صائد الجوائز.. الدكتور صبحي السيد يتحدث عن مسيرة إبداعية حافلة في المهرجان القومي للمسرح

ضمن فعاليات الدورة الثامنة عشرة من المهرجان القومي للمسرح المصري، عُقد لقاء خاص مع أحد أبرز الفائزين بجوائز هذا العام، المهندس الدكتور صبحي السيد. دار حوارٌ مُكثّف حول مسيرته الفنية الحافلة وإبداعاته في مجال تصميم المسرح. أدار اللقاء المخرج أحمد إسماعيل والناقد الدكتور محمد سمير الخطيب، مؤلف كتاب “صبحي السيد… صائد الجوائز”.
أحمد إسماعيل: فيلسوف الشكل ومبدع الموسيقى البصرية
في بداية اللقاء، أكد المخرج أحمد إسماعيل أن الفنان صبحي السيد من أبرز المبدعين في مجال الفن المسرحي: “نحن أمام فنان مبتكر لا يتقيد بالثوابت الشكلية، بل يقدم جوانب إبداعية فريدة في كل عمل. إنه فيلسوف فني، إذ يستوعب النص والبناء الدرامي ورؤية المخرج، ويقدم تناغمًا بصريًا مذهلًا ينعكس في الصورة المسرحية”.
أكد إسماعيل أن صبحي السيد لا يقتصر على المهارة الحرفية فحسب، بل يقدم لغة بصرية شاملة تتميز برؤية فلسفية وتشكيلية، تترك أثرًا وجدانيًا لا يُمحى. ووصف أعماله بأنها “موسيقى للصورة”، ووصفه بأنه “موسيقي موسيقى الضوء” بامتياز. علاوة على ذلك، فهو رمز للأخلاق والمساندة والقبول لدى الأجيال الجديدة.
محمد سمير الخطيب: شاعر الصورة البصرية ومؤسس مسرحية المكان
من جانبه تحدث الناقد الدكتور محمد سمير الخطيب عن صداقته الطويلة مع صبحي السيد وتجربته في تأليف كتابه “صبحي السيد صائد الجوائز”، مشيراً إلى أن السيد جمع في شخصيته أدواراً معقدة من أجل مشروع فني متكامل.
قال: “بدأ مسيرته الفنية في القطاع الخاص، متعاونًا مع مخرجين كبار مثل محسن حلمي، وحسن عبد السلام، وأحمد عبد الجليل، وجمال ياقوت، وقدم معهم عروضًا شكلت علامات فارقة في مسيرتهم الفنية. ومن هنا بدأتُ بتفكيك مكوناته الفنية، وخاصة علاقته بالفنون البصرية، إذ يمتلك موهبة فريدة في الخط العربي، وفي تحويل المساحات المسرحية إلى لوحات فنية نابضة بالحياة.”
ووصفه بأنه «شاعر الصورة البصرية»، في إشارة إلى تقديمه «نورا (بيت الدمية)» الذي نجح فيه في إنتاج نص بصري موازٍ جعل الخاص في متناول العام، وأظهر العالم أجمع من خلال بيت صغير.
كما تحدث عن تجربة صبحي السيد في “مسرحة الفضاء” من خلال عروضه التي قدمها في القلعة وحدائق الفسطاط. وقد تميزت هذه العروض بوعي درامي عميق وخلفية فنية مكنته من إعادة ربط المسرح بالفنون البصرية.
صبحي السيد: الفن بدأ بالتأمل.. والمسرح كائن حي لا يتجزأ
في مقابلته، عاد صبحي السيد إلى جذور التاريخ، حيث بدأ شغفه بالفن في قرية صغيرة بمحافظة المنوفية. قال: “كانت علاقتي بالطبيعة هي البداية؛ كانت مدرسة للتأمل، ومن هنا انطلقت الأسئلة. كان الرسم كل شيء بالنسبة لي. كنت أرسم على الدفاتر والجدران والأشجار. أتذكر بوضوح اليوم الذي دخلت فيه قاعة الفنون في المدرسة. شعرت وكأنني وجدت كنزي المفقود”.
وتابع: “عندما التحقتُ بكلية الفنون المسرحية، اكتشفتُ وسيطًا جديدًا: المسرح. توقفتُ عن الرسم لمدة عامين، ثم عدتُ بسؤال جديد حول طبيعة الدراما. بدأتُ رحلة قراءة مكثفة، باحثًا عن إجابة لما يحاول الكاتب قوله بنصه”.
في رؤيته الخاصة للفن المسرحي، أكد أن “المسرح كائن حي لا يقبل التجزئة”، وأن أي محاولة لفصل عناصره ستسلبه جوهره. وأشار إلى أن إدخال تقنيات جاهزة، مثل “الرسم بالفيديو”، قد يسلب الأداء المسرحي روحه ولغته.
وأضاف: “يجب على مصمم الديكور أن يكون على دراية بالسيناريو والممثلين ورؤية المخرج. فالمسرحية وحدها لا تكتمل؛ فهي تتطلب الإضاءة والموسيقى والأزياء والديكور لتحقيق الرؤية الشاملة. فالمسرحية دائمًا ما تكون ناقصة بطبيعتها، وتحتاج إلى هذه العناصر لتصبح عرضًا متكاملًا”.
واختتم السيد حديثه مؤكدًا أن المسرحية لا تنبع من العدم، بل من تضافر جميع العناصر التعبيرية. وأكد أن المكان ليس شكلًا، بل لغة تُكمّل العناصر الأخرى، فتُشكّل بذلك الرؤية الجمالية والدرامية للعرض.
بهذه السلسلة الحافلة بالذكريات والرؤى الفنية، نجح المهرجان القومي للمسرح في تسليط الضوء على أحد أبرز الشخصيات التي أثرت المسرح المصري بعشرات التصاميم البصرية المبتكرة. يبقى صبحي السيد أحد أهم مصممي الديكور في تاريخ المسرح العربي، وأحد أبرز الفائزين بالجوائز، ليس فقط من حيث التقدير، بل أيضًا في ذاكرة الجمهور والأوساط المسرحية.