فلسطين تعوّل على مؤتمر نيويورك لدعم حل الدولتين وكسر الاحتكار الأمريكي

منذ 7 ساعات
فلسطين تعوّل على مؤتمر نيويورك لدعم حل الدولتين وكسر الاحتكار الأمريكي

عمر عوض الله: لدينا مؤشرات قوية على وجود موجة اعتراف دولي بدولة فلسطين بفضل جهود سعودية وعربية، بالإضافة إلى الاعتراف الفرنسي.

– إياد أبو زنيط الناطق الرسمي باسم حركة فتح: فلسطين ترى في المؤتمر فرصة لإعادة التوازن للمبادرات الدولية بشأن قضيتها.

يلتزم الفلسطينيون التزامًا كاملًا بإيجاد حل سلمي للقضية الفلسطينية وتطبيق حل الدولتين في المؤتمر الدولي المقرر عقده يومي الاثنين والثلاثاء في مقر الأمم المتحدة بنيويورك. كما يتوقعون نتائج “جدية” لحماية الشعب الفلسطيني.

وهناك أمل كبير في أن يؤدي المؤتمر، الذي ترأسه المملكة العربية السعودية وفرنسا بشكل مشترك، إلى اتخاذ إجراءات عملية، وبالتالي إلى مزيد من الاعتراف بدولتهم.

أعلنت فرنسا، الخميس، أنها ستتولى مع المملكة العربية السعودية رئاسة مؤتمر دولي في الأمم المتحدة يومي 28 و30 يوليو/تموز الجاري، للبحث عن حل سلمي للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين (الفلسطينية والإسرائيلية).

– المساهمة في إنهاء حرب الإبادة

وفي تصريح لوكالة الأناضول، قال مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة عمر عوض الله، إن المؤتمر “يأتي في وقت صعب تعيشه القضية الفلسطينية، إذ يواجه الشعب الفلسطيني تهديدا وجوديا جراء الحرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل في قطاع غزة والتطهير العرقي في الضفة الغربية”.

وأضاف: “توقيت انعقاد المؤتمر مهم للغاية لأن أهم نتيجة نتوقعها من المؤتمر هي المساعدة في وقف العدوان على السكان ومنع النزوح القسري والمجاعة”.

وأكد عوض الله أن الجدية التي أعدت بها السعودية وفرنسا المؤتمر أظهرت أن “النتائج يجب أن تكون بنفس القدر من الجدية” سياسيا واقتصاديا وأمنيا وقانونيا.

واعتبر أن “نية فرنسا الاعتراف بالدولة الفلسطينية تحمل أخباراً طيبة أيضاً، لأن الاعتراف هو أساس السلام والأمن والاستقرار في المنطقة”.

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، أن بلاده ستعترف بدولة فلسطين خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل بنيويورك.

وقال ماكرون عن المنصة العاشرة: “وفاءً بالتزامها التاريخي بتحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، قررت أن تعترف فرنسا بدولة فلسطين”.

وأشار عوض الله إلى أن المؤتمر ككل كان حول “خطوات عملية نحو تنفيذ حل الدولتين من خلال تطبيق قرارات الأمم المتحدة”.

وأوضح أن المؤتمر ليس مجرد خطابة وتصريحات، بل إنه سيخلق زخماً دولياً متزايداً على المستوى العملي والتشغيلي لتنفيذ أهدافه السياسية، بما في ذلك الاعتراف بدولة فلسطين، وعضويتها الكاملة، ودعم سيادتها، وإنهاء الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي.

وأضاف عوض الله: “على المستوى الاقتصادي يجب اتخاذ خطوات عملية لدعم الحكومة (الفلسطينية) التي يجب أن تفي بمسؤولياتها في قطاع غزة والضفة الغربية، باعتبارها الجهة الوحيدة المسؤولة عن الحكم والأمن في البلدين”.

وتابع: “بالإضافة إلى الجانب الأمني، فإن الأمر يتعلق بحماية الشعب الفلسطيني وضمان أمن سكاننا في الضفة الغربية، بما فيها القدس، وفي قطاع غزة”، حسب قول عواد.

وعلى المستوى القانوني، أشار عوض الله إلى أن نتائج المؤتمر ستساعد في تعزيز تنفيذ الآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية، وأوامر الضمانات الصادرة عن محكمة العدل الدولية، وأوامر المحاكم الدولية الأخرى.

وفي رأيها الاستشاري الصادر بتاريخ 19 يوليو/تموز 2024، أكدت محكمة العدل الدولية قانونياً أن إسرائيل تنتهج سياسة احتلال وقمع ضد الشعب الفلسطيني.

وجاء في البيان: “يجب على إسرائيل إنهاء وجودها في الأراضي الفلسطينية على الفور وإصلاح الأضرار التي أحدثتها”.

في 24 مايو/أيار 2024، أصدرت المحكمة حكماً يأمر إسرائيل بوقف هجومها العسكري على رفح، جنوب قطاع غزة، فوراً، فضلاً عن أي تدابير أخرى من شأنها أن تفرض على الفلسطينيين في قطاع غزة “ظروفاً معيشية من المرجح أن تؤدي إلى تدميرهم المادي كلياً أو جزئياً”.

في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أصدرت الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت بتهمة ارتكاب “جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب”.

واعتبر عوض الله جميع النقاط المذكورة أعلاه “خطوات إيجابية وعملية ولا رجعة فيها نحو تطبيق حل الدولتين كاستثمار في السلام ومستقبل المنطقة”.

وأشار إلى أنه في فلسطين “هناك مؤشرات قوية على وجود موجة كبيرة من الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل عدد من الدول، نتيجة جهود السعودية والعالم العربي، وكذلك الاعتراف الفرنسي”.

– فرصة لاستعادة التوازن

وقال إياد أبو زنيط، الناطق الرسمي باسم حركة فتح، لوكالة الأناضول: “فلسطين ترى في المؤتمر فرصة لإعادة التوازن للمبادرات الدولية بشأن قضيتها”.

وأضاف: “نأمل أن يكون المؤتمر مقدمة لبديل عادل ومتوازن للاتفاقيات الجائرة التي أبرمت بحق القضية الفلسطينية”.

ورأى أبو زنيط أن المؤتمر سيكون له “ثقل كبير” لأنه سينعقد “بقيادة فرنسا إحدى أهم الدول الأوروبية، إلى جانب السعودية التي تتمتع بنفوذ عربي وديني كبير، وتطمح لدور قيادي في العلاقات الدولية”.

وأضاف: “إن هذا المؤتمر سيكسر الجمود في الوضع السياسي الفلسطيني الذي خلقته إسرائيل بموقفها المتصلب ورفضها لأي حل سياسي”.

وبحسب أبو زنيط فإن فلسطين تأمل أن “يساهم المؤتمر في حشد الرأي العام الدولي الداعم للقضية الفلسطينية، وخاصة الدول المؤثرة، للحد من توسع إسرائيل في الاستيطان”.

وتساءل: «المؤتمر يتحدث عن حل الدولتين، ولكن هل هو قابل للتطبيق؟».

وفي هذا السياق، أشار إلى أن “إسرائيل عملياً تدفع الحل من العناية المركزة إلى القبر بسبب توسعها الاستيطاني في الضفة الغربية”، معرباً عن أمله في “أن تكون هناك مواقف جدية تحد من التوسع الاستيطاني”.

واعتبر أبو زنيط المؤتمر “فرصة حقيقية واختبارا للمواقف الأوروبية والدولية التي تعتمد دائما على إجراءات نظرية ضد إسرائيل ولا تقدم خطوات عملية لإنهاء عدائها للشعب الفلسطيني أو احتلاله”.

وقال: “كان المؤتمر منظمًا بشكل جيد، بمشاركة فلسطينية رفيعة المستوى، وتنسيق وثيق مع المملكة العربية السعودية وفرنسا. ونأمل أن يدعم السلطة الفلسطينية التي تواجه حصارًا حقيقيًا وتدهورًا في الوضع الاقتصادي للفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية”.

وأشار أبو زنيط إلى أن إسرائيل “تهدف إلى منع أي نوع من الوحدة السياسية للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية أو قطاع غزة”.

– كسر الاحتكار الأمريكي

من جهة أخرى، رأى أبو زنيط أن “الجانب الأهم في المؤتمر هو كسر الاحتكار الأميركي للعلاقات الفلسطينية الإسرائيلية”، وفيما يتعلق بحل الدولتين قال: “نأمل أن تكون نتيجة المؤتمر كسراً حقيقياً لهذا الاحتكار”.

وتوقع المتحدث باسم حركة فتح أنه في أعقاب إعلان فرنسا، ستعلن عدة دول أخرى اعترافها بالدولة الفلسطينية.

ولكنه أضاف: “على الرغم من أهمية الاعترافات، فإن المسألة تتعلق بما يمكن فعله على الأرض لتحقيق حل الدولتين”.

وأضاف أبو زنيط: “إسرائيل تقوض حل الدولتين وتعتبره غير قابل للتنفيذ”، في إشارة إلى الموقف الأميركي الأخير بأن “حل الدولتين ليس الحل الأمثل للقضية الفلسطينية”.

وتابع: “بغض النظر عما سيحدث لاحقا، سواء حل الدولتين أو أي نهج سياسي آخر، فإن الأهم هو عودة الحقوق الفلسطينية إلى أصحابها وعدم التنازل عن المبادئ الفلسطينية، لأن إسرائيل عنيدة وتحاول تصفية القضية الفلسطينية”.

ورأى أبو زنيط أن المؤتمر “سيكون ناجحا بقدر ما يقدم حلولا عملية”، معربا عن أمله في أن “يولد دعما أكبر للقضية الفلسطينية، وخاصة من الدول العربية والإقليمية”.

المصلحة الفلسطينية

وقال المساعد السياسي لوزير الخارجية الفلسطيني أحمد الديك، لوكالة الأناضول، الأحد، إن رئيس الوزراء محمد مصطفى ووزيرة الخارجية فارسين أغابكيان شاهين سيمثلان فلسطين في المؤتمر.

وأكد الديك أن فلسطين مشاركة بشكل مباشر في التحضيرات الجارية للمؤتمر “حتى يخرج بنتائج تتعلق بتثبيت مبدأ حل الدولتين والتزامات دول العالم تجاه هذه القضية”.

وأضاف: “إننا نولي أهمية كبيرة لهذا المؤتمر ونأمل أن يتمكن مجلس الأمن الدولي من اعتماد نتائجه وأن يتم تنفيذ إقامة الدولة الفلسطينية على أرض الواقع”.

وتابع: “نتوقع أن يعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعترافه بدولة فلسطين في سبتمبر/أيلول المقبل خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، ونأمل أن تحذو فرنسا حذو العديد من الدول الأخرى في هذا الصدد”.

وأكد الديك أنه سيتم خلال المؤتمر “طرح عدد من المشاريع التنموية المهمة في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة على الجانب الفلسطيني”.

يُذكر أن المؤتمر الدولي حول فلسطين كان من المقرر عقده في الفترة من 17 إلى 20 يونيو/حزيران في مقر الأمم المتحدة بنيويورك. وكان من المقرر أن يضم مشاركين رفيعي المستوى، وأن ترأسه فرنسا والمملكة العربية السعودية بشكل مشترك. وكان الهدف من المؤتمر مناقشة الوضع في قطاع غزة، واستكشاف سبل تطبيق حل الدولتين، وتشجيع الدول على الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

لكن في أعقاب الهجمات الإسرائيلية على إيران، التي بدأت في 13 يونيو/حزيران بدعم أميركي واستمرت اثني عشر يوما، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تأجيل المؤتمر.

ويحدث هذا في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل شن حرب إبادة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بما في ذلك القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة كل النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية لإنهاء هذه الحرب.

خلّفت الإبادة الجماعية المدعومة من الولايات المتحدة أكثر من 204 آلاف قتيل وجريح في فلسطين، معظمهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 9 آلاف مفقود. إضافةً إلى ذلك، شُرد مئات الآلاف، وأودت المجاعة بحياة الكثيرين.

لقد احتلت إسرائيل فلسطين وأراضي في سوريا ولبنان لعقود من الزمن، وترفض الانسحاب من هذه الأراضي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على طول حدود ما قبل عام 1967.


شارك