وزير الإعلام السوري: أطراف داخلية تخدم إسرائيل التي لا ترغب بوجود سوريا موحدة ومستقرة

منذ 2 أيام
وزير الإعلام السوري: أطراف داخلية تخدم إسرائيل التي لا ترغب بوجود سوريا موحدة ومستقرة

حمزة مصطفى: مسؤولية الدولة تمتد إلى جميع مواطنيها بغض النظر عن انتماءاتهم. إن الجماعة الهجرية والجماعات المشابهة لها ذات عقلية انعزالية وطائفية. الهاجري يخاطر بمستقبل السويداء باللعب بمصالح إسرائيل. الولايات المتحدة مهتمة باستقرار سوريا انطلاقا من المصالح المشتركة مع دمشق. وتهدف اجتماعات باريس إلى الضغط على قوات سوريا الديمقراطية للالتزام باتفاق 10 مارس/آذار.

قال وزير الإعلام السوري حمزة مصطفى اليوم الخميس إن إسرائيل لا تريد سوريا موحدة ومستقرة واتهم أحزاب البلاد “بخدمة السياسة الإسرائيلية لأغراض سياسية ضيقة”.

جاء ذلك في مقابلة خاصة مع وكالة الأناضول للأنباء، تحدث فيها مصطفى عن وقف إطلاق النار في محافظة السويداء جنوب سوريا، والهجمات الإسرائيلية، والمحادثات المتعلقة بالاتفاق بين الحكومة وقوات ما يسمى “قسد” (الواجهة لمنظمة PKK/YPG الإرهابية).

ولم تتدخل الدولة عسكريا في السويد.

وفيما يتعلق بأحداث السويداء في تموز/يوليو من العام الجاري، أكد مصطفى أن وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه هناك كان نتيجة وساطة من قبل عدة دول، بما فيها الولايات المتحدة.

وقال: “بعد العدوان الإسرائيلي على دمشق، تم توفير مساحة للتقارب في الحلول السياسية في السويداء، التي عرضتها الدولة، التي لم تقم بعمليات عسكرية ولم يكن لديها أي نية للقيام بذلك”.

وتابع مصطفى: “حاولت الدولة خلال الأشهر الستة الماضية تطبيق هذه الحلول، وتوصلت إلى عدد من الاتفاقيات مع مختلف الفصائل السياسية والعسكرية في السويداء، ومنهم الشيخ حكمت الهجري (أحد مشايخ الدروز)”.

وأضاف: “قدمت الدولة تنازلات كثيرة، منها إدارة البحث الجنائي التي أرادت بعض الفصائل في السويداء اعتبارها جزءًا من المدينة. لذا، فإن التوجهات والحلول السياسية واضحة، وهذا أقصى ما يمكن تحقيقه، وهو المطالب القصوى للفصائل في السويداء”.

أشار مصطفى إلى أن “عقودًا من التوتر بين الدروز والبدو قد اندلعت، مما يُلقي على الدولة مسؤولية: إما أن تستجيب وتُشكّل قوة فصل، أو أن تبقى على الحياد، مما سيؤدي إلى تراكم المزيد من المسؤولية”. وأكد أن “التدخل العسكري في السويداء لم يكن عملاً مُخططًا له”.

وأشار إلى أن وقف إطلاق النار في السويداء هو بمثابة “اتفاق” أكثر منه اتفاقاً مكتوباً، موضحاً أنه يتكون من ثلاث مراحل.

وبحسب مصطفى، ستشمل المرحلة الأولى فضّ الاشتباكات، وسحب القوات الحكومية من مدينة السويداء، وإخراج المجموعات العشائرية المقاتلة التي دخلتها. بعد ذلك، ستعيد الدولة نشر قواتها في المناطق المحيطة لمنع تجدد الاشتباكات.

وأضاف: “حدث ذلك على مدار نحو ثلاثة أيام، رغم تواجد بعض المجموعات الخارجة عن القانون التابعة للهجري، والتي حاولت مراراً خرق اتفاق وقف إطلاق النار أو القيام بأعمال استفزازية”.

وأشار إلى أن “وقف إطلاق النار كان هشًا في البداية، لكنه تعزز في اليوم الثاني وحقق نتائج أفضل في اليوم الثالث. لقد وصلنا إلى وقف إطلاق نار مقبول يؤهلنا للدخول في المرحلة الثانية”.

وأشار إلى أن الاشتباكات في السويد أدت إلى نقص في السلع الأساسية كالوقود والخبز، وتضرر بعض القطاعات الحيوية كالاتصالات والإنترنت. كما تعطلت الحركة التجارية، مما أدى إلى نقص حاد في السلع الأساسية في المدينة.

وأكد مصطفى أن “الدولة تعامل مواطنيها على قدم المساواة، ومسؤوليتها تمتد إلى جميع المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم”.

وأكد أن الدولة مسؤولة عن تقديم المساعدات الإنسانية، وأنها قامت بذلك. وأضاف: “عقلية الدولة تختلف عن عقلية الفصيل والجماعة. لا شك أن جماعة الهجري وغيرها من الجماعات المماثلة، سواءً كانت كبيرة أو صغيرة، لديها عقلية انعزالية وفئوية، وتسعى جاهدةً لخلق خطاب يدعمها”.

جماعة الهجري تمنع استيراد المساعدات

ورأى مصطفى أن الهجري “يلعب” بمستقبل السويداء، مشيراً إلى أن “فكرة الحصار لا يجب أن تكون مطروحة على الإطلاق، وهي غير واقعية لأي سوري وطني”.

وفي هذا السياق، أكد مصطفى أن الهجري احتكر مساعدات الدولة، وحاول أحياناً استخدامها لـ«شراء الولاءات ومعاقبة المعارضين داخل السويداء».

وأكد الوزير السوري “رفضه لأي دعوات سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر الخطاب الطائفي والكانتوني من قبل مجموعات خارجة عن القانون السوري”.

وأوضح أن “خطاب الدولة واضح وهو أن حياة المدنيين يجب أن تبقى بعيدة عن أي سياق سياسي، والتنافس السياسي يقتضي حيادهم”، مؤكداً أن حماية المدنيين وتأمين احتياجاتهم في السويداء مسؤولية الدولة.

وحول مزاعم حصار السويداء، أكد مصطفى أن الحكومة لم تكن متورطة في عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى السويداء، وأن مجموعة الهجري هي التي عرقلت وصول المساعدات الإنسانية.

نتنياهو يخاطر بالمنطقة.

وتطرق مصطفى إلى موقف إسرائيل بشأن السويداء، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو “يخاطر بالمنطقة من أجل مستقبله السياسي”.

وأشار إلى أن قضية غزة وصلت إلى مرحلة، على الأقل فيما يتصل بالأزمة الإنسانية، حيث حدث انقسام مع حلفاء إسرائيل الغربيين.

قال: “إسرائيل لا تؤيد وجود سوريا جديدة، ولذلك تسعى إلى جعلها غير مستقرة ومجزأة. وللأسف، تحاول بعض الأطراف في البلاد إجراء حسابات سياسية ضيقة الأفق باللعب على المصالح الإسرائيلية، وهذا بالضبط ما حدث في السويداء”.

وأكد أن “إسرائيل لم تتدخل قط لحماية الدروز”، مضيفاً “على الجميع التزام بدراسة وضع الدروز في إسرائيل”، مشيراً إلى أن “إسرائيل لا تدعم الدروز بل تضطهدهم داخل الخط الأخضر”.

وأوضح أن “إسرائيل، من خلال هذه المجموعات، تريد تطبيق تجربتها مع الدروز داخل الخط الأخضر على الواقع السوري. وهي تعلم أن الغالبية العظمى من الدروز السوريين لطالما ركزت أنظارها على دمشق، ولم تنظر إلى إسرائيل قط إلا كقوة احتلال”.

– دور أمريكي داعم في السويد

وفيما يتعلق بدور الولايات المتحدة، أكد مصطفى أن الولايات المتحدة مهتمة باستقرار سوريا من أجل تحقيق مصالح مشتركة مع دمشق، مثل الهزيمة النهائية لداعش ومحاربة النفوذ الإيراني.

وقال: “سورية كانت دائماً مهتمة ببناء علاقات سيادية مع جميع الأطراف ولديها رؤية منفتحة وغير صدامية وأكثر مرونة، آخذين بعين الاعتبار أن منطقة الشرق الأوسط منطقة صعبة مليئة بالأحداث المتفجرة والظروف السياسية الدقيقة”.

وتابع: “القيادة السياسية هي قضية سورية سورية بحتة، وبالتالي فإن للولايات المتحدة دوراً داعماً لا يمكن وصفه بغير ذلك”.

الحكومة تعترف بأخطائها بشجاعة.

تناول مصطفى انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت خلال الاشتباكات بين العشائر البدوية والجماعات الدرزية في السويداء، قائلاً: “تُظهر العديد من مقاطع الفيديو انتهاكاتٍ لحقوق الإنسان لم ترتكبها القوات الحكومية. ومع ذلك، ارتكبت القوات الحكومية انتهاكاتٍ لحقوق الإنسان، ونحن مهتمون بكشف الحقيقة، فكل مواطن وكل سوري مهمٌّ لسوريا الجديدة”.

وتابع: “تمتلك الحكومة الشجاعة والقدرة على الاعتراف بأخطائها دائمًا. وهي تُدرك أن تحييد الإعلام أو ممارسة تأثير إعلامي انتقائي قد يُحقق فوائد مؤقتة لبعض الفئات، ولكنه على المدى البعيد لا طائل منه ولا يُحقق أي نتائج تُذكر”. وأعرب عن إيمان الحكومة بأهمية حرية الإعلام والصحافة.

وأكد مصطفى أن الحكومة تدرك أن سوريا تمر بمرحلة انتقالية صعبة وأن هناك تحولات كبيرة تحدث فيما يتعلق بمفهوم بناء الدولة المهنية والجيش المهني.

وأشار إلى أن الانقسامات الاجتماعية “أدت إلى إثارة الكثير من الاستياء والكراهية”، وأن سوريا في بداية الطريق إلى “جيش محترف”.

وفي معرض حديثه عن مساعي الجماعات غير الشرعية (التي لم يحددها) لإنشاء وحدة كانتونية طائفية، قال الوزير: “لقد فشلت الحلول التقسيمية والكانتونية في الماضي ولن تنجح. إن عزل السويداء عن سوريا يتناقض مع تاريخها وتوجه سكانها القومي، ناهيك عن صعوبة تطبيقه على أرض الواقع”.

دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في محافظة السويداء منذ مساء 19 يوليو/تموز، بعد أسبوع من الاشتباكات المسلحة بين مجموعات درزية وعشائر بدوية، والتي أسفرت عن مقتل 426 شخصاً، بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان.

بذريعة “حماية” الدروز، استغلت إسرائيل هذه الظروف وكثّفت عدوانها على سوريا. ففي 16 يوليو/تموز، شنّت غارات جوية مكثفة على أربع محافظات، وقصفت مقرّ هيئة الأركان العامة والمنطقة المحيطة بالقصر الرئاسي في دمشق.

ولاحتواء الأزمة، أعلنت الحكومة السورية عن أربعة اتفاقات لوقف إطلاق النار في السويداء، كان آخرها ساري المفعول منذ 19 يوليو/تموز الماضي.

– دمج شمال شرق سوريا

وفيما يتعلق بملف شمال شرق سوريا، أكد مصطفى أن تركيز اجتماعات باريس كان على دعم وضغط حزب العمال الكردستاني/وحدات حماية الشعب (المعروفة أيضًا باسم قوات سوريا الديمقراطية) للالتزام بالاتفاق الذي تم توقيعه مع الحكومة في دمشق في 10 مارس/آذار الماضي.

في العاشر من مارس/آذار، وقّع الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد ما يُسمى بقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، فرهاد عبدي شاهين، اتفاقيةً لدمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة، بما في ذلك المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز. ويؤكد الاتفاق على وحدة الأراضي السورية ويرفض أي تقسيم لها.

وأعلنت الحكومة السورية، في 25 يوليو/تموز، أنها ستعقد جولة مشاورات مع ما يسمى قوات “قسد” في باريس في أقرب وقت ممكن لتطبيق اتفاق 10 مارس/آذار بشكل كامل.

جاء ذلك في بيان سوري فرنسي أميركي مشترك نشرته وزارة الخارجية السورية عبر منصة إكس.

وفي هذا السياق، أشار الوزير السوري إلى أن هناك “عدداً من المبادرات التدريجية التي يتوجب تنفيذها في إطار الاتفاق”، مؤكداً أن الدولة السورية أوفت بالتزاماتها كما فعلت في السويداء.

وأكد أن قوات سوريا الديمقراطية ملتزمة بتنفيذ الاتفاق بشكل عام، إلا أنه لم يتم تحقيق أي تقدم على الأرض.

وتطرق أيضاً إلى دعم تركيا لوحدة سوريا ومعارضتها لوجود منظمة إرهابية في شمال البلاد، قائلاً: “هذه تصريحات مستمرة من الحكومات التركية المتعاقبة”.

وأكد أن “هناك فرصة سياسية كبيرة أمام قوات سوريا الديمقراطية للوصول إلى اتفاقيات تضمن وجودها الفعال في مستقبل سوريا ضمن الركائز الثلاث الأساسية التي لا يمكن المساس بها: دولة واحدة، حكومة واحدة، وجيش واحد”.

وأكد مصطفى أن سوريا واجهت خلال الأعوام الأربعة عشر الماضية “تحديات كبيرة جعلت وجودها وبقائها موضع تساؤل لأن نظام الأسد كان مستعداً لفعل المستحيل من أجل البقاء، بما في ذلك تقسيم البلاد أو تسليمها لقوى ودول أجنبية في المنطقة”.

وأضاف: “لكن بفضل التحرير، حققنا فرصة تاريخية تحمل في طياتها تحديات جمة. إلا أن وحدة الشعب السوري وسلامة أراضيه ومستقبله المزدهر كوطن واحد وشعب واحد، أمرٌ لا مفر منه ولا يمكن لأحدٍ التفريط فيه”.

واختتم الوزير السوري تصريحاته بالتأكيد على أن “الحلول السياسية هي دائما الوسيلة المفضلة لتحقيق هذا الحلم الذي يتعلق بوجود الشعب السوري وسوريا ولا يقتصر على سياسة حكومة أو استراتيجية وزير أو إطار الاتفاقيات الدولية”.


شارك