الموسم المسرحي تحت المجهر.. نقاش فكري موسع بالمهرجان القومي يستعرض الواقع والتحديات والطموحات

انعقدت في القاعة الرئيسية للمهرجان الوطني للمسرح جلسة فكرية موسعة بعنوان “نقاش مفتوح حول الموسم المسرحي”، بمشاركة نخبة من النقاد والباحثين المسرحيين، بالإضافة إلى عدد من المسرحيين والإعلاميين والمهتمين بالشأن الثقافي. وجاءت الجلسة ضمن المحور الفكري للدورة الثامنة عشرة من المهرجان، الذي يُقام برعاية وزارة الثقافة ويرأسه الفنان محمد رياض.
ضمّت الندوة الناقد باسم صادق، والناقدة رشا عبد المنعم، والشاعر والكاتب المسرحي يسري حسن، والكاتب محمد عبد الحافظ ناصف، نائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، والناقد الدكتور محمد الخطيب، أستاذ النقد المسرحي بجامعة عين شمس. وأدار الندوة الناقد أحمد خميس.
• أحمد خميس: ثلاثية نقدية تشخص واقع المسرح
افتتح الناقد أحمد خميس الجلسة بتقديم ثلاثة محاور رئيسية للنقاش: السمات المشتركة للعروض المسرحية، والميل نحو النصوص المترجمة والتقليدية على حساب الإبداع المحلي.
العلاقة مع الجمهور ووسائل الإعلام والحاجة إلى تطوير أدوات جذب جمهور المسرح والتواصل معه. الفرص والتحديات، بما في ذلك العدد المحدود لدور السينما، وتراجع الابتكار في قطاع المسرح، والأزمات في إدارة الإنتاج.
• محمد عبد الحافظ ناصف: الثقافة الشعبية هي التي تصنع جمهور المسرح.
أكد الكاتب والشاعر محمد عبد الحافظ ناصف، على الدور التاريخي للهيئة العامة لقصور الثقافة في دعم الحركة المسرحية في مصر على مدار أكثر من 80 عامًا، مشيرا إلى أن المسرح الجماهيري يظل المنصة الأهم لاكتشاف وتدريب المواهب.
وأوضح أنه قُدّم أكثر من 250 مشروعًا لموسم نادي المسرح لهذا العام، اختير منها 155 عرضًا، حصل كل منها على تمويل بقيمة 10 آلاف جنيه مصري. كما شملت العروض الكبرى بميزانية 80 ألف جنيه مصري. وشارك في البرنامج 9 آلاف فنان ومتدرب، وتجاوز جمهور المسرح السنوي 300 ألف مشاهد.
وأكد أهمية نقل العروض والفعاليات إلى المحافظات، معتقداً أن التركيز الإقليمي للمهرجان الوطني يعزز المساواة الثقافية ويسمح بالتفاعل المباشر مع جماهير جديدة.
• محمد الخطيب: ننتج الكثير.. ولكن أين الجمهور؟
أعرب الدكتور محمد الخطيب عن قلقه إزاء ما وصفه بـ«تشابه الصيغ الفنية» في أغلب العروض المسرحية، مؤكداً أن أكثر من 5 آلاف عرض مسرحي تقام في مصر سنوياً في قطاعات مختلفة (حكومية، وجامعات، وكنائس، ومؤسسات مستقلة، ومراكز ثقافية)، ولكن دون جمهور ثابت أو حقيقي.
قال: “الفنانون اليوم أكثر اهتمامًا بالظهور من الرسالة. نشهد مرحلة من المبادرات الفردية بينما يغيب الجمهور. وهذا يتطلب تغييرًا في الثقافة العامة، وليس فقط من جانب الفنانين”.
• ياسر حسن: في بعض المحافظات لا يوجد مسرح.
انتقد الكاتب المسرحي يوسف حسن قلة الأنشطة المسرحية في بعض المحافظات، كالمنيا، رغم إغلاق عدد من المسارح في الإسكندرية. وأكد أن مسرح الأنفوشي هو المسرح الوحيد النشط تقريبًا.
واقترح استغلال المساحات المفتوحة في المحافظات لتقديم عروض عامة أصيلة، بعيدًا عن الشكل الرسمي لـ”عروض اللجان”. ودعا إلى تخصيص حصة أكبر من الميزانيات للتدريب بدلًا من الإنتاج الفني فقط، لضمان الجودة والابتكار.
• رشا عبد المنعم: لماذا برامجنا بعيدة كل البعد عن الواقع؟
وتساءلت الناقدة رشا عبد المنعم عن اغتراب المحتوى المسرحي عن الواقع المصري، مشيرة إلى أن العديد من العروض اعتمدت على نصوص مترجمة أو محلية تدور أحداثها في بيئة غربية، مما حرمها من التواصل الحقيقي مع الجمهور المحلي. وأشادت بظهور فنانين شباب واعدين يتناولون القضايا الاجتماعية المصرية بجدية، فضلًا عن تزايد عدد الكاتبات والمخرجات الجديدات. وأكدت أن المهرجانات، وخاصة مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، لعبت دورًا هامًا في تعزيز هذه التوجهات.
• باسم صادق: مسرح الجامعة أنقذ الموسم
يرى الناقد باسم صادق أن مسرح الجامعة أصبح “خط الدفاع الأول للمسرح”. ويشير إلى أنه قدم ثمانية عروض هذا العام، بينما لم يقدم البيت الفني للمسرح سوى ثمانية عشر عرضًا، ولم تكن هناك رؤية واضحة للإنتاج أو توجه واضح.
وأشار إلى العودة القوية لمسرح العرائس وزيادة العروض الموسيقية، لكنه أكد أن المسرح الجماهيري يحتاج إلى إعادة هيكلة شاملة لإنتاجه ورؤيته الفنية.
• محمد رياض: نحتاج إلى دراسة حول نقص المسارح الخاصة.
وفي ختام الجلسة تحدث رئيس المهرجان محمد رياض مؤكدا أن المسرح الخاص الذي كان يشكل ركيزة أساسية من ركائز الحركة المسرحية اختفى من الساحة دون أي بحث جدي في أسباب تراجعه. وأشار إلى تجارب بارزة، مثل عروض عادل إمام وسمير غانم ومحمد صبحي، ساهمت في ترسيخ الوعي المسرحي لدى الجمهور. ويبدو المسرح الجامعي اليوم المسار الأكثر رسوخًا من حيث الإبداع والحضور، ووصف عروضه بأنها “مشرفة ومرموقة”، وخاصةً تجربة “ماكبث المسرحي”.
وأكد أن قرار المهرجان بإقامة ورش العمل والعروض في المحافظات خطوة مهمة وملموسة نحو خلق قاعدة جماهيرية جديدة في كافة مناطق مصر.