مدير مجمع الشفاء في غزة: وفيات المجاعة تزداد يوميا.. والأطفال الأكثر تضررا

أشار الدكتور محمد أبو سلمية، مدير مجمع الشفاء الطبي في غزة، اليوم إلى أن عدد الوفيات الناجمة عن الجوع وسوء التغذية الممنهج في قطاع غزة قد وصل إلى مستويات غير مسبوقة. ووصف الوضع في القطاع بأنه “حرج وخطير للغاية”، ووصف الوضع الحالي لسكان غزة بأنه الأكثر إيلامًا وقسوة منذ 22 شهرًا.
في مقابلة خاصة مع مراسل وكالة الأنباء القطرية (قنا)، صرّح أبو سلمية بأن مستشفيات قطاع غزة في حالة متردية للغاية، وأن سعة مستشفى الشفاء السريرية تزيد عن 250%، وأن مخزون التخدير سينفد خلال أيام.
وذكر أن نحو 147 شهيدًا، بينهم 88 طفلًا، قضوا جوعًا وسوء تغذية نتيجة الحصار ومنع استيراد الغذاء والدواء. وأضاف أن عدد وفيات الجوع في قطاع غزة يتزايد ساعة بساعة مع تفاقم المجاعة وندرة الغذاء. وأشار إلى أن الأطفال هم الأكثر تضررًا من المجاعة، إذ يعاني أكثر من 17 ألف طفل من سوء تغذية حاد.
وحذر من أن وزارة الصحة تفتقر إلى الإمكانيات اللازمة لإبقاء الأطفال الخدج على قيد الحياة بسبب نقص الحليب والغذاء، خاصة وأن مستشفيات الأطفال مكتظة بآلاف المرضى بسبب الجوع غير المسبوق.
وأضاف: “لا يستطيع الأطفال تحمّل الجوع لفترات طويلة أو صيام طويل، مما يُعرّضهم لخطر كبير. إنهم الفئة الأكثر ضعفًا وعرضةً للأمراض. كما أن الأطفال خارج المستشفيات مُعرّضون لخطر كبير، إذ يلجأ بعض سكان غزة إلى الأعشاب لسد حاجتهم الغذائية وحاجة أطفالهم. إذا لم تُفتح المعابر وتُسلّم المساعدات الإنسانية إلى غزة فورًا، فستكون هناك مجزرة”.
وقال إن 12% من الحالات التي يستقبلونها تعاني من سوء تغذية حاد بسبب سياسة التجويع الإسرائيلية وحصار قطاع غزة، وأن نحو 90% من الحالات التي يستقبلونها لا يحصلون على طعام يومي منتظم.
وأشار إلى أنه في مجمع الشفاء الطبي وحده، تُعالج يوميًا ما لا يقل عن عشر حالات إغماء وإرهاق وفقدان تركيز بسبب سوء التغذية. تتراوح أعمار المرضى بين 13 عامًا فما فوق، بينما يُحال المرضى الأصغر سنًا إلى مستشفيات ومراكز صحية أخرى. وأشار إلى أن المعاناة الحقيقية للجرحى والمصابين والمرضى لا تبدأ إلا بعد إنقاذ حياتهم، إذ يفتقرون إلى الغذاء والعلاج اللازمين لشفاء جروحهم وتلقي الرعاية الطبية.
ووصف الوضع الغذائي للجرحى والمرضى الراقدين في المجمع الطبي بالمأساوي للغاية، مشيراً إلى أن المرضى محرومون من الحصول على الأغذية الغنية بالبروتين والطاقة والفيتامينات والمعادن، التي يعجز الاحتلال عن إدخالها إلى قطاع غزة بسبب الحرب المدمرة على غزة وسياسة التجويع الكارثية التي ينتهجها.
وأوضح أن معدل حالات سوء التغذية الحاد في مستشفى الشفاء وصل إلى 12 بالمائة، وأن نحو 25 بالمائة من الحالات هي سوء تغذية متوسط إلى شديد.
وأشار أيضًا إلى أن وزارة الصحة تُقدم مكملات غذائية خاصة للأطفال دون سن الثامنة. إلا أن هذا لا يُلبي الاحتياجات، إذ يحتاج المرضى والمصابون، وخاصةً من يعانون من سوء التغذية، إلى تغذية حيوية، تشمل المحاليل الوريدية والفيتامينات والمعادن والأحماض الأمينية والمكملات الغذائية الغنية بالطاقة. كما أن هناك حاجة مُلحة للإخلاء الطبي للحالات الحرجة من إصابات الدماغ والحبل الشوكي، وللجرحى الذين يحتاجون إلى جراحات معقدة تتطلب تقنيات غير متوفرة في غزة، وللمرضى المُعرّضين لخطر الوفاة إذا لم يُنقلوا فورًا لتلقي العلاج.
أكد أبو سلمية على الحاجة الماسة لاستيراد الأدوية والأغذية، مثل الحليب العلاجي للأطفال والرضع، والمكملات الغذائية عالية البروتين والسعرات الحرارية، ومحاليل الجلوكوز المركزة، والأغذية العلاجية الجاهزة للاستخدام، والمضادات الحيوية الوريدية، والأغذية الغنية بالبروتين. وأكد أن قوة الاحتلال تتعمد استخدام التجويع كسلاح حرب، بإغلاق المعابر، ومنع دخول المساعدات الإنسانية. وتوقع ارتفاعًا سريعًا في عدد القتلى خلال الأيام المقبلة.
وأشار إلى أن سكان قطاع غزة يواجهون كارثة إنسانية وصحية جراء استمرار الحصار وإغلاق المعابر وانقطاع إمدادات المساعدات الإنسانية وحليب الأطفال لأكثر من 150 يومًا. ووفقًا للتقديرات الرسمية، يحتاج قطاع غزة إلى 600 شاحنة من المساعدات الإنسانية يوميًا، بما في ذلك حليب الأطفال والإمدادات الإنسانية والطبية والوقود لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى ما يقرب من 250 ألف كرتونة حليب شهريًا لحماية الأطفال من الجوع وسوء التغذية اللذين أنهكا أجسادهم الضعيفة على مدى السنوات الصعبة الماضية. ويرى أن الحل الجذري والعاجل يكمن في كسر الحصار فورًا، وفتح المعابر، وضمان إمداد حليب الأطفال والأدوية والإمدادات الطبية والمساعدات الإنسانية.
وفي الختام، دعا مدير مجمع الشفاء الطبي في غزة المنظمات الإنسانية والدولية والأممية إلى الاستجابة لاحتياجات المرضى والجرحى، وتوفير المكملات الغذائية والأدوية اللازمة للسكان، وخاصة الأطفال. كما دعا إلى توفير المواد الغذائية الأساسية كالدقيق والأرز والخضراوات وحليب الأطفال للحد من سوء التغذية وآثاره السلبية على الصحة العامة.