المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: خطة إسرائيل لاحتلال قطاع غزة تنذر بمذابح جماعية

حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من أن أي تصعيد إضافي للهجمات العسكرية الإسرائيلية، وخاصة الهجمات البرية، على قطاع غزة من شأنه أن يؤدي إلى عمليات قتل جماعي غير مسبوقة للمدنيين وتدمير جهود المساعدات الإنسانية المتبقية بشكل كامل، والتي تعثرت بالفعل.
أعلن في بيان على موقعه الرسمي صباح الثلاثاء: “إذا نُفِّذ هذا التصعيد فعلاً، فسيكون فصلاً غير مسبوق في الإبادة الجماعية الإسرائيلية، التي تُرتكب تحت سمع وبصر المجتمع الدولي، الذي لا يزال يوفر الحماية السياسية والمالية والعسكرية لمرتكبيها”. وأضاف: “وهكذا، فإن المجازر الوشيكة هي أفعال مُعلنة وليست تطورات مفاجئة على الأرض، بل هي نتيجة مُدبَّرة لسياسة رسمية وعامة يتحمل المجتمع الدولي، بصمته وتقاعسه، وبالتواطؤ المباشر من العديد من الدول، مسؤوليتها الكاملة”.
صرح بوجود مؤشرات قوية على نية الحكومة الإسرائيلية تصعيد الإبادة الجماعية والسعي إلى احتلال عسكري شامل لقطاع غزة. وخلال الأسبوع الماضي، تكثفت التحركات السياسية والعسكرية بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وفي جلسات مغلقة، طُرح خيار الغزو الشامل والاحتلال الكامل لقطاع غزة بشكل صريح. كما يناقش مجلس الوزراء الأمني الخطوات اللازمة للتحضير لهذه العملية.
وتشير المعطيات إلى أن نتنياهو صادق على الإطار العام للخطة التي تهدف إلى السيطرة على كافة مناطق قطاع غزة بالقوة.
قال إن هذا التصعيد العسكري المُخطط له ينتهك القانون الدولي، ولا سيما قواعد القانون الإنساني الدولي واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. ويأتي ذلك بعد أشهر من حشر أكثر من مليوني فلسطيني في أقل من 15% من مساحة قطاع غزة، والتدمير الممنهج لمعظم المنازل، وتدمير نحو 84% من المستشفيات والمرافق الصحية، وانهيار أكثر من 95% من شبكات المياه والصرف الصحي، وإغلاق جميع المدارس. ويمثل هذا استراتيجية متعمدة قائمة على فرض ظروف معيشية قسرية، وتهدف إلى إبادة السكان الفلسطينيين في قطاع غزة كمجموعة وطنية محمية، كجزء من نمط سلوكي يُمثل إبادة جماعية.
وذكر أن تقييم فرقه الميدانية يُظهر أن قطاع غزة يشهد حاليًا أسوأ مرحلة انهيار إنساني منذ بدء الإبادة الجماعية في أكتوبر/تشرين الأول 2023. فقد نزح أكثر من 90% من السكان قسرًا بين المناطق المدمرة داخل القطاع في موجات نزوح متكررة ناجمة عن القصف والدمار. في غضون ذلك، اشتدت المجاعة لدرجة أنها أودت بحياة المئات. ويعاني جميع السكان الآن من انعدام الأمن الغذائي، بينما انهار النظام الصحي بشكل شبه كامل تحت وطأة الضغط الهائل ونفاد الأدوية والمستلزمات الأساسية.
أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن خطة إسرائيل لتصعيد العمليات العسكرية تعكس مستوى خطيرًا من الوحشية، وتُوسّع نطاق إفلات إسرائيل من العقاب وحصانتها. على مدار الاثنين والعشرين شهرًا الماضية، ارتكبت القوات الإسرائيلية جرائم جسيمة بحق المدنيين الفلسطينيين، حرمتهم بشكل ممنهج من إنسانيتهم. في الوقت نفسه، بلغ قطاع غزة مستويات غير مسبوقة من الدمار. إن الدعم السياسي والعسكري غير المشروط من الولايات المتحدة، والتواطؤ الدولي المستمر، يسمحان باستمرار هذه الجرائم دون محاسبة.
وأشار إلى أن قطاع غزة أصبح الآن أكثر مناطق العالم كثافة سكانية. يعيش حوالي 2.3 مليون نسمة في مساحة لا تتجاوز 55 كيلومترًا مربعًا، دون بنية تحتية أو أي شكل من أشكال الحماية. أي هجوم بري جديد في هذا السياق سيؤدي حتمًا إلى خسائر بشرية غير مسبوقة، لا سيما بين النساء والأطفال، الذين يشكلون غالبًا أكثر من 70% من ضحايا المجازر الإسرائيلية. وهذا يُعادل القتل الجماعي في مساحة ضيقة لا يستطيع المدنيون الفرار منها.
وجد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أنه منذ 26 يوليو/تموز، دأبت إسرائيل على مناورة خادعة لتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة من خلال الدعاية الكاذبة، مع إبقاء الحصار وتجويع السكان. لا تغطي المساعدات الإنسانية الواردة أكثر من 15% من الاحتياجات الأساسية. وتُستغل هذه الزيادة الظاهرة لتهدئة الرأي العام العالمي وتخفيف الضغوط الدولية المتعلقة بجريمة التجويع. والخطر الأكبر هو أن تُستخدم هذه الخطوة كغطاء لتصعيد جريمة الإبادة الجماعية والسيطرة العسكرية الكاملة على قطاع غزة. ويتحقق ذلك من خلال حشر السكان في معسكرات الاعتقال والترحيل الجماعي تمهيدًا لتهجيرهم القسري والتحول الجغرافي والديموغرافي لغزة بما يتماشى مع مشروع الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة.
دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الدول والمنظمات إلى ممارسة كل الضغوط الممكنة على إسرائيل لوقف جريمة التجويع. كما ينبغي عليها العمل فورًا على استعادة وصول المساعدات الإنسانية ورفع الحصار الإسرائيلي غير القانوني عن قطاع غزة. فهذا هو السبيل الوحيد لوقف تدهور الوضع الإنساني وضمان تدفق المساعدات والإمدادات الإنسانية في مواجهة المجاعة الوشيكة. كما دعا التقرير الدول والمنظمات إلى ضمان إنشاء ممرات إنسانية آمنة تحت إشراف الأمم المتحدة لضمان إيصال الغذاء والدواء والوقود إلى جميع مناطق قطاع غزة. وينبغي على المراقبين الدوليين المستقلين التحقق من الامتثال لهذه اللوائح. كما دعا التقرير الدول والمنظمات إلى ضمان الاستعادة السريعة للزراعة وتربية الماشية في قطاع غزة كجزء من الإغاثة الطارئة وإعادة الإعمار على المدى الطويل.