بمليارات الدولارات.. رسوم ترامب تهدد اقتصاد إسرائيل
وقد تؤدي الرسوم الجمركية الجديدة إلى خفض الصادرات الإسرائيلية إلى الولايات المتحدة بما يتراوح بين 2 إلى 4 مليارات دولار سنويا.
ومن المتوقع أن تخسر إسرائيل بسبب التعريفات الجمركية الجديدة ما بين 20 ألفاً و33 ألف وظيفة في عدة قطاعات.
ولن يقتصر تأثير القرار على الصادرات فحسب، بل سينعكس أيضا على الميزانية الإجمالية.
تتعرض إسرائيل لضغوط اقتصادية بعد دخول قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 15% على الواردات الإسرائيلية إلى الولايات المتحدة حيز التنفيذ يوم الخميس. وفي وقت سابق، صدرت تحذيرات من آثار جسيمة على الصادرات والوظائف وإيرادات الضرائب.
وذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل يوم الأربعاء أن الخطوة الأميركية، التي تعد جزءا من سياسة جديدة لإعادة تشكيل التجارة العالمية لصالح الشركات الأميركية، من شأنها أن تنهي فعليا الامتيازات التي تمتعت بها إسرائيل لعقود بموجب اتفاقية التجارة الحرة مع واشنطن.
دخلت اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل حيز التنفيذ في عام 1985 وكانت اتفاقية التجارة الحرة الأولى للولايات المتحدة.
وتعد إسرائيل أكبر شريك تجاري لواشنطن في المنطقة، حيث سيصل حجم التجارة بينهما إلى 37 مليار دولار في عام 2024، كما أن جميع الصادرات الأميركية إلى إسرائيل معفاة من الرسوم الجمركية.
الخسائر الاقتصادية
ونقلت الصحيفة عن اتحاد المصنعين الإسرائيليين قوله إن الرسوم الجمركية الجديدة قد تؤدي إلى انخفاض سنوي في الصادرات الإسرائيلية إلى الولايات المتحدة بما يتراوح بين مليارين وأربعة مليارات دولار.
وأشار الاتحاد أيضا إلى أن التعريفات الجديدة قد تؤدي إلى فقدان ما بين 20 ألفاً إلى 33 ألف وظيفة في عدة قطاعات، خاصة إذا شملت التعريفات أيضا المنتجات الصيدلانية ومكونات أشباه الموصلات، والتي كانت معفاة في السابق من التعريفات.
قال رون تومر، رئيس الجمعية، للصحيفة: “بينما نواجه نفس وضع الدول الأخرى، فقدنا الميزة التي منحتنا إياها اتفاقية التجارة الحرة. لولا هذه الميزة النسبية، لكانت مبيعاتنا قد انخفضت بالتأكيد”.
وأشار إلى أن العديد من المصدرين كانوا يأملون في فرض رسوم جمركية بنسبة 10%، مما كان سيسمح بتقاسم التكاليف مع العملاء الأمريكيين. لكن مع فرض رسوم جمركية بنسبة 15%، سيكون هذا الأمر “أكثر صعوبة”.
وأوضح تومر أن المصدرين أصبح لديهم خياران: إما رفع الأسعار وبالتالي خسارة القدرة التنافسية، أو خفضها للحفاظ على حجم المبيعات، ولو مع هامش ربح يقترب من الصفر.
وبحسب تومر، فإن الشركات الكبرى قد تنقل بعض مراكز إنتاجها إلى الولايات المتحدة.
وفي أبريل/نيسان الماضي، أعلن ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 17% على البضائع الإسرائيلية، لكنه علق القرار لمدة 90 يوما للسماح بالمفاوضات.
قبل يوم واحد من إعلان ترامب، أعلنت تل أبيب أنها سترفع جميع الرسوم الجمركية المتبقية على وارداتها من الولايات المتحدة. كانت هذه “ضربة استباقية” لتجنب أو تخفيض الرسوم الأمريكية الجديدة. إلا أن هذه المحاولة باءت بالفشل.
انخفاض عائدات الضرائب
وأشارت الصحيفة إلى أن تأثير القرار لن يقتصر على الصادرات، بل سيؤثر على الميزانية العامة أيضاً.
وقال كوبي زليخة، الشريك الإداري في شركة مور إسرائيل للمحاسبة، إن بعض الشركات تدرس بالفعل استراتيجيات لتحويل الأرباح إلى فروعها في الولايات المتحدة، وهو ما من شأنه أن يؤثر سلبا على عائدات الضرائب المحلية.
وقالت زليخة لصحيفة تايمز أوف إسرائيل إن انخفاض أسعار السلع الأساسية بنسبة واحد في المائة قد يؤدي إلى انخفاض سنوي في عائدات ضريبة الشركات في الولاية بنحو 170 مليون دولار.
وبحسب التقرير الصحفي، فإنه باستثناء البرمجيات، فإن صادرات الأسلحة الإسرائيلية، التي تمثل نحو 7.5% من إجمالي صادرات إسرائيل، سوف تتأثر أيضاً.
وأشارت الصحيفة أيضًا إلى أن صادرات التكنولوجيا، التي تُمثل 53% من إجمالي الصادرات، لن تتأثر بشكل كبير، إذ إن 70% منها خدمات لا تُطبق عليها الرسوم الجمركية الأمريكية. وأضافت أن نسبة الـ 30% المتبقية، بما في ذلك المعدات والأجهزة الصناعية، ستتأثر بالرسوم الجمركية الجديدة.
العزلة الاقتصادية
وذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل أن هذه التطورات تأتي في وقت تواجه فيه إسرائيل مقاطعات متزايدة وانتقادات دولية بسبب حرب الإبادة التي شنتها على قطاع غزة منذ 22 شهرا.
وقال تومر في تصريح صحفي إن “هذه الرسوم الجمركية تأتي في وقت حساس للغاية، إذ تستمر الحرب في غزة منذ أكثر من 22 شهراً، وتتزايد الدعوات إلى المقاطعة، كما تم تعليق بعض اتفاقيات التجارة الحرة”.
وفي مايو/أيار الماضي، أعلنت بريطانيا وقف المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة الجديدة مع إسرائيل وهددت باتخاذ “خطوات أخرى” بسبب “تدهور الوضع” في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي الشهر نفسه، وبناء على اقتراح من هولندا، بدأ الاتحاد الأوروبي مراجعة اتفاقية الشراكة مع إسرائيل بشرط “احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي”.
في 23 يونيو/حزيران، صرحت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي كايا كلاس، عقب مراجعتها لاتفاقية الشراكة مع إسرائيل: “إن المراجعة واضحة للغاية: يتعين علينا تحسين الوضع (في غزة)، وإسرائيل تنتهك المادة 2 (بند حقوق الإنسان)”.
دخلت اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل حيز التنفيذ عام ٢٠٠٠، وهي تُوفر الإطار القانوني للحوار السياسي والتعاون الاقتصادي بين الطرفين. وتنص الاتفاقية على أن الشراكة، التي تمنح إسرائيل امتيازات تجارية، مشروطة بـ”احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي”.
منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل، بدعم أمريكي، مجزرة إبادة جماعية في قطاع غزة. قُتل 61,158 شخصًا وجُرح 151,442 آخرون، معظمهم من الأطفال والنساء. في الوقت نفسه، قتل الجيش الإسرائيلي والمستوطنون في الضفة الغربية ما لا يقل عن 1,013 فلسطينيًا.
وتابع تومر: “نظراً لتغير المزاج تجاهنا، أصبحت الصادرات الإسرائيلية إلى الولايات المتحدة أكثر صعوبة، وخاصة في أوروبا”.
وبحسب بيانات التجارة الأميركية، بلغ حجم التجارة بين إسرائيل والولايات المتحدة في عام 2024 نحو 37 مليار دولار، بما في ذلك 22.2 مليار دولار من الصادرات الإسرائيلية، بما في ذلك الماس والأغذية والمعدات الطبية والإلكترونيات.
في المقابل، بلغت الصادرات الأميركية إلى إسرائيل 14.8 مليار دولار، مع عجز تجاري بلغ 7.4 مليار دولار.