صور الجثمان تتضارب مع الرواية الرسمية.. ماذا حدث للشاب السوري يوسف اللباد؟

بينما كانت عائلته على وشك رؤيته مجددًا بعد سنوات من الغياب، عاد جثمان الشاب السوري يوسف اللباد من الجامع الأموي بدمشق. لم يبقَ منه سوى الصمت وآثار الضرب. كان من المفترض أن تكون زيارته القصيرة من ألمانيا إلى وطنه سوريا مجرد زيارة عابرة لعائلته، ولكن بعد اعتقاله من قبل قوات الأمن السورية، أصبح حديث الساعة بعد وفاته في ظروف غامضة.
تضاربت الأنباء حول وفاة اللباد. الرواية الرسمية تتحدث عن مرض نفسي وانتحار، بينما تُظهر صور الجثة أمرًا مختلفًا تمامًا. وهذا ما تؤكده عائلة اللباد وتصريحات المرصد السوري لحقوق الإنسان، التي تزعم أن يوسف قُتل على يد قوات الأمن السورية.
صورة جديدة التقطها أحد المشاركين في الجامع الأموي بدمشق، تُظهر يوسف اللباد لحظة اعتقاله. #سوريا pic.twitter.com/25zrYW0oRf
— أحداث سورية (@news_sy1) ٣١ يوليو ٢٠٢٥
كيف تم القبض عليك؟
اندلعت الأزمة عندما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن يوسف اللباد، وهو من سكان حي القابون في دمشق، توفي قرب الجامع الأموي بعد أيام من اعتقاله، دون توجيه أي اتهامات رسمية إليه.
وكان المواطن الألماني يوسف اللباد قد عاد مؤخراً من ألمانيا في زيارة مؤقتة لتسوية بعض الأمور العائلية في سوريا.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن عائلة الشاب تسلمت جثته، والتي ظهرت عليها آثار تعذيب واضحة، من كدمات وجروح في أنحاء متفرقة من الجسم، كما أظهرت صور نشرها المرصد الحقوقي.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عملية الاعتقال تمت دون أي أسس أو مبررات قانونية معروفة، وشدد على ضرورة إجراء تحقيق شفاف ومحاسبة المسؤولين عن وفاته.
ماذا قالت القصة الرسمية؟
ردّت وزارة الداخلية السورية على التقارير المتداولة ببيانٍ للمتحدث باسمها، نور الدين البابا، أوضح فيه أن يوسف اللباد “لم يكن محتجزًا في وحدة أمنية”، بل كان في حالة “اختلال” عند دخوله الجامع الأموي، حيث أثار مشادة كلامية مع المصلين والحراس. ثم كُبِّل بالأصفاد حفاظًا على سلامته وسلامة الآخرين.
في تقريرٍ شبه مطابق، صرّح العميد أسامة محمد خير عتيقة، قائد الأمن الداخلي بدمشق، بأنّ كاميرات مراقبة المسجد سجّلت دخول الشاب إلى المبنى في حالةٍ من “التردد” وهو يتفوّه بكلماتٍ غير مفهومة. وأشار إلى أنّ عناصر أمن المسجد حاولوا تهدئته. إلا أنّه أصيب لاحقًا أثناء الاعتقال بضربةٍ على رأسه بأداةٍ صلبة. ورغم تدخل المسعفين، فارق الحياة.
العائلة : لم يكن مريضا.
إلا أن أقوال العائلة تناقضت تمامًا مع ما أعلنته السلطات. وحسب أقوال العائلة، لم يكن يوسف يعاني من أي اضطرابات نفسية، وكان بكامل قواه العقلية عند زيارته للجامع الأموي.
وبحسب عائلته، فإن الجروح والكدمات التي وُجدت على جسده لا يمكن أن تكون نتيجة “إصابات ذاتية” كما تزعم وزارة الداخلية، بل تشير إلى تعرضه لمعاملة متعمدة وعنيفة، مما يدحض الادعاءات القائلة بأن الإصابات ناجمة عن أسباب طبيعية أو انتحار.
ماذا قال المرصد السوري؟
من جانبه، دعا المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى إجراء تحقيق فوري ونزيه في وفاة يوسف اللباد، واصفًا الحادثة بأنها “حلقة جديدة في سلسلة انتهاكات حقوق الإنسان بحق المعتقلين في سوريا”. وحذّر من تزايد أعداد الضحايا في مراكز الاحتجاز التي تفتقر لأبسط معايير العدالة والرقابة.
أشار المرصد إلى ارتفاع عدد ضحايا التعذيب في سجون النظام السوري إلى 45 شخصًا منذ بداية العام، معظمهم من محافظة حمص. وأشار المرصد إلى استمرار الاعتقالات التعسفية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بحق المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية.