خبيران: إحجام الاتحاد الأوروبي عن معاقبة إسرائيل مخيب للآمال

** جيرهارد كيمبي، أستاذ القانون الجنائي الدولي في جامعة غرب إنجلترا: إن تردد الاتحاد الأوروبي في مواجهة انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان يعرض مكانته باعتباره الضامن العالمي لحقوق الإنسان للخطر. كان بإمكان الاتحاد الأوروبي أن يمارس ضغوطاً كبيرة على إسرائيل لوقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة، ولكنه اختار عدم القيام بذلك. **مديرة مكتب المؤسسات الأوروبية في منظمة العفو الدولية، إيف جيدي: ويجب على الاتحاد الأوروبي أن يعيد النظر في جميع الأدوات والآليات التي تسمح له بدعم إسرائيل في الإبادة الجماعية في قطاع غزة. إن وحدة الاتحاد الأوروبي معرضة للخطر إذا لم تتخذ بلدانه موقفا مشتركا وتفعل شيئا حيال ما يحدث في قطاع غزة.
“مخيب للآمال ومحبط للغاية”، هكذا وصف خبيران دوليان في مجال حقوق الإنسان فشل الاتحاد الأوروبي في فرض عقوبات على إسرائيل، على الرغم من توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي 15 يوليو/تموز، اجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي لبحث إمكانية فرض عقوبات على إسرائيل، بما في ذلك تعليق جزئي أو كلي لاتفاقية الشراكة بين الطرفين.
توفر اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، التي دخلت حيز التنفيذ في عام 2000، الإطار القانوني للحوار السياسي والتعاون الاقتصادي بين الطرفين.
ويتطلب تعليق الشراكة، التي تمنح إسرائيل امتيازات تجارية، أغلبية مؤهلة من 15 دولة عضو تمثل 65% على الأقل من سكان الاتحاد الأوروبي.
رغم دعوات دول مثل إسبانيا وأيرلندا وسلوفينيا، لم يُتوصل إلى توافق بشأن تعليق الاتفاق. ورفضت دول مثل ألمانيا والنمسا أي إجراءات عقابية ضد تل أبيب، مما حال دون فرض عقوبات.
وتعرض هذا الموقف لانتقادات عديدة من قبل العديد من الخبراء ومنظمات المجتمع المدني، في حين اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أن غياب العقوبات يمثل “انتصارا دبلوماسيا” لتل أبيب.
وفي مقابلة خاصة مع وكالة أنباء الأناضول، علق البروفيسور جيرهارد كيمبي، أستاذ القانون الجنائي الدولي في جامعة غرب إنجلترا في بريستول، وإيف جيدي، مديرة مكتب المؤسسات الأوروبية في منظمة العفو الدولية، على نتائج اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي.
منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حربًا إبادة جماعية على غزة، مخلفةً أكثر من 202 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 11 ألف مفقود. إضافةً إلى ذلك، نزح مئات الآلاف، وأودت المجاعة بحياة الكثيرين.
** القرار السياسي
وانتقد البروفيسور كيمبي فشل الاتحاد الأوروبي في فرض عقوبات على إسرائيل، على الرغم من تقارير الاتحاد الأوروبي التي تشير إلى انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية.
وفي هذا السياق قال: “في رأيي فإن هذا القرار يعكس موقفا سياسيا لا يستند إلى تقييم قانوني مستقل أو تقييم لخطر الإبادة الجماعية المستمر في غزة”.
وأضاف أن الاتحاد الأوروبي كان بإمكانه أن يمارس “ضغطا كبيرا” على إسرائيل لوقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة، لكنه لم يفعل ذلك، واصفا هذا الموقف بأنه “مخيب للآمال”.
وأشار إلى أن هذا القرار يعكس أيضاً الشكوك الداخلية للنقابة بشأن تقاريرها ذاتها.
وتابع: “أعتقد أن هذا سيكون له تداعيات سلبية في المستقبل على دور الاتحاد الأوروبي كضامن لحقوق الإنسان والمعايير الإنسانية الدولية في جميع أنحاء العالم”.
**أوقفوا الإبادة الجماعية
وأضاف كيمب أن دولا مثل سلوفينيا وإسبانيا وأيرلندا وبلجيكا أعربت عن رغبتها في “اتخاذ خطوات أقوى ضد إسرائيل”.
وفي الوقت نفسه، أكد أن الدول الأعضاء السبعة والعشرين في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى التزاماتها داخل الاتحاد، لديها أيضاً التزامات قانونية مستقلة بموجب القانون الدولي.
وتابع: “على سبيل المثال، إذا كانت هذه الدول أطرافاً في اتفاقية الإبادة الجماعية، فإنها ملزمة بالمساعدة في منع الإبادة الجماعية في أي مكان في العالم”.
وأكد أن مسؤولية منع الإبادة الجماعية توفر للدول الأعضاء “أساسا قانونيا قويا” لاتخاذ إجراءات مستقلة ضد إسرائيل، حتى لو لم يتخذ الاتحاد الأوروبي موقفا موحدا.
** تعليق الشراكة
من جانبها، أشارت إيف جيدي إلى الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل قبل الاجتماع الذي عقد في 15 تموز/يوليو لتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة.
وأضافت: “لم نكن نعرف شيئًا عن هذا الاتفاق. ما هي شروطه؟ ما هي آلياته؟ لم يكن هناك نص مكتوب. ومع ذلك، في اجتماع وزراء الخارجية، هيأ هذا الاتفاق أجواءً لمناقشة دور أوروبي في تحسين الوضع في غزة”.
وأشارت إلى أن وزارة خارجية الاتحاد الأوروبي وثقت 38 انتهاكا للقانون الدولي من قبل إسرائيل في إطار تحقيقاتها.
وأضافت أنه “لم يكن هناك سوى خيار قانوني وصحيح لهذا الاجتماع، وهو تعليق اتفاقية الشراكة”.
ووصف جيدي الفشل في اتخاذ قرار تعليق الاتفاق بأنه “مخيب للآمال للغاية”، مضيفا: “هذا القرار لا يضعف وحدة الاتحاد في معالجة هذه القضايا فحسب، بل يضعف أيضا مكانته العالمية كهيئة مدعوة للدفاع عن حقوق الإنسان في الصراعات والأزمات المماثلة”.
** خطوات غير مكتملة
وأكد جيدي أن الحق الأساسي للاتحاد الأوروبي يقوم على احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي، وقال إن المفوضية الأوروبية يجب أن تضمن تطبيق هذا الأساس في السياسة الداخلية والخارجية.
وانتقد جيدي “الافتقار إلى التصميم” من جانب المفوضية في تنفيذ المبادئ الأساسية المنصوص عليها في المعاهدات التأسيسية للاتحاد الأوروبي، وخاصة فيما يتصل بدورها باعتبارها “مدافعة” عن حقوق الإنسان.
وأضافت “لقد مر واحد وعشرون شهراً منذ الإبادة الجماعية الموثقة التي نشهدها كل يوم، ومع ذلك لم تتخذ اللجنة خطوات كافية”.
** السمعة في خطر
وأضاف غيدي أن الهدف الرئيسي لمنظمة العفو الدولية هو “أن يقوم الاتحاد الأوروبي بإعادة النظر في جميع الأدوات والآليات التي تسمح لإسرائيل بدعم الإبادة الجماعية في قطاع غزة”.
وأشارت إلى أن ذلك يشمل التمويل السياسي، وتصدير الأسلحة، ودعم المشروع الاستيطاني الاستعماري، والحفاظ على العلاقات والمعاملة التفضيلية مع إسرائيل.
وأضافت أن الإبادة الجماعية الإسرائيلية مستمرة منذ 21 شهرا، وشددت على أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يتخذ إجراءات فورية.
قالت: “الأمر لا يقتصر على سمعة الاتحاد الأوروبي فحسب، بل أعتقد أن وحدة الدول الأعضاء السبع والعشرين معرضة للخطر أيضًا. إذا لم يتحرك الاتحاد الأوروبي، فسيتعين على كل دولة أن تتصرف بمفردها”.