مصر ساهمت في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
من المقرر دعم 250 ألف مزارع من خلال الممارسات الصديقة للمناخ.
نحن نقدم التدريب المهني لـ 10 آلاف شاب ونخطط لتوفير وجبات مدرسية وحوافز مالية لـ 820 ألف طفل وأسرهم.
حذّرت روزالا فانيلي، نائبة مدير مكتب برنامج الأغذية العالمي في مصر، من احتمال توقف البرنامج كليًا عن تقديم المساعدات للاجئين والمتضررين من الأزمات في مصر، مشيرةً إلى قيود تمويلية غير مسبوقة وشديدة في ظل تزايد الاحتياجات الإنسانية الدولية. وأكدت فانيلي أن البرنامج يتطلب تمويلًا مباشرًا، وإلا فسيُضطر إلى خفض المساعدات، مما قد يؤدي إلى توقفها كليًا.
في مقابلة مع صحيفة الشروق قبل أيام، تحدثت فانيلي عن جهود البرنامج الدولي في مصر لدعم صغار المزارعين، وتمكين الشباب والنساء، وتعزيز التعليم. كما تحدثت عن الوضع الإنساني المتردي في قطاع غزة، في ظل نقص المساعدات المقدمة لسكانه.
عن نص الحوار:
ما الدعم الذي يقدمه البرنامج للاجئين في مصر؟ ما هي فجوة التمويل القائمة، وما أسبابها وآثارها؟ وكيف يُمكن مواجهة هذا التحدي؟
نواجه نقصًا غير مسبوق في التمويل. أسباب هذه الأزمة متعددة ودولية. فنظرًا لتزايد الاحتياجات الإنسانية والأزمات الدولية، تتراجع المساعدات، ولا تكفي الموارد الدولية لتلبية الاحتياجات الحالية. ويعاني برنامج الغذاء العالمي في مصر من نقص حاد في المساعدات المقدمة للاجئين والأشخاص الذين يعانون من الأزمات، مما يضطرنا إلى تقليص عدد المستفيدين من المساعدات وحجمها.
منذ يناير من العام الماضي، ساعدنا 235 ألف لاجئ وفرد، ولكن منذ أبريل، قلّصنا عدد المستفيدين من المساعدات الإنسانية والغذائية، وكذلك حجم المساعدات، إلى 150 ألفًا. في يونيو، كنا نقدّم مساعدة شهرية بقيمة 750 جنيهًا مصريًا، واليوم اضطررنا إلى خفضها إلى 500 جنيه مصري. ومع ذلك، نبذل قصارى جهدنا لتقديم المساعدة، ونشكر الحكومة المصرية على توفيرها مساحة للاجئين، وكذلك الدول المانحة. ولمعالجة هذه الأزمة، أطلقنا حملة “الآن، لا لاحقًا” للتوعية بضرورة تقديم المساعدات الإنسانية والإمدادات الغذائية، والآثار السلبية لنقص المساعدات، بما في ذلك تدهور الأمن الغذائي، والهجرة غير الشرعية، وتفاقم معاناة النساء والأطفال. نحن بحاجة إلى دعم مالي فوري، وإلا سنضطر إلى تقليص المساعدات وعدد الوافدين، بل قد يؤدي ذلك إلى توقفها تمامًا، وهو أصعب ما في الأمر.
نقدم مساعدات غذائية شهرية غير مشروطة للاجئين والمتضررين من الأزمات من تسع دول مختلفة. تُعطى الأولوية للفئات الأكثر احتياجًا، كالنساء والأطفال دون سن الثامنة عشرة وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم.
منذ بداية عام 2024، ساعد البرنامج حوالي 10 آلاف لاجئ ومتضرر من الأزمات، بالإضافة إلى المصريين من المجتمعات المضيفة، على تطوير مهاراتهم وبدء أعمالهم التجارية من خلال التدريب المهني، مما أدى إلى زيادة دخلهم مع ضمان أمنهم الغذائي.
ما هي الاستراتيجية التشغيلية التي يتبعها البرنامج في مصر؟ وما هي الجهات التي يتعاون معها لتحقيق رسالته؟
منذ عام 1968، تعاون البرنامج مع الحكومة المصرية وساهم في تحقيق أهداف التنمية من خلال التعاون في أنشطة مختلفة مع العديد من الوزارات، بما في ذلك وزارة الخارجية، ووزارة الزراعة، ووزارة التضامن، ووزارة التنمية المحلية، والوزارات الأخرى، والقطاع الخاص، والمنظمات غير الحكومية.
لدينا خطة خمسية تمتد من عام ٢٠٢٣ إلى عام ٢٠٢٨، ونعمل على مستويين: المساعدات الإنسانية (المباشرة) وتنمية المجتمع لتحقيق الأمن الغذائي (على المدى البعيد). نقدم للاجئين أو المتضررين من الأزمات مساعدات غذائية عامة وغير مشروطة عبر بطاقة غذائية شهرية طارئة، بالإضافة إلى مساعدات غذائية للنساء الحوامل والمرضعات والأطفال دون سن الثانية.
نُقدّر التماسك الاجتماعي، ونُقدّم تدريبًا مهنيًا وتوجيهًا وقروضًا للتبادل الثقافي للاجئين والمجتمعات المصرية المُضيفة. نُقدّم 32 دورة تدريبية في التسويق الإلكتروني، والتصميم، والكهرباء، وصيانة الحاسوب، وصناعة الحلويات، وتصفيف الشعر، وغيرها. على مدى السنوات الخمس الماضية، نفذ البرنامج مشاريع بملايين الدولارات ساهمت في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2 و17 من خلال تعزيز النظم الغذائية، وزيادة الإنتاج الزراعي، وخلق فرص العمل، وتمكين المجتمعات الأكثر ضعفاً.
ما هي شراكة البرنامج مع الحكومة المصرية في دعم صغار المزارعين؟
خلال الخطة الخمسية، دعم البرنامج 250 ألف مزارع من أصحاب الحيازات الصغيرة من خلال ممارسات زراعية ذكية مناخيًا، مما أدى إلى زيادة الإنتاج والدخل من خلال تحسين استخدام الأراضي والمياه. وقد أدى هذا الدعم إلى زيادة الإنتاج بنسبة تصل إلى 40%، مما حسّن الأمن الغذائي بشكل ملحوظ. كما نعمل مع المزارع المحلية لتركيب أنظمة الطاقة الشمسية، ومع شركاء مصريين لتطبيق أنظمة الري الحديثة.
ما هو دور البرنامج في تمكين الشباب والحد من البطالة؟
نصل إلى حوالي 10,000 شاب وشابة من خلال التدريب المهني، والتوظيف، أو الدعم في تأسيس مشاريعهم الخاصة. للشباب الذين تبلغ أعمارهم 18 عامًا فأكثر، نقدم لهم التدريب المهني، والتوجيه، والتمويل الصغير لتنمية مهاراتهم وتوفير فرص عمل. كما نعمل مع الشباب من المجتمعات المحرومة في مشاريع لتحسين الدخل والأمن الغذائي. كما نوفر فرص عمل في مجال الاقتصاد الأخضر.
ماذا عن دعم البرنامج لجهود الحكومة المصرية لتمكين المرأة، وخاصة في المجتمعات الريفية؟
في المجتمعات الريفية، نقدم التدريب المهني والتوجيه والتمويل متناهي الصغر. وقد أنشأت النساء مشاريع لإنتاج مخبوزات البط والمعجنات والحلويات، مما زاد دخلهن وعزز أمنهن الغذائي. ونفذنا برنامج “هي تستطيع”، الذي ساعد آلاف النساء في المناطق الريفية وصعيد مصر على تحسين مهاراتهن من خلال التطوير الشخصي والمهني. وحصلت العديد منهن على قروض متناهي الصغر ونفذن مشاريع ناجحة. وقد زاد البرنامج دخلهن بنسبة 30% إلى 50%.
ما هو الدور الذي يلعبه البرنامج في دعم السجلات التعليمية؟
نعمل مع وزارة التربية والتعليم المصرية لتوفير الطعام للمدارس المجتمعية، وبسكويت التمر، والدعم المالي لأسر الأطفال. ونخطط لتوفير وجبات مدرسية وحوافز مالية لـ 820 ألف طفل وأسرهم لتشجيع الحضور المدرسي، والحد من التسرب، وتحسين تعليم الفتيات، وتحسين التغذية. كما نعمل على توفير أدوات التعلم الرقمي، مثل الشاشات الذكية والأجهزة اللوحية، وربط المدارس بالإنترنت، بما يتيح لأطفال المدارس المجتمعية فرصًا تعليمية أفضل.
إلى أي مدى يساهم البرنامج في تعزيز جهود الدولة لمكافحة سوء التغذية وتأخر النمو؟
نعمل ضمن برنامج “ألف يوم”، حيث نقدم مساعدات غذائية للنساء الحوامل والأطفال دون سن الثانية. يركز البرنامج على الألف يوم الأولى من حياة الإنسان. كما نقدم مساعدات غذائية وننظم فعاليات تثقيفية لتثقيف الناس بأهمية التغذية في حياة الإنسان.
نقدم دعمًا ماليًا لأكثر من 70,000 امرأة حامل ومرضعة شهريًا. كما نعمل مع الحكومة المصرية على برنامج لتحسين جودة الخبز البلدي المدعم. ونوفر الفيتامينات للمطاحن لإضافة الحديد وحمض الفوليك إلى الخبز. وندعم أيضًا برامج وطنية مثل تكافل وكرامة و100 مليون صحة، مما يُفيد عشرات الآلاف من النساء الحوامل والمرضعات. ونشارك أيضًا في مبادرات وطنية مثل البرنامج الوطني للوقاية من التقزم وسوء التغذية.
ما هو الدور الذي يلعبه البرنامج في دعم الفلسطينيين في قطاع غزة، خاصة في الوقت الذي يعاني فيه القطاع الفلسطيني من المجاعة؟
نشكر مصر على مساعدتها الفعّالة، التي تُمكّننا، بالتعاون مع الهلال الأحمر المصري، من إرسال مساعدات إنسانية إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم. غزة مُهدّدة بالمجاعة، إذ بلغ استهلاك الغذاء ومؤشرات التغذية أدنى مستوياتها منذ بداية الصراع.
أكثر من ثلث السكان (39%) يضطرون للبقاء بلا طعام لأيام. ويعاني أكثر من 500 ألف شخص، أي ما يقرب من ربع سكان غزة، من ظروف أشبه بالمجاعة، ويحتاج حوالي 90 ألف امرأة وطفل إلى علاج عاجل لإنقاذ حياتهم من سوء التغذية.
منذ إعادة فتح المعابر الحدودية في 21 مايو/أيار، أرسلنا أكثر من 1800 شاحنة لتوصيل الغذاء إلى السكان المدنيين الجائعين في قطاع غزة. إلا أن هذا الكم لا يمثل سوى جزء ضئيل مما يحتاجه أكثر من مليوني شخص للبقاء على قيد الحياة. في إطار البرنامج، يصل إلى المنطقة أو في طريقه إليها أكثر من 170 ألف طن من الغذاء. وهذا يكفي لإطعام سكان قطاع غزة بالكامل، أي 2.1 مليون نسمة، لمدة ثلاثة أشهر تقريبًا. لقد سمح لنا وقف إطلاق النار السابق بإيصال 8000 شاحنة محملة بالمساعدات خلال 42 يومًا. ونحن مستعدون لتوسيع عملياتنا وإيصال مساعدات منقذة للحياة مباشرةً إلى الأسر الأكثر ضعفًا واحتياجًا. ندعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، فهذه هي الطريقة الوحيدة لإيصال المساعدات.
وأخيرًا، هل لديك أي رسالة أخيرة ترغب في مشاركتها معنا؟
الفجوة التمويلية الحالية كبيرة. نشكر الحكومة المصرية على دعمها، وكذلك شركائنا المانحين والقطاع الخاص. ننفذ برامج بملايين الدولارات في مصر، ونعتزم مواصلة جهودنا لما فيه خير المجتمع المصري، والمرأة والشباب وأطفال المدارس.