قانون الإيجار القديم.. الملاك والمستأجرون في انتظار حسم مصير التصديق على التعديلات

منذ 4 ساعات
قانون الإيجار القديم.. الملاك والمستأجرون في انتظار حسم مصير التصديق على التعديلات

المستأجرون: نوافق على زيادة الإيجار ما لم نُخليكم. سنرفع دعاوى قضائية لإلغاء القانون في حال تطبيقه. صرح أحد الملاك قائلاً: “تمثل هذه التغييرات ثورة تشريعية واقتصادية ستغير وجه مصر. ويمنح القانون فترة انتقالية كافية للحفاظ على السلم الاجتماعي”. اتحاد مستأجري العقارات القديمة: علينا أن نتصرف وفقا لروح القانون وليس لنصوصه الجامدة. رئيس ائتلاف الملاك القدماء: جهات خارجية تحاول زرع الفتنة بين المواطنين وتحريض المستأجرين مصدر حكومي: التعديلات جاءت لتحقيق التوازن بين مصالح المالك والمستأجر دون الإضرار بأي طرف.

ينتظر ملايين الملاك والمستأجرين قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتصديق على تعديلات قانون الإيجار القديم الذي أقره مجلس النواب في الثاني من يوليو/تموز. إلا أنه لم يُعلن بعد عن موعد تقديم القانون الجديد إلى الرئيس للتصديق عليه، ومن المتوقع أن يتم ذلك خلال المدة الدستورية المحددة بـ 30 يومًا من تاريخ تقديمه للرئيس، بغض النظر عن موعد إقراره من مجلس النواب.

بينما يخشى المستأجرون ويشعرون بالقلق من فقدان مساكنهم المحمية قانونًا، يغمر الفرح أصحاب العقارات، آملين في استعادة عقاراتهم بعد عقود من تجميد الإيجارات. وتتعهد الحكومة بعدم طرد أي مواطن وتوفير مساكن بديلة لمن يستحقها.

قال حمادة الملا، أحد المستأجرين في حي جسر السويس بالقاهرة: “لن نقبل بهذا القانون إذا أقره الرئيس لأنه غير قانوني وغير دستوري. لدي عقد قانوني مع المالك، وقّعته طواعيةً ودون إكراه. فلماذا تتدخل الحكومة الآن لطردنا من منازلنا بقانون جديد؟” وفي تصريحاتٍ لصحيفة الشروق، أضاف الملا أنه سيتقاعد خلال أشهر، متسائلاً: “كيف أستطيع شراء منزل بديل؟ لم تُقدّم الحكومة أي منازل بديلة بالمجان، وسندفع بالتأكيد مبالغ لا تتناسب مع دخلنا المحدود”. أوضح أنه اشترى الشقة التي يسكنها حاليًا قبل عام ١٩٩٢، وأكملها مقابل ٣٥ ألف جنيه مصري. ثم طلبت منه جمعية الملاك دفع ٧ آلاف جنيه مصري لدعم تركيب مصعد في المبنى. وأضاف: “دفعتُ مبلغًا إجماليًا قدره ٤٧ ألف جنيه مصري في التسعينيات، وهو مبلغ كبير آنذاك، وفي النهاية طُلب مني ترك تلك الشقة مقابل شقة بديلة، حتى لو كانت مدعومة وفي موقع مختلف”. وتابع: “نوافق على زيادة الإيجار الشهري ما لم يتم فسخ عقد الإيجار، وهو ما يُعدّ مخالفة للقانون والدستور”. وأوضح أنه في حال تطبيق القانون، سنرفع دعوى قضائية لإلغائه.

قال أحمد مجدي، أحد مستأجري نظام الإيجار القديم في المهندسين، إن تطبيق القانون الجديد سيُمثل ظلمًا فادحًا للمستأجرين. وزعم أن الدولة تغاضت عن دفع العديد من المستأجرين “رسوم تسوية” تعادل نصف قيمة وحدتهم السكنية عند توقيع عقود الإيجار. وأضاف مجدي لـ«الشروق» أن إقرار القانون وتطبيقه، من وجهة نظره، «إهدارٌ لأموال المستأجرين». وتساءل: «هل ستوفر الحكومة بدائل مجانية للمستأجرين، أم سيدفعون الثمن في ظل موجة التضخم التي اجتاحت سوق العقارات وارتفاع أسعار مواد البناء؟». وأشار إلى أن الغالبية العظمى من المستأجرين من كبار السن والمتقاعدين والمصابين بأمراض مزمنة، ولا يستطيعون السكن بعيدًا عن المناطق التي نشأوا فيها وتربطهم بها روابط اجتماعية وثقافية واقتصادية. وأشار إلى أن والده استحوذ على الشقة الحالية في تسعينيات القرن الماضي، عندما كانت لا تزال قائمة على سطح العقار، وقام ببنائها بالكامل على نفقته الخاصة، في وقت كانت فيه قيمة الجنيه المصري مرتفعة مقارنةً بقيمته الحالية. وتساءل: “لماذا لم يُعوّض أصحاب المنازل بمساكن بديلة بدلًا من إخلاء المستأجرين من منازلهم التي سكنوها لعقود؟”، مؤكدًا أن التمييز ضد المستأجرين بناءً على دخلهم ظلم، وأن للجميع، غنيًا كان أم فقيرًا، الحق في مسكن بديل دون تمييز أو تصنيف.

شريف الجعار، رئيس جمعية مستأجري الإيجار القديم، وصف مشروع القانون بـ”مذبحة المستأجرين”، وصرح لصحيفة الشروق: “ألا يوجد لدينا مساحات حضرية كافية في المدن؟ لماذا يُنقل المستأجرون قسرًا إلى مناطق حضرية مترامية الأطراف؟ ماذا عن كبار السن، والمطلقين، والأرامل، أو من وُلدوا ونشأوا في حي معين ثم نُقلوا قسرًا إلى آخر؟” ودعا الجعار الرئيس إلى إعادة النظر في مشروع القانون قبل التصديق عليه، قائلاً: “يجب أن نتصرف وفقًا لروح القانون، لا لأحكامه الجامدة. يجب على الرئيس رفض مشروع القانون وتقديمه إلى البرلمان لتعديله بما يضمن التوازن بين حقوق المالكين والمستأجرين”. وأشار إلى أنه على الرغم من أن المحكمة الدستورية العليا أصدرت 36 حكماً في قضايا تتعلق بالإيجار القديم، إلا أن أياً منها لم يتطرق إلى مدة الإيجار.

فيما يتعلق بملاك العقارات القديمة، قالت جوليا محمد، مسؤولة جمعية ملاك العقارات بمحافظة الإسكندرية، إنها تمتلك عقارًا للإيجار مغلقًا منذ 25 عامًا. وأضافت: “لم أستفد أنا ولا المستأجر من هذا”. ووصفت الوضع بأنه “كارثي”، مؤكدةً أن بعض الجهات والجماعات حاولت “ركوب موجة قضيتنا” والتواصل معنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتحقيق مصالحها الخاصة. ومع ذلك، كنا يقظين ولم تثننا هذه المحاولات.

سحر علي عبد المعطي، المحاضرة بقسم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، والتي تملك عقارًا لا تزال شققه مؤجرة بموجب قانون الإيجار القديم، أعربت عن مشاعر مماثلة. وقالت إن فرحة غامرة سادت بين الملاك بعد إقرار تعديلات قانون الإيجار القديم. وأضافت: “لأكثر من 80 عامًا، لم يحصل الملاك على أي مزايا حقيقية، ولم يكن حتى أطفالنا مؤهلين للحصول على سكن اجتماعي. وهذا ما أدى إلى مرارة لا تزال قائمة”. وأشارت إلى أن الإصلاح القانوني ضروري ليس فقط لتحقيق العدالة لأصحاب الأراضي، بل لدعم الاقتصاد المصري أيضًا. وأوضحت أن استمرار الإيجارات القديمة يمنع الدولة من تحصيل الضرائب العقارية المستحقة، ويمنع المواطنين من ترميم العقارات القديمة وتحسينها، مما يُعرّض المظهر العمراني وسلامة السكان للخطر. وأضاف عبد المعطي لـ”الشروق”: “القانون يمثل ثورة تشريعية واقتصادية ستغير وجه مصر، فلا توجد دولة في العالم تعمل بنظام الإيجار القديم”.

قالت منى راتب، صاحبة أحد العقارات السابقة في حي شبرا بالقاهرة: “أمتلك ثلاثة عقارات وخمسة محلات، ولكنني لا أحصل على أكثر من ألف جنيه مصري شهرياً من جميعها، لأن بعض المستأجرين يدفعون إيجاراتهم من خلال المحاكم”. وأضافت لـ”الشروق”: “اضطر عدد من المُلاك إلى اللجوء إلى القانون للدفاع عن حقوقهم”. وأكدت أن القانون، في مرحلته الانتقالية، يحفظ السلم الاجتماعي. وقالت أيضًا: “لقد استفاد المستأجرون من الشقق لسنوات طويلة، ولكن حان الوقت لرد حقوقهم بعد أن ظلمنا قانون الإيجار القديم المنتهي”.

صرح مصطفى عبد الرحمن، رئيس ائتلاف الملاك القدامى، لصحيفة الشروق: “تحاول جهات خارجية حاليًا إثارة الفتنة بين المواطنين عبر نشر فيديوهات تدعو المستأجرين للتظاهر، بهدف زعزعة الأمن العام وزعزعة استقرار الوضع”. وأكد ثقته في ضمائر المستأجرين ورفضهم الخضوع لـ”دعوات الخونة”.

لكن مصدرًا حكوميًا أكد لصحيفة الشروق أن التعديلات تهدف إلى إيجاد علاقة متوازنة بين المؤجر والمستأجر دون الإضرار بأيٍّ من الطرفين. وأوضح المصدر أنه بعد تطبيق القانون، لن يُطرد أو يُترك أي مواطن مستحق للسكن بلا مأوى.


شارك