البلاستيك يهدد الصحة والكوكب.. مفاوضات دولية في جنيف لإنقاذ العالم‎ من كارثة

منذ 4 ساعات
البلاستيك يهدد الصحة والكوكب.. مفاوضات دولية في جنيف لإنقاذ العالم‎ من كارثة

يشهد العالم حاليًا أزمة بلاستيكية حادة، تساهم في تغير المناخ والتلوث وتدمير التنوع البيولوجي، وتتفاقم بسبب التهديدات المتزايدة التي يواجهها كوكبنا اليوم.

ستبدأ الجولة النهائية من المفاوضات لصياغة معاهدة دولية للحد من التلوث البلاستيكي في جنيف بسويسرا، في الفترة من 5 إلى 14 أغسطس/آب. وتهدف هذه المعاهدة إلى التوصل إلى اتفاق لإنهاء التلوث البلاستيكي بعد تعثر المفاوضات نهاية العام الماضي.

وقد تشمل هذه المفاوضات فرض قيود قانونية على إنتاج البلاستيك، وحظر فئات كاملة من المواد الكيميائية السامة، وإنشاء آليات مالية لمساعدة البلدان الفقيرة على التكيف مع المشاكل البيئية ومعالجتها.

البلاستيك يهدد الحياة من الطفولة إلى الشيخوخة

بالتزامن مع هذه التطورات، أصدرت مجلة “ذا لانسيت” الطبية البريطانية تحذيرًا شديد اللهجة يوم الاثنين من مخاطر البلاستيك، واصفةً إياه بتهديد حقيقي يُضاهي تغير المناخ. يُسبب البلاستيك الأمراض والوفيات من الطفولة إلى الشيخوخة، ويُكلف ما يصل إلى 1.5 تريليون دولار سنويًا (تقديرات أخرى تُشير إلى حوالي 2.3 تريليون دولار).

ذكرت المجلة أن البلاستيك يُشكل تهديدًا متزايدًا لصحة الإنسان والكوكب، مؤكدةً أن هذه المخاطر لا تزال غير مفهومة أو مُدركة تمامًا. ولهذا السبب، أطلقت المجلة نظامًا عالميًا لرصد البلاستيك لتتبع التقدم المُحرز في الحد من التعرض للمواد البلاستيكية الضارة.

وأظهرت الدراسات أن أغلب المواد الكيميائية البلاستيكية الشائعة تم العثور عليها في أجسام عدد كبير من الأشخاص الذين تم اختبارهم، بما في ذلك الأطفال حديثي الولادة والنساء الحوامل.

وأظهرت التحليلات الحديثة أيضًا وجود جزيئات بلاستيكية دقيقة ونانوية في العينات البيولوجية البشرية مثل الدم وحليب الأم والكبد والكلى والقولون والمشيمة والرئتين والطحال وحتى الدماغ والقلب.

أرقام صادمة عن إنتاج البلاستيك والتلوث البيئي

وأشارت المجلة إلى أنه في عام 1950، لم ينتج العالم سوى حوالي مليوني طن من البلاستيك، لكن الإنتاج السنوي اليوم يبلغ بالفعل 475 مليون طن، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم بحلول عام 2060. علاوة على ذلك، فإن حوالي ثمانية تريليونات طن من البلاستيك تلوث الكوكب حاليًا، ويتم إعادة تدوير أقل من 10% من هذه الكمية عالميًا.

لماذا نحتاج إلى اتفاقية دولية بشأن البلاستيك؟

التلوث البلاستيكي أزمة عالمية لا يمكن لأي دولة معالجتها بمفردها. لذا، يجب أن يكون الحل عالميًا. ووفقًا لشركة الاستشارات البيئية “أونوميا”، يهيمن عدد قليل من الدول على إنتاج البلاستيك. تنتج سبع دول فقط ثلثي البلاستيك في العالم، تتصدرها الصين والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.

وأظهرت بيانات وكالة الطاقة وود ماكنزي أيضًا أن عددًا محدودًا من الشركات يسيطر على الإنتاج العالمي للبلاستيك، وأبرزها سينوبك، وإكسون موبيل، وليونديل باسل، وأرامكو السعودية، وبتروتشاينا.

يؤدي تزايد التلوث البلاستيكي إلى أضرار بيئية وصحية واقتصادية كبيرة ويؤثر سلبًا على الجهود المبذولة لتحقيق التنمية المستدامة.

وفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتلوث البلاستيك (UNEP)، سيتضاعف إنتاج البلاستيك ثلاث مرات تقريبًا إذا لم تُتخذ إجراءات حاسمة. وتسعى الدول جاهدةً إلى إبرام معاهدة دولية على غرار اتفاقية باريس للمناخ، تنص على عقد مؤتمرات دورية لمراقبة التنفيذ وتقييم الأداء.

هل ستنجح المفاوضات؟

السؤال الرئيسي هو ما إذا كان ينبغي للمعاهدة أن تلزم الدول بتقليص إنتاج البلاستيك وحظر المواد الكيميائية الضارة، أو ما إذا كان ينبغي أن تقتصر على الحد من النفايات البلاستيكية.

منذ عام ٢٠٢٢، تتفاوض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على خطة شاملة لمعالجة مشكلة البلاستيك في جميع مراحل دورة حياته، من الإنتاج إلى التخلص منه. ومع ذلك، تواجه بعض الدول المنتجة للبلاستيك، وأبرزها الولايات المتحدة، مقاومة شديدة من قِبَل هذه الدول، التي تعارض قيود الإنتاج وتفضل التركيز حصريًا على إدارة النفايات.

وبحسب وكالة رويترز، أرسلت الولايات المتحدة خطابات إلى عدة دول تحثها على رفض فكرة التوصل إلى اتفاق ملزم لتقليص إنتاج أو حظر بعض أنواع البلاستيك السامة.

في المقابل، تقود دولٌ مثل أستراليا، وأكثر من 100 دولة أخرى، الطريق نحو معاهدة طموحة وملزمة قانونًا لإنهاء التلوث البلاستيكي. وصرح وزير البيئة الأسترالي موراي وات يوم الأربعاء:

“نحن عازمون على إبرام اتفاقية فعالة وذات مغزى لتحقيق هدفنا المتمثل في إنهاء التلوث البلاستيكي بحلول عام 2040.”

مع ذلك، يتطلب تحقيق هذه الأهداف الطموحة استثمارات ضخمة في إدارة النفايات والبنية التحتية لإعادة التدوير، مما قد يُثقل كاهل الدول النامية. ورغم الخلافات حول خفض الإنتاج، هناك اتفاق عام على أهمية تحسين تصميم المنتجات البلاستيكية وتشجيع إعادة التدوير. ويبقى الهدف النهائي التوصل إلى معاهدة ملزمة تحمي صحة الإنسان وكوكب الأرض من كارثة وشيكة.


شارك