الهجرة البيضاء.. رحيل أطباء المغرب تحد يواجه القطاع الصحي

منذ 11 ساعات
الهجرة البيضاء.. رحيل أطباء المغرب تحد يواجه القطاع الصحي

يهاجر ما بين 600 و700 طبيب مغربي سنويا، وهو ما يمثل 30 بالمائة من الخريجين الجدد. عدد الأطباء في المغرب لا يتجاوز 7.3 طبيب لكل 10 آلاف نسمة، مقارنة بالمعدل العالمي الذي يصل إلى 13 طبيبا. ارتفعت ميزانية القطاع الصحي بنسبة تزيد عن 65 بالمئة منذ عام 2021. ** رئيس المنظمة النقابية الديمقراطية علي لطفي: تحدث هجرة الأدمغة للأطباء بحثًا عن وضع أفضل. لتعويض النقص الحاد في الموارد البشرية، تعمل الدول الأوروبية على استقطاب المتخصصين في المجال الطبي. إن النقص في الكوادر الطبية وتدهور البنية التحتية هي الأكثر تأثرا في المناطق الريفية.

وفي المغرب، يتزايد القلق إزاء هجرة الأدمغة المتزايدة، على الرغم من الاعتراف الرسمي بأن هذا يشكل أحد أكبر التحديات التي يواجهها القطاع الصحي وجهود الحكومة لتحسين ظروف العاملين في مجال الصحة.

قال رئيس الوزراء المغربي عزيز أخنوش في خطاب ألقاه مؤخرا أمام البرلمان إن هناك “أسبابا دفعت عددا من المهنيين الطبيين إلى ترك المستشفيات العامة بحثا عن فرص أفضل”، مضيفا أن “الحكومة تعمل في السنوات الأخيرة على زيادة رواتب الأطباء”.

وأكد أخنوش أن الحكومة “لم تتردد في الشروع في تحسين ظروف العاملين في قطاع الصحة منذ بداية ولايتها”، مشيرا إلى أن “الحكومة عقدت سلسلة من اللقاءات المثمرة مع النقابات، والتي أفضت إلى عدة نجاحات مهمة”.

وتشمل هذه التحسينات، من بين أمور أخرى، “زيادة الراتب الشهري للأطباء بمقدار 3800 درهم (380 دولارا أميركيا)، وتسريع الترقيات للممرضات، وزيادة تعويضات الأمراض المهنية إلى 1400 درهم (140 دولارا أميركيا) شهريا للموظفين الإداريين والفنيين”.

رغم هذه الإجراءات، يستمر عدد الأطباء المغادرين للبلاد في الارتفاع. تُظهر بيانات المجلس الوطني لحقوق الإنسان (رسمية) أن ما بين 10 آلاف و14 ألف طبيب مغربي يعملون في الخارج، بينما يمارس 23 ألفًا فقط مهنتهم داخل المملكة.

**الهجرة القسرية

يأتي ذلك وسط تحذيرات من أطباء ونقابيين من “الهجرة البيضاء”، التي تجبر الكوادر الطبية على الهجرة بدافع الضرورة وليس طواعية، بحثا عن ظروف أفضل وتحسين ظروف العمل والمعيشة، في حين تقدم الدول الأوروبية التي تعاني من نقص حاد في الكوادر الطبية إغراءات.

وقال علي لطفي رئيس منظمة العمال الديمقراطيين إن “الأطباء يهاجرون بحثا عن فرص عمل أفضل”، وهو ما يتناقض مع “حاجة الدول المضيفة لتغطية عجزها”.

صرح لطفي لوكالة أنباء الأناضول أن دولًا أوروبية، مثل ألمانيا وفرنسا، تسعى جاهدةً لاستقطاب أطباء وممرضين نظرًا لنقص الكوادر الطبية. وأوضح أن موجة هجرة الأطباء “ليست ظاهرة مغربية فحسب، بل تؤثر أيضًا على الدول النامية”.

وأضاف أن “الدولة المغربية تنفق مبالغ طائلة على تكوين الأطباء، ولذلك يجب خلق حوافز فعالة لوقف هذه الخسارة في الأطباء”، داعيا إلى مراجعة النظام الأساسي للأطباء وخلق آليات جديدة للاحتفاظ بهم في البلاد.

** إعاقة شديدة

وفقًا للجمعية غير الحكومية لأساتذة الطب في القطاع الخاص، يعاني المغرب من نقص حاد في الكوادر الطبية. إذ لا يتجاوز متوسط توفر الأطباء 7.3 طبيب لكل 10 آلاف نسمة، مقارنةً بـ 23 طبيبًا وفقًا لمعايير منظمة الصحة العالمية و13 طبيبًا كمتوسط عالمي.

وذكرت المؤسسة في تقرير سابق أن ما بين 600 و700 طبيب مغربي يهاجرون سنويا، وهو ما يمثل نحو 30 في المائة من إجمالي الخريجين الجدد من كلية الطب في البلاد.

نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، العضو في الائتلاف الحاكم، حذّر أيضًا من خطر استمرار هجرة الأدمغة. وفي اجتماع للحزب في فبراير الماضي، صرّح قائلًا: “يخسر المغرب ما بين 600 و700 طبيب سنويًا في الخارج”.

**المناطق الحساسة

أشار لطفي إلى أن حاجة بلاده لأكثر من 30 ألف طبيب لم تُلبَّ بعد، في حين تنتظر البلاد استكمال بناء كليات طبية جديدة. وأضاف أن الجهود جارية لزيادة عدد الخريجين لسد النقص وتوفير عدد كافٍ من الأطباء.

وحذر زعيم منظمة العمال الديمقراطيين من تفاقم التأثير السلبي لهجرة الأدمغة على المناطق الريفية، التي تعاني بالفعل من نقص في الخدمات الصحية ونقص في أطباء التوليد وأمراض النساء وغيرهم من المتخصصين.

وأعرب عن اعتقاده بأن النقص المستمر في الأطباء في هذه المناطق من شأنه أن يؤدي إلى زيادة معدلات الوفيات بين النساء الحوامل والأطفال، خاصة في ظل ضعف البنية التحتية الصحية ونقص الكوادر التمريضية والطبية المؤهلة.

** إعادة هيكلة القطاع

رغم هذه التحديات، أكد رئيس الوزراء عزيز أخنوش التزام حكومته “بالتحول الهيكلي في قطاع الصحة”. وصرح بأن “إعادة هيكلة قطاع الصحة ليست مجرد إصلاح قطاعي، بل هي دافع للتنمية الاقتصادية والاجتماعية”.

وأشار إلى أن ميزانية قطاع الصحة شهدت ارتفاعا غير مسبوق، من 19.7 مليار درهم (حوالي 2 مليار دولار أميركي) في عام 2021 إلى 32.6 مليار درهم (3.2 مليار دولار أميركي) في عام 2025، أي بزيادة تزيد عن 65 في المائة خلال فترة الحكومة الحالية.

وبحسب أخنوش فإن الحكومة تسعى لمواكبة هذا التطور من خلال الرفع من عدد خريجي الطب واستكمال مشاريع جديدة للتعليم العالي لتوفير عدد كاف من الأطباء وتغطية العجز المتراكم.


شارك