غزة تموت جوعا: من التكيات إلى الرمال وعلف الحيوانات.. رحلة الموت تحت الحصار

منذ 3 ساعات
غزة تموت جوعا: من التكيات إلى الرمال وعلف الحيوانات.. رحلة الموت تحت الحصار

تستمر معاناة سكان قطاع غزة بعد مرور ما يقرب من عامين على بدء جيش الاحتلال الإسرائيلي حربه على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023. ووفقًا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد قُتل ما يقرب من 62000 فلسطيني وجُرح ما يقرب من 160000. ويحاصر جيش الاحتلال قطاع غزة منذ 22 شهرًا، ويمنع دخول الغذاء والدواء والوقود – إلا في حدود ضيقة جدًا لا تكفي حتى نصف سكان قطاع غزة. علاوة على ذلك، يتعرض السكان للنهب والسرقة، واختفاء التكيات (المطاعم التي كانت تقدم الطعام مجانًا للسكان)، وبيع المواد الغذائية بأسعار باهظة تتجاوز الإمكانيات المالية لسكان قطاع غزة. كل هذا أدى إلى موت السكان جوعًا. ووفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة، فقد مات حوالي 180 فلسطينيًا جوعًا حتى الموت، من بينهم 93 طفلاً.

وهذا يطرح السؤال: ما هي رحلة معاناة السكان منذ بداية الحرب وحتى مجاعة الاحتلال الإسرائيلي؟ يجيب التقرير التالي على هذا السؤال استنادًا إلى تصريحات سكان ونشطاء في غزة نُشرت على مواقعهم الإلكترونية.

تم إغلاق المنظمات الخيرية.

مع بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ظهرت مطابخ خيرية كمبادرة شبابية لمساعدة العائلات التي تعاني من نقص الغذاء. طهوا وجبات الطعام ووزعوها على السكان. في البداية، كانت كل عائلة تقدم وجبة واحدة فقط لتلبية احتياجات أكبر عدد ممكن من سكان الحي.

أدت هجمات قوات الاحتلال الإسرائيلي على ما يقرب من 60 كوخًا، بالإضافة إلى نقص الغذاء في قطاع غزة، إلى جعل معظم هذه الأكواخ غير صالحة للاستخدام. اعتمدت العديد من العائلات الفلسطينية على هذه الأكواخ لتوفير وجبة طعام واحدة على الأقل لأنفسهم ولأطفالهم.

-ابدأ بوجبة واحدة يوميًا.

قبل استنفاد جميع الإمدادات الغذائية في قطاع غزة، كان السكان حريصين على ترشيد استهلاكهم من خلال تناول وجبة واحدة فقط في اليوم، تتراوح من الأرز الأبيض وحساء العدس إلى الفاصوليا البيضاء أو الخطمي.

كما لجأت بعض العائلات إلى إضافة الزعتر والدقة إلى الفاصوليا والمعلبات قبل نفادها.

-بقايا جيش الاحتلال

وأفاد بعض السكان أنهم فور خروجهم من منازلهم توجهوا إلى مقر الجيش الإسرائيلي القريب للبحث عن بقايا الطعام، مثل التونة المعلبة والخبز، لإطعام أنفسهم وأطفالهم.

-الخبز المصنوع من علف الحيوانات

وثّق ناشط فلسطيني في شمال قطاع غزة عملية صنع الخبز بطحن علف الحيوانات مع إضافة الماء والدهون. تزامن ذلك مع نفاد المواد الغذائية الأساسية في قطاع غزة، بما في ذلك الخبز والدقيق. وقال: “لا يُصدّقنا الناس عندما نقول لهم إننا نأكل علف الحيوانات. لذلك قررتُ توثيق هذا الفيديو”.

يتم طحن رمال غزة باستخدام الطاقة الشمسية.

وثّقت ناشطة في قطاع غزة مقطع فيديو لنفسها وهي تتناول طبقًا يُسمى “رمل غزة”. قد يظنه البعض رملًا حقيقيًا، لكنه في الحقيقة دقيق يُصنع بتحميص حبوب جافة كالقمح والعدس، ثم تتبيله بتوابل كالفلفل الأحمر والزعتر المجفف والسماق والملح. وأضافت أنها تأخذ هذا الخليط إلى المطحنة، التي تبعد حوالي ساعة، وتطحن مكوناته بالطاقة الشمسية نظرًا لانقطاع الكهرباء.

-أسعار المواد الغذائية الفلكية

في فبراير 2024 وصل سعر بعض الخضراوات إلى 10 دولارات للكيلوغرام ووصل سعر الكيلوغرام الواحد من اللحوم إلى 80 دولاراً.

وبحسب أحد بائعي الخضار في قطاع غزة، ارتفعت هذه الأسعار بسرعة في أغسطس/آب من ذلك العام، حيث تراوح سعر الكيلوغرام الواحد من الخضار بين 50 و80 دولاراً.

مؤخرًا، وصل سعر كيس الدقيق إلى 100 دولار، بينما وصل سعر السمك إلى 35 دولارًا. ويعود ذلك إلى صعوبة الصيد وتعرض الصيادين لاعتداءات قوات الاحتلال. في الوقت نفسه، لا تتوفر اللحوم في المتاجر.

مؤسسة غزة الإنسانية: الموت من أجل كيس دقيق

بعد عام، في فبراير/شباط 2025، منعت إسرائيل شحنات المساعدات البرية إلى قطاع غزة. وتأسست بعد ذلك مؤسسة غزة الإنسانية، التي تديرها الولايات المتحدة وإسرائيل بشكل مشترك. ونظرًا لبعد نقاط التوزيع، فإن الحصول على الغذاء عبر هذه المؤسسة أمر صعب ومحفوف بالمخاطر. إذ يتعين على كل فرد من أفراد الأسرة السير عشرات الكيلومترات للوصول إلى أقرب نقطة توزيع لمخيمه، ثم الوقوف في طوابير طويلة للحصول على كيس دقيق. وكثيرًا ما تهاجم القوات الإسرائيلية أعدادًا كبيرة من الناس. ووفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة، قُتل أكثر من 1516 فلسطينيًا وجُرح أكثر من 10,000 نتيجة قصف الجيش الإسرائيلي لمراكز توزيع المساعدات.

وعبّر أحد السكان عن ذلك على النحو التالي: “نذهب إلى مراكز الإغاثة لنحضر كيساً من الدقيق الأبيض، أو نعود ملفوفين بكفن أبيض”.

مع تفاقم المجاعة في قطاع غزة بسبب الهجمات التي تشنها مؤسسة غزة الإنسانية على الفلسطينيين وتوفر الغذاء في الأسواق بأسعار باهظة، يضطر الفلسطينيون في قطاع غزة الآن إلى استهلاك عدد لا يحصى من الوجبات التي لا يمكن تصورها.

الدقيق الملقى على الأرض

ويقوم السكان بجمع الدقيق المنسكب من الأكياس بالقرب من مراكز المساعدات والمختلط بالرمل ويستخدمونه في صنع الخبز، على الرغم من أنه تعفن بسبب البكتيريا.

خبز متعفن

قالت امرأة في قطاع غزة إنها وعائلتها يأكلون خبزاً متعفناً مرشوشاً بقليل من الملح ليصبح صالحاً للأكل، لأنهم لم يكن لديهم بديل.

خبز العدس

أوضحت امرأة حامل في قطاع غزة أنها لا تجد ما يسد جوعها إلا خبز العدس مع شوربة العدس. وأضافت أن هذه الوجبة صعبة الهضم وتسبب الغثيان وحرقة المعدة، لكنها مضطرة لتناولها لتتمكن من مواصلة حملها دون تعب.

-الأعشاب والأوراق

أفاد أحد السكان المحليين أنه وعائلته يأكلون أوراق الشجر والأعشاب المغلية بسبب حصار الاحتلال الإسرائيلي وإغلاق المعابر ونقص الطعام. وأشار إلى أن طعمها، وإن كان مرًا للغاية، إلا أنه أفضل من الموت جوعًا.

-الأرز الخام

لا يجد سكان قطاع غزة ما يأكلونه، وحتى لو وجدوه، فليس لديهم وقود للطهي ولا ماء للغسيل. وبحسب إحدى النساء في قطاع غزة، فإنهم يأكلون الأرز النيء الرملي بعد طحنه للبقاء على قيد الحياة وتجنب المجاعة.

-المياه الملوثة

الشيء الوحيد المتبقي لسكان قطاع غزة للبقاء على قيد الحياة هو الماء، لأطول فترة ممكنة، على الرغم من تلوثه بسبب إغلاق محطات تحلية المياه بسبب نقص الوقود.

-أداء

من أغرب شهادات سكان غزة ما روته امرأة. روت كيف أرادت شراء كيس دقيق، فعُرض عليها مقابل 100 دولار. قالت: “لم أستطع شراءه لأني لم أكن أملك المال. فظننت أنني أكلت وشبعت، وحمدت الله”.

-قمامة وأظهر مقطع فيديو وثقه أحد الناشطين في قطاع غزة، بعض الأطفال وهم يبحثون في حاويات القمامة عن بقايا الطعام لإشباع جوعهم.

-رمل

يُظهر مقطع فيديو طفلاً في قطاع غزة يبكي من الجوع، ويضع حفنة من الرمل في فمه، ويقول: “نأكل الرمل لأننا لا نجد دقيقًا أو خبزًا بـ 100 شيكل. نريد دقيقًا. عيب عليكم. ارحمونا”.


شارك