5.8 مليار دولار.. كيف تسد مصر الفجوة التمويلية خلال العام الحالي؟

بقلم أحمد والي:
يرى الاقتصاديون الذين قابلهم ايجي برس أن قدرة مصر على سد الفجوة التمويلية في السنة المالية الحالية، التي بدأت في يوليو، يجب أن تأتي من مصادر مستدامة. ويشمل ذلك جذب الاستثمار المباشر وتشجيع الصادرات والصناعة، بدلاً من بيع حصص الحكومة في بعض الشركات والبنوك.
في تقريرٍ عن مصر نُشر الأسبوع الماضي، قدّر صندوق النقد الدولي إجمالي فجوة التمويل في السنة المالية الحالية بـ 5.8 مليار دولار، مقارنةً بـ 11.4 مليار دولار في السنة المالية السابقة.
تُحدَّد فجوة تمويل النقد الأجنبي بطرح جميع النفقات المتنوعة من إجمالي الإيرادات. ولتحقيق ذلك، يجب على الحكومة وضع خطة لسد هذه الفجوة.
ودعا صندوق النقد الدولي مصر إلى الوفاء بالتزاماتها على الفور والتخلص من بعض الأصول من أجل سد فجوة تمويل النقد الأجنبي وتقليص أعباء الائتمان والديون.
ولهذا السبب أرجأ صندوق النقد الدولي المراجعة الخامسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، الذي دعمه بقرض بقيمة 8 مليارات دولار، إلى المراجعة السادسة المقررة في سبتمبر/أيلول المقبل.
ويعني هذا أن استلام الشريحة الخامسة بقيمة 1.2 مليار دولار لمصر سيتم تأجيله من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول أو أكتوبر/تشرين الأول المقبلين، بعد الموافقة على المراجعة.
وأوضحت الدكتورة علياء المهدي، عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابقة، لموقع ايجي برس، أن سد فجوة الدولار يتطلب خطة إنتاج مستدامة، ولا يمكن الاعتماد فقط على بيع الأصول أو الاقتراض.
وأشارت إلى أن تعزيز صادرات الخدمات والمواد الخام يجب أن يكون على رأس الأولويات من خلال دعم الصناعات ذات المزايا النسبية وتقديم الحوافز الضريبية وغيرها للمصدرين.
وأوضح المهدي أن الاعتماد المتكرر على بيع الأصول يشكل خطرا طويل الأمد: “لا يمكننا بيع أصولنا إلى الأبد”، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات المؤقتة لا ينبغي النظر إليها إلا كحلول قصيرة الأجل.
وأظهر التقرير المالي لوزارة المالية المصرية أن مصر تخطط لجمع ما بين أربعة وخمسة مليارات دولار في العام المالي الحالي من خلال بيع أسهم في 11 شركة مملوكة للدولة للقطاع الخاص بهدف جذب العملة الأجنبية.
وقال وزير المالية أحمد كوجك إن الحكومة ستتبع نهجا جديدا للتخلص من الأصول، مع التركيز على “عدد محدود من الصفقات الاستراتيجية الكبيرة بدلا من السعي إلى عدد كبير من الصفقات الأصغر”.
وأضاف في مقابلة مع وكالة بلومبيرغ، نقلتها صحيفة الشرق الأوسط، أن الحكومة قدمت للصندوق خطة متوسطة الأجل لبيع استثمارات الدولة، و”تلقينا ردود فعل إيجابية بشأن هذا الأمر ونواصل العمل عليه”.
مساهمة القطاع المصرفي
وبحسب المهدي، يُمكن للقطاع المصرفي المحلي أن يُتيح سبيلاً لسد الفجوة من خلال أدوات التمويل بالعملة الأجنبية، لا سيما في ظل ودائع الأفراد بالدولار. ومع ذلك، حذّرت من الإفراط في الاستدانة الخارجية، التي قد تدفع البلاد إلى حلقة مفرغة من العجز المالي ونقص الدولار المُستمر ما لم تُحسّن مصادر التدفق النقدي الحقيقي بالتزامن مع ذلك.
تحسين مصادر النقد الأجنبي
ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد أبو علي أن سد الفجوة التمويلية لا يمكن أن يتم عبر قناة واحدة، بل يتطلب حزمة شاملة من السياسات والاستراتيجيات الهادفة إلى تحسين مصادر تدفق النقد الأجنبي.
وأكد أن الحكومة بدأت بتطبيق آليات متنوعة، منها جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وتحفيز بيئة الأعمال، وتقديم حوافز مرنة للمستثمرين. وفي الوقت نفسه، تُكثّف جهودها لتعزيز الفرص في القطاعات الواعدة، كالطاقة المتجددة، والسياحة، والتصنيع.
وأضاف أبو علي أن قطاع السياحة يلعب دورًا محوريًا في الاستراتيجية الحالية، لا سيما مع اقتراب افتتاح المتحف المصري الكبير وجهود إنعاش المقاصد السياحية، والتي من المتوقع أن يكون لها أثر إيجابي على تدفقات النقد الأجنبي. كما بادرت الحكومة باتخاذ إجراءات لتعزيز الصادرات من خلال تحسين تنافسية المنتجات المصرية والتوسع في الأسواق الخارجية.
أشار أبو علي إلى أن الإجراءات الحكومية غير التقليدية تشمل السماح ببيع العقارات والأراضي للأجانب بالدولار، مما أدى إلى تدفق سريع للسيولة الدولارية. إلا أن هذا الإجراء مؤقت ويحتاج إلى تعديل دقيق لتجنب آثاره السلبية على سوق العقارات المحلي.
خطة حكومية لسد الفجوة
قال وزير المالية أحمد كجوك إن مصر تعتزم إصدار سندات دولية بقيمة 4 مليارات دولار في السنة المالية الحالية 2025-2026 لتنويع مصادر تمويلها.
وفي مقابلة مع وكالة بلومبيرغ، نقلتها صحيفة الشرق الأوسط، قال الوزير خلال حضوره مؤتمر جمعية الأعمال البريطانية في لندن، إن الحكومة تدرس إصدار أدوات مالية، بما في ذلك سندات مقومة باليورو والدولار وسندات الاستدامة، بهدف تغطية نحو 40% من احتياجات مصر التمويلية الخارجية في العام المالي الحالي.
وأضاف كوجوك أنه بالإضافة إلى الصكوك، تدرس الحكومة أيضًا إصدار سندات بالين الياباني واليوان الصيني.
وأوضح الوزير أن الحكومة تدرس إصدار صكوك وسندات فردية بالعملة المحلية في مصر خلال العام المالي الحالي.
وأوضح أن هذه الأدوات “ستوفر سيولة إضافية من خلال الأوراق النقدية الجديدة، وتقدم للمواطنين آلية ادخار جديدة”، بحسب ما نقلت بلومبيرغ عن الشرق.