التوك توك بلبنان.. وسيلة نقل شعبية بين التقنين ومتطلبات الحياة

منذ 21 ساعات
التوك توك بلبنان.. وسيلة نقل شعبية بين التقنين ومتطلبات الحياة

ورغم أن استخدام التوك توك كوسيلة نقل عام غير مسموح به بموجب القانون اللبناني، إلا أن الواقع مختلف. ونظرا لعدم وجود نظام نقل عام فعال وارتفاع تكاليف المعيشة، أصبح التوك توك وسيلة نقل شائعة. وأمرت وزارة الداخلية اللبنانية القوى الأمنية بتطبيق القانون ومنع التوك توك من نقل الأشخاص. ولقي قرار الوزارة رفضا واسع النطاق من قبل سائقي التوك توك، الذين يرون فيه تهديدا لمصدر رزقهم الرئيسي.

 

في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يعاني منها لبنان منذ أواخر عام 2019، أصبحت سيارات التوك توك وسيلة نقل شائعة في العديد من المناطق، وخاصة المناطق ذات الدخل المحدود، مما تسبب في انتشارها بشكل خارج عن السيطرة.

رغم أن القانون اللبناني يحظر استخدام التوك توك كوسيلة نقل عام، إلا أن الواقع مختلف. دفع هذا وزارة الداخلية مؤخرًا إلى إصدار مرسوم يمنع استخدامها لنقل الركاب، ويحصرها في الاستخدام الفردي أو نقل البضائع. أثار هذا القرار احتجاجات واسعة من مالكي هذه المركبات في المدن اللبنانية، وخاصةً في طرابلس وصيدا والبقاع.

** طريقة رخيصة

أصبحت عربات التوك توك من المركبات الثابتة في شوارع لبنان منذ حوالي خمس سنوات. وقد ازداد عددها مع تراجع القدرة الشرائية للسكان. تتراوح أسعار هذه المركبات بين 1500 و3000 دولار أمريكي، حسب الحجم والمواصفات. في لبنان، تُسجل هذه المركبات كـ”دراجات ثلاثية العجلات” للاستخدام الشخصي أو التجاري.

ومع ذلك، أصبحت التوك توك خيارًا غير مرخص للنقل العام نظرًا لانخفاض تكاليف تشغيلها مقارنةً بسيارات الأجرة. فأجورها عادةً أقل من ثلث أجرة النقل العام التقليدي، مما يجعلها مقبولة لدى شريحة واسعة من السكان.

** الإجراءات الحكومية

في الثامن من يوليو/تموز، أصدرت وزارة الداخلية اللبنانية تعليماتها للقوى الأمنية بتطبيق القانون ومنع التوك توك من نقل الأشخاص، وذلك حرصاً على سلامة المواطنين وقواعد المرور.

في هذا السياق، صرّح رئيس بلدية طرابلس، عبد الحميد كريمة، لوكالة الأناضول للأنباء، بأن البلدية بدأت بتطبيق القرار. وأكد أن تنظيم هذا القطاع أصبح ضرورة في ظل “الفوضى” التي أحدثها انتشار الفيروس بشكل غير منضبط.

وأوضح كريمة أن عدداً كبيراً من عربات التوك توك تسير بشكل غير قانوني في شوارع المدينة، مشدداً على ضرورة تخصيص مسارات لها وتكييف عملها مع واقع طرابلس ثاني أكبر مدن البلاد.

** الاحتجاجات والمطالبات

ولقي قرار وزارة الداخلية رفضا واسعا من سائقي التوك توك، الذين يرون فيه تهديدا لأهم مصدر رزق لهم، خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة.

قال طارق عاصم، سائق توك توك في طرابلس، لوكالة الأناضول إنه اضطر إلى اقتراض المال لشراء سيارة وإعالة أسرته. وأضاف: “القرار جائر، ومستقبلنا غامض”.

قال زكريا مراد إنه اشترى التوك توك بثلاثة آلاف دولار، وأنفق 600 دولار إضافية على تسجيله رسميًا لدى هيئة النقل بوزارة الداخلية. وأضاف: “نستغرب قرار منع نقل الركاب اليوم”.

ودعا مراد الحكومة إلى البحث عن حلول بديلة عن الحظر الكامل، مؤكداً أن التوك توك أصبح وسيلة النقل الرئيسية لأكثر من 500 سائق في طرابلس وحدها.

**الطريقة المفضلة

قالت فاطمة العلي، إحدى مستخدمات التوك توك، إن احتياجاتها اليومية يُمكن تلبيتها بسهولة باستخدام هذه الوسيلة من وسائل النقل. وتعتقد أن الحظر سيضرّ بشريحة واسعة من السكان.

وقال وسام العبد، أحد سكان طرابلس، إنه يستخدم التوك توك كوسيلة نقل لأنها أسرع وأرخص من سيارات الأجرة التقليدية.

وأكد العبد: «بدلاً من منع استخدامها يجب إيجاد حل لا يستثني هذا النوع من خدمات التوصيل داخل المدن».

** فجوة في وسائل النقل العام

من جانبها، أصدرت جمعية حقوق المسافرين (منظمة غير حكومية) بياناً في 11 تموز/يوليو، دعت فيه إلى تعديل قانون النقل في لبنان للسماح باستخدام التوك توك كوسيلة نقل منخفضة التكلفة للفقراء والمناطق التي لا تتوفر فيها وسائل النقل العام.

وأشارت الجمعية إلى أن عدم وجود مشاريع فعّالة للنقل العام مثل المترو أو القطارات ساهم في اعتماد نسبة كبيرة من اللبنانيين على بدائل منخفضة التكلفة مثل التوك توك في ظل ارتفاع أسعار الوقود وفوضى المرور في البلاد.

وأكدت أن الحكومات في السنوات الأخيرة لم تُوفر خيارات نقل مستدامة وفعّالة من حيث التكلفة تُخفف العبء على الناس، مما دفع المواطنين إلى البحث عن بدائل تُلبي احتياجاتهم اليومية بأسعار معقولة.

يفتقر لبنان إلى نظام نقل عام متكامل، إذ يقتصر على سيارات الأجرة والحافلات الصغيرة والكبيرة. كما يفتقر إلى وسائل النقل العام الحديثة، مثل المترو والقطارات، مما يُصعّب التنقل، لا سيما لذوي الدخل المحدود.

ونظرا لهذا الواقع، يظل التوك توك خيارا عمليا في العديد من المناطق، لكنه في الوقت نفسه يشكل تحديا للسلطات التي يتعين عليها التوفيق بين الحاجة إلى التنظيم وواقع الفقر الذي يدفع المواطنين إلى التشبث بالتوك توك.

 


شارك