المجاعة تقيد متبرعي الدم بغزة لإنقاذ جرحى الإبادة الإسرائيلية

– الشاب محمد حسن: ابنة أخي تحتاج إلى نقل دم، لكن المستشفى أخبرنا أنه لا يوجد نقل دم. – الجريح رفيق جاد الله: لا يوجد طعام والوضع في قطاع غزة سيء للغاية بسبب سوء التغذية. – مسؤولة بنك الدم سماهر أبو عجوة: نواجه نقصاً حاداً في كميات الدم وهناك انخفاض كبير في أعداد المتبرعين بسبب سوء التغذية.
في مستشفيات غزة، يُعاني الجرحى الفلسطينيون من آثار القصف الإسرائيلي المستمر. كما يُعاني القطاع من نقص حاد في إمدادات الدم.
لا يستطيع العديد من الفلسطينيين التبرع بالدم بسبب سوء التغذية الناجم عن الحصار الصارم المفروض على قطاع غزة وسط الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بدعم من الولايات المتحدة.
ويواجه القطاع الصحي أزمة غير مسبوقة في المختبرات وبنوك الدم، حيث هناك نقص حاد في إمدادات الدم اللازمة لإنقاذ المصابين في الهجمات الإسرائيلية، والمستشفيات غير قادرة على تلبية الاحتياجات اليومية.
يعاني النظام الصحي في قطاع غزة من انهيار تام. ويعود ذلك، من جهة، إلى استهداف إسرائيل للمستشفيات والمراكز الصحية، ومن جهة أخرى إلى إغلاق ما تبقى من مستشفيات ومراكز طبية في القطاع بسبب تفاقم أزمة الوقود الناجمة عن إغلاق إسرائيل للمعابر الحدودية منذ مارس/آذار الماضي.
منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أميركي جريمة إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير، متجاهلة النداءات والأوامر الدولية من محكمة العدل الدولية لوضع حد لها.
في هذه الحرب، قُتل وجُرح أكثر من 197 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، وفُقد أكثر من 10 آلاف شخص. إضافةً إلى ذلك، شُرّد مئات الآلاف، وأودت المجاعة بحياة الكثيرين، بمن فيهم عشرات الأطفال.
** مكالمة مستمرة
تتوالى الدعوات لنقل الدم بشكل عاجل من أقسام المستشفيات التي يُعالج فيها مرضى مصابون بأمراض خطيرة ومصابون، والذين تعجز عائلاتهم عن توفيره. ويُعقّد تردي الحالة الصحية للفلسطينيين في قطاع غزة جهود التبرع بالدم.
حذّرت وزارة الصحة في غزة مرارًا وتكرارًا من “نقص حاد وخطير” في إمدادات الدم في المستشفيات. ويعود ذلك إلى تزايد عدد الجرحى والمرضى، وتراجع رغبة الفلسطينيين في التبرع بالدم بسبب انتشار سوء التغذية وفقر الدم.
منذ 2 مارس/آذار 2025، أغلقت إسرائيل المعابر الحدودية مع قطاع غزة أمام الشاحنات المحملة بالإمدادات والمساعدات الإنسانية. وتكدست الشاحنات على الحدود، مما حدّ من عدد الشاحنات الداخلة إلى قطاع غزة. ويحتاج الفلسطينيون في قطاع غزة إلى 500 شاحنة على الأقل يوميًا.
منذ بدء حربه على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي مستشفيات غزة والمنظومة الصحية فيها، ما أدى إلى توقف معظمها عن العمل، وتعريض حياة المرضى والجرحى للخطر.
** جريح بلا دم
جلس الشاب الفلسطيني محمد حسن (21 عاماً) على سرير مخصص للتبرع بالدم وهرع للتبرع بالدم لابنة أخيه التي أصيبت في غارة إسرائيلية.
وقال لوكالة الأناضول: “رغم الألم والجروح والوضع الصعب، جئت للتبرع مع أصدقائي لأن هناك الكثير من المصابين الذين يحتاجون إلى الدم بشكل عاجل”.
وأضاف أن ابنة أخته تحتاج إلى الدم، “لكن المستشفى أبلغنا بعدم توفره، فأخذت زمام المبادرة وتبرعت”.
وأكد الشاب الفلسطيني أن الوضع الصحي في غزة مأساوي.
وأوضح أن الفلسطينيين يعانون من سوء التغذية وفقر الدم، وأن الكثير منهم غير قادرين على التبرع لأن أجسادهم منهكة بسبب الجوع.
رفيق جاد الله، فلسطيني يبلغ من العمر 40 عامًا، يرقد في مستشفى الشفاء بغزة بسبب إصابة في قدمه. يعاني من داء السكري ويحتاج إلى نقل دم بشكل متكرر.
وقال لوكالة الأناضول: “أصبت في غارة إسرائيلية وأحتاج باستمرار إلى عمليات نقل الدم بسبب مرض السكري الذي أعاني منه، لكنها غير متوفرة”.
وأضاف أن “الطعام غير متوفر والوضع في قطاع غزة سيء للغاية”، واصفا إياه بأنه “غير موجود” في ظل سوء التغذية وحرب الإبادة المستمرة.
وفي تصريحات سابقة لشبكة المنظمات الأهلية (المنظمات غير الحكومية) حول بنك الدم في غزة، جاء أن قطاع غزة يحتاج عادة إلى نحو 35 ألف إلى 40 ألف وحدة دم سنويا، ولكن في حالات الطوارئ يمكن أن تزيد هذه الكمية بنحو 20 بالمئة أو أكثر.
أكدت أماني أبو عودة، رئيسة قسم بنك الدم في مختبر مجمع الشفاء الطبي، أن الأزمة تتفاقم يوميًا. وقالت: “نعاني من نقص حاد في الدم نتيجة تزايد الطلب عليه وعدم استقرار مخزونه في المختبرات”.
وأضافت في تصريح لوكالة الأناضول: “في الآونة الأخيرة تراجع إقبال المواطنين على التبرع بالدم بسبب المجاعة وسوء التغذية، ما أثر بشكل مباشر على توفر إمدادات الدم”.
وأوضحت أن الحاجة لا تقتصر على المصابين فقط بل تشمل مرضى السرطان ومرضى الثلاسيميا والأشخاص المتعافين من العمليات الجراحية.
ودعا أبو عودة دول الجوار والمؤسسات الطبية إلى “توفير وحدات الدم الجاهزة والمستلزمات الطبية بشكل عاجل لبنوك الدم في مستشفيات غزة”.
** المجاعة توقف التبرعات
وفي هذا السياق أوضحت أخصائية التحاليل الطبية في بنك الدم سماهر أبو عجوة: “نواجه نقصاً حاداً في كميات الدم، وأعداد المتبرعين تتراجع بشكل كبير بسبب سوء التغذية الناجم عن المجاعة في قطاع غزة”.
وأضافت لوكالة الأناضول: “عدد الضحايا يوميا مرتفع بسبب القصف المستمر، ويحتاج بعض المرضى ما بين 30 إلى 40 وحدة دم لإنقاذ حياتهم”.