شعبة الأدوية: الشركات الأجنبية تقلص حجم إنتاجها في السوق المحلية.. وبعضها تستعد للتخارج

• عوف: تحولت هيئة مكافحة المخدرات من منظمة خدماتية إلى منظمة ربحية… وزادت الرسوم بنسبة 1000%. • الصيادلة: الشركات تضغط على الحكومة لرفع الأسعار وهذا أمر غير مقبول.
خفّضت بعض شركات الأدوية الأجنبية العاملة في السوق المصرية، وأبرزها شركة جونسون آند جونسون، إنتاجها في مصر بأكثر من 50%. وقد أدى ذلك إلى نقص العديد من الأدوية الأساسية في الصيدليات وبيعها في السوق السوداء بأسعار أعلى بنحو 300% من السعر الرسمي، وفقًا لعلي عوف، رئيس قطاع الأدوية بالغرفة التجارية المصرية.
وأضاف عوف في تصريحاته لـ«الشروق»، أن أغلب الشركات الأجنبية ستفكر في الانسحاب من السوق المصرية خلال الفترة المقبلة، بسبب الخسائر المالية الضخمة التي تتكبدها بسبب انخفاض أسعار منتجاتها.
وأشار إلى أن الوزارة طلبت من إدارة الغذاء والدواء في وقت سابق من هذا الشهر السماح للشركات بزيادة أسعار الأدوية بنسبة 10%. إلا أن هذا الطلب لم يُوافق عليه بعد، مما أدى إلى استمرار نقص بعض الأدوية الرئيسية المستخدمة في علاج الأورام والأمراض المستعصية.
يعتمد تسعير الأدوية في مصر على نظام إلزامي. تُلزم هيئة الدواء المصنّعين بتحديد سعر محدد بناءً على تكاليف الإنتاج بهامش ربح معقول. وهذا يضمن حق المرضى في العلاج بأسعار معقولة.
في يونيو/حزيران 2024، أقرّت هيئة الدواء زيادةً في أسعار العديد من أدوية الأمراض المزمنة بنسبة تتراوح بين 20 و25%، وتصل إلى 50% للفيتامينات والمكملات الغذائية. وجاءت هذه الزيادة بعد ارتفاع سعر صرف الدولار في البنوك من 30 جنيهًا إلى حوالي 50 جنيهًا.
ورغم استقرار سعر صرف الدولار منذ تحريره في مارس/آذار 2024، متراوحاً بين 48 و50 جنيهاً مصرياً، يقول رئيس قطاع الأدوية: «تكاليف الإنتاج ارتفعت بشكل كبير بسبب زيادات أسعار الوقود وخدمات النقل وأجور العمال، ما دفع الشركات للمطالبة بزيادات أخرى هذا الشهر».
وأشار عوف إلى أن ارتفاع الأسعار العام الماضي لم يكن مرضيا لبعض الشركات المنتجة لأدوية السرطان والهرمونات، وهو ما يفسر استمرار بيع هذه المنتجات في السوق السوداء.
رئيس قسم الأدوية في الغرف التجارية المصرية مقتنع بأن المرضى سيستفيدون من ارتفاع أسعار الأدوية. ويرى أن زيادة الأسعار ستسمح للشركات بإعادة طرح المنتجات النادرة في السوق، مما سيؤدي في النهاية إلى القضاء على السوق السوداء.
وأوضح أن رسوم الخدمات التي تتقاضاها إدارة الدواء من الشركات ارتفعت بنسبة تزيد عن ألف بالمئة خلال السنوات الأربع الماضية، مضيفاً: “لقد تحولت إدارة الدواء من منظمة خدمات غير ربحية إلى منظمة ربحية من الدرجة الأولى”.
وأضاف أن الشركات مستعدة للتنازل عن مطالبها الأخيرة بزيادات الأسعار إذا خفّضت هيئة تنظيم الأدوية رسوم الخدمات بنسبة 75% على الأقل. وأشار إلى أن خفض الرسوم سيضمن استقرار أسعار الأدوية في السوق المحلية ويحفز الاستثمار الأجنبي.
وأضاف عوف: “لقد لعبت هيئة الأدوية دورًا محوريًا في خلق سوق سوداء للعديد من السلع الأساسية”. وشدد على ضرورة المرونة في التعامل مع الشركات لمنعها من التوقف عن الإنتاج كليًا.
وفي بداية العام الماضي، عانت السوق المحلية من نقص حاد في جميع أنواع الأدوية تقريباً، حيث أوقفت الشركات الإنتاج حتى سمح لها برفع الأسعار بما يتماشى مع زيادة سعر الصرف التي دخلت حيز التنفيذ في مارس/آذار 2024.
بعد السماح للشركات برفع أسعار الأدوية في يونيو/حزيران 2024، بدأت المشكلة تخف تدريجيًا، وأصبحت معظم الأدوية متوفرة في الصيدليات. مع ذلك، لا تزال أدوية السرطان وبعض الأدوية الأخرى تعاني من نقص في المعروض.
وأشار رئيس القسم إلى بعض الأدوية التي تباع حاليا في السوق السوداء لعدم توفرها، ومنها دواء ثرومبونورم المستخدم لعلاج ارتفاع عدد الصفائح الدموية بسبب مشاكل نخاع العظم، وحقن ريميكيد الوريدية، وحقن سولو ميدرول، ومينالاكس لعلاج القولون، وهوليو لعلاج المفاصل، ولوجيماكس لعلاج ضغط الدم، والقائمة تطول، بحسب عوف.
مع ذلك، يرى محفوظ رمزي، رئيس لجنة تصنيع الأدوية في نقابة الصيادلة، أن الشركات تمارس ضغوطًا غير مبررة على هيئة الدواء للسماح لها بتعديل الأسعار. وهذا أمر مرفوض تمامًا.
وأضاف رمزي لـ”الشروق” أن تعديل الأسعار ضروري لعدد محدود جدًا من الأدوية، إذ إن إنتاج هذه الأدوية وحده، والذي يتطلب تكنولوجيا تصنيع متطورة، مكلف. ومع ذلك، فالأسعار الحالية مُرضية جدًا.
وأشار إلى أن القانون يسمح لشركات الأدوية بطلب زيادة الأسعار إذا ارتفع سعر صرف الدولار بنسبة 15% على الأقل، وهو ما لم يحدث منذ مارس/آذار 2024. وبالتالي، لن توافق هيئة تنظيم الأدوية على طلب الشركات الأخير بزيادة الأسعار بنسبة 10%.
يعتقد أن على هيئة الدواء أن تكون مرنة، وأن تسمح فقط بأدوية محددة تُسبب خسائر مالية للمُصنّعين. وأشار إلى أن هذا النقل المُحدود لعدد محدود جدًا من الأدوية سيضمن توافرها في السوق المحلية.
وأشار إلى أن الشركات تتكبد خسائر في إنتاج بعض المنتجات، لكنها تعوّض هذه الخسائر ببيع منتجات أخرى بأسعار أعلى من تكاليف إنتاجها. كما أكد أن وجود هذه الشركات في السوق المصرية يُمثّل ميزة كبيرة لها، نظرًا لحجم السوق الاستهلاكية الكبير الذي يتجاوز 100 مليون نسمة، وسهولة تصدير منتجاتها إلى العديد من الدول.