كاتب أمريكي: كيف كشفت اليونان شبكة تجسس صينية تتنكر في هيئة عائلة سياح؟

منذ 2 شهور
كاتب أمريكي: كيف كشفت اليونان شبكة تجسس صينية تتنكر في هيئة عائلة سياح؟

في السنوات الأخيرة، ازدادت التقارير عن محاولات تجسس تقودها الصين في عدة دول غربية. وقد استخدمت هذه المحاولات أساليب غير تقليدية، بدءًا من الطائرات المسيرة والسياحة المُقنّعة وصولًا إلى شراء عقارات استراتيجية بالقرب من منشآت عسكرية. وفي ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية، أصبحت أجهزة الاستخبارات الغربية أكثر يقظةً تجاه الأنشطة المشبوهة.

يوضح بيتر سوتشيو، الكاتب والصحفي الأمريكي المتخصص في الشؤون العسكرية والتكنولوجيا والسياسة، في تقرير نُشر في مجلة “ناشيونال إنترست” أن الصين تبدو مستعدة لفعل أي شيء للحصول على معلومات حول المعدات العسكرية المصنعة في الخارج، من الطائرات بدون طيار إلى القرصنة إلى الشراء المحتمل لفندق.

في وقت سابق من هذا الشهر، أُلقي القبض على أربعة مسؤولين صينيين في اليونان للاشتباه في تصويرهم “منشآت عسكرية حساسة” خارج العاصمة أثينا. ووفقًا لسوتشيو، تُعدّ هذه الحادثة الأحدث في سلسلة حوادث يُشتبه فيها بالتقاط مواطنين صينيين صورًا أو مقاطع فيديو لمعدات ومنشآت عسكرية أجنبية.

اعتقلت السلطات عائلة صينية، تضم فتىً يبلغ من العمر 15 عامًا وصديقه في منتصف العمر، بعد أن التقطوا صورًا قرب قاعدة تاناغرا الجوية. وكان قد طُلب من المجموعة سابقًا التوقف عن التصوير قرب مصنع الصناعات الجوية اليونانية. إلا أنهم رُصدوا مجددًا على جسر قريب، حيث واصلوا تصوير القاعدة، وخاصةً طائرات رافال الفرنسية المقاتلة التابعة لسلاح الجو اليوناني.

وبحسب موقع “أيرو تايم”، لفتت القضية انتباه جهاز الاستخبارات اليوناني سريعًا، الذي بدأ تحقيقًا.

وقعت هذه الحادثة بعد أيام قليلة من اتهام مسؤولين عسكريين واستخباراتيين فرنسيين للصين بنشر معلومات مضللة حول طائرة رافال المقاتلة متعددة الأدوار بعد إسقاطها خلال الصراع الحدودي القصير بين الهند وباكستان في أوائل مايو. وأشار مسؤولون فرنسيون إلى أن بكين كانت تحاول تشويه سمعة الطائرة الفرنسية الرائدة والإضرار بمبيعاتها.

وتعد هذه الحادثة الأخيرة واحدة من سلسلة حوادث شملت “سياحًا صينيين” مزعومين تم رصدهم وهم يلتقطون صورًا أو مقاطع فيديو لمعدات عسكرية حساسة.

في ديسمبر الماضي، احتُجز مواطن صيني في مطار سان فرانسيسكو الدولي قبل صعوده إلى طائرة متجهة إلى الصين. ووُجهت إلى ين بياو تشو، البالغ من العمر 39 عامًا، تهمة عدم تسجيل طائرة وانتهاك المجال الجوي الوطني. ويُزعم أنه استخدم طائرة بدون طيار لتصوير منشآت في قاعدة فاندنبرغ الجوية في كاليفورنيا.

في العام الماضي، اشتُبه في تحليق طائرة مُسيّرة فوق حاملة الطائرات الأمريكية النووية من فئة نيميتز، يو إس إس رونالد ريغان (CVN-76)، أثناء رسوها في يوكوسوكا باليابان. ونُشر مقطع فيديو من على سطح الحاملة لاحقًا على مواقع التواصل الاجتماعي في ربيع عام 2024، إلى جانب صور للقاعدة الأمريكية.

في وقت لاحق من العام نفسه، اتُهم ثلاثة طلاب صينيين باستخدام طائرة صغيرة بدون طيار لتصوير حاملة طائرات أخرى من فئة نيميتز، وهي يو إس إس ثيودور روزفلت (CVN-71)، أثناء زيارتها للقيادة البحرية الكورية الجنوبية في مدينة بوسان الساحلية جنوب شرق البلاد. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الفيديو صُوّر في نفس اليوم الذي زار فيه الرئيس الكوري الجنوبي آنذاك يون سوك يول حاملة الطائرات. وليس من الواضح ما إذا كانت الطائرة قد رُصدت في ذلك الوقت.

وفي حادث آخر، يشتبه في أن طائرة بدون طيار قامت بتصوير السفينة الحربية التابعة لقوة الدفاع الذاتي البحرية اليابانية “جيه إس إيزومو” أثناء تواجدها في قاعدة يوكوسوكا جنوب طوكيو. لم تكن الطائرات المسيّرة الشيء الوحيد الذي يُقلق مسؤولي الأمن الغربيين. ففي العام الماضي، أفادت صحيفة وول ستريت جورنال أن عائلة صينية اشترت فندق روسلي، وهو نُزُل عمره قرن من الزمان يقع في وادٍ بجبال الألب، عام ٢٠١٨. وقد اشتراه الفندق مقابل مليون دولار، ويطل على شلالات رايشنباخ الشهيرة من واجهته.

لكن ما أثار قلق المسؤولين الأميركيين كان المنظر من النوافذ الخلفية للفندق لقاعدة ميرينجن الجوية، التي ستصبح مقرا للطائرات المقاتلة السويسرية من طراز إف-35 إيه، المقرر أن تدخل الخدمة بين عامي 2027 و2030.

بالإضافة إلى الموقع المريب، لاحظ مسؤولو الأمن الأمريكيون والبريطانيون علامات استفهام واضحة أخرى. فقد أغلق الملاك الجدد مطعم الفندق ولم يبدوا اهتمامًا يُذكر بجذب الزبائن. واستُبدل معظم الموظفين بموظفين صينيين. كما كانت عائلة وانغ تعود إلى الصين سنويًا خلال موسم عيد الميلاد، وهو أحد أكثر المواسم ازدحامًا بالسياح في المنطقة، مما أثار المزيد من التساؤلات حول دوافعهم لشراء الفندق. لم تتدخل السلطات السويسرية إلا بعد أن حذرت وزارة الدفاع الأمريكية من عدم وجود طائرات إف-35 في القاعدة الجوية ما لم تُتخذ إجراءات أمنية مشددة. ففتشت السلطات السويسرية الفندق وغرّمت عائلة وانغ لانتهاكها قوانين الضيافة السويسرية.

ورغم أن العائلة نفت القيام بأي نشاط تجسسي لصالح بكين، إلا أنها عادت إلى الصين وتم إغلاق الفندق.

اشترى الجيش السويسري المبنى منذ ذلك الحين مقابل 1.8 مليون دولار. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيتم هدم المبنى القديم أو تحويله.


شارك