عام دراسي جديد باليمن.. مصاعب وتحديات وسط انقسام سياسي

منذ 5 ساعات
عام دراسي جديد باليمن.. مصاعب وتحديات وسط انقسام سياسي

ونتيجة للحرب بين القوات الحكومية والحوثيين المستمرة منذ أكثر من عشر سنوات، حُرم ملايين الأطفال من حقهم في التعليم.

* أمين عام نقابة المعلمين عبد الرحمن المقطري:

لقد فقدت رواتب المعلمين قيمتها الحقيقية وأصبحت أقل من عُشر ما كانت عليه في بداية عام 2014.

إن انعدام الأمن والضغط النفسي ونقص الكتب المدرسية من بين الأسباب التي تجعل ملايين الطلاب لا يستمتعون بالذهاب إلى المدرسة.

يبدأ العام الدراسي الجديد في اليمن في ظل ظروف بالغة التعقيد، ويحمل تحديات جسيمة، سواءً في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين أو في المحافظات الخاضعة لسلطة الحكومة المعترف بها دوليًا. ويأتي ذلك في ظل انقسام سياسي يؤثر سلبًا على الوضع التعليمي في البلاد.

وتعاني البلاد العربية من صعوبات وتحديات حرمت ملايين الأطفال من حقهم في التعليم بسبب آثار الحرب بين القوات الحكومية والحوثيين المستمرة منذ أكثر من عقد من الزمان.

بدأ العام الدراسي في 28 يونيو/حزيران في العاصمة صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين. ومن المقرر أن يبدأ بعد نحو شهر في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وقال عضو المجلس السياسي الأعلى للحوثيين عبد العزيز بن حبتور، في تصريح صحفي بمناسبة افتتاح العام الدراسي الجديد، إن العملية التعليمية انطلقت للعام العاشر على التوالي “في مرحلة صعبة من تاريخ الشعب اليمني”.

أعلن وكيل وزارة التربية والتعليم بصنعاء هادي عمار، عن “استكمال كافة الاستعدادات والترتيبات اللازمة لبدء العام الدراسي الجديد”.

وتحدث أيضاً عن تهيئة الظروف المناسبة لقبول أكثر من ستة ملايين طالب وطالبة في المرحلتين الأساسية والثانوية في مختلف المدارس الحكومية والأهلية، بحسب وكالة سبأ التابعة للحوثيين.

ويعاني المعلمون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين من عدم صرف رواتبهم بشكل منتظم منذ عام 2016، ويحصلون فقط على مكافآت رمزية لبعض الأشهر.

في المقابل، يواجه المعلمون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة تحديات كبيرة. أبرزها انخفاض رواتبهم بشكل ملحوظ، حيث أصبحت الآن أقل من عُشر ما كانوا يتقاضونه قبل الحرب. ويعود ذلك إلى انخفاض قيمة العملة الوطنية، حيث يبلغ سعر صرفها الآن حوالي 2800 ريال للدولار، بعد أن كان 215 ريالاً في نهاية عام 2014.

* ملايين الأطفال بلا تعليم

ويبدأ العام الدراسي الجديد في وقت يحرم فيه ملايين الأطفال اليمنيين من حقهم في التعليم بسبب تداعيات الحرب بين القوات الحكومية والحوثيين.

قبل نحو أسبوعين، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، أن نحو 3.7 مليون طفل يمني في سن الدراسة خارج المدارس.

وصلت أزمة التعليم في اليمن إلى أبعاد كارثية. فقد تضررت البنية التحتية بشدة، وتوقفت رواتب المعلمين منذ عام ٢٠١٦، مما أدى إلى نزوح جماعي، وفقًا للبيان، دون تحديد وجهات المعلمين.

في محافظة تعز، وسط البلاد، حيث تتوزع السيطرة على المناطق بين الحكومة وجماعة الحوثي، يعاني عامل البناء هائل الحيدري من ظروف معيشية قاسية في مديرية ماوية الخاضعة لسيطرة الحوثيين. ويؤثر تدهور الوضع الاقتصادي وانعدام فرص العمل على قدرته على إرسال أطفاله إلى المدارس.

وفي حديثه لوكالة أنباء الأناضول، وصف اليمني الوضع هذا العام بأنه “صعب للغاية. في العام الماضي، كانت رسوم التسجيل في المدارس الحكومية 1500 ريال (حوالي 3 دولارات)، لكن هذا العام لم نتمكن من تسجيل أطفالنا، ولا نعرف حتى كم تبلغ الرسوم الآن”.

وأضاف أنه اضطر لدفع “نحو 6 آلاف ريال (نحو 12 دولاراً) لتغطية تكاليف الحوافز واللوازم المدرسية لأطفاله الثلاثة، وهو مبلغ لا أستطيع تحمله بسبب الوضع الاقتصادي الصعب”.

وأشار إلى أن فرص العمل تراجعت بشكل كبير وأنه يذهب يومياً إلى “سوق العمال” في منطقة ماوية (مكان يتجمع فيه العمال كل صباح للبحث عن عمل) على أمل العثور على فرصة، لكنه غالباً ما يعود خالي الوفاض كما هو الحال مع كثير من العمال الآخرين.

واختتم الحيدري تصريحاته بمناشدة المنظمات الإنسانية: “ليس لدينا خيار سوى التدخل ومساعدة أطفالنا في الحصول على المستلزمات المدرسية والكتب، حيث لم نعد قادرين على توفيرها بأنفسنا”.

ويسري وقف إطلاق النار في اليمن منذ أبريل/نيسان 2022، في حرب بدأت قبل أكثر من عشر سنوات بين القوات الموالية للحكومة الشرعية وجماعة الحوثي التي تسيطر على محافظات ومدن بينها العاصمة صنعاء (شمال)، منذ 21 سبتمبر/أيلول 2014.

لقد دمرت الحرب معظم أنحاء اليمن وتسببت في واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية تدميراً في العالم، وفقاً للأمم المتحدة.

* الراتب يساوي 30 دولارًا

تظاهر مئات المعلمين في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، الاثنين، مطالبين بصرف رواتبهم لشهري مايو ويونيو 2025.

وفي هذا السياق يقول عبدالله الحمادي الذي يعمل معلماً في تعز منذ 25 عاماً إن العام الدراسي الجديد يعد من أصعب الأعوام التي واجهها المعلمون نتيجة التحديات العديدة.

وأضاف في تصريح لوكالة الأناضول للأنباء في اليوم التالي للمسيرة المذكورة: “راتب المعلم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الآن لا يتجاوز 30 دولاراً، مقارنة برواتب متوسطة كانت تتجاوز 300 دولار قبل الحرب”.

وتابع الحمادي: “نحصل حاليا على عُشر ما كنا نحصل عليه قبل الحرب، وهذا المبلغ لا يكفي حتى لشراء الدقيق”.

وأكد أنه شارك في مظاهرات عديدة للمطالبة بتحسين أوضاع المعلمين، إلا أن الظروف الصعبة والوضع الاقتصادي المتردي في اليمن حالت دون تحقيق هذه المطالب.

ويتوقع المعلم اليمني عاماً دراسياً صعباً، خاصة في ظل تأخر صرف الرواتب، رغم أنها قليلة وبسيطة.

* تحديات كبيرة وراتب منخفض

قال أمين عام نقابة المعلمين اليمنيين (التي تغطي كافة أنحاء البلاد) عبد الرحمن المقطري إن العملية التعليمية في البلاد سواء في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية أو الحوثيين تواجه تحديات كبيرة.

وأضاف لوكالة الأناضول: “في المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية، أدى الغلاء المعيشي وانهيار العملة المحلية إلى تدهور القدرة الشرائية للمعلمين والطلاب والمواطنين بشكل عام”.

وتابع: “رواتب المعلمين فقدت قيمتها الحقيقية، وأصبحت أقل من عُشر ما كانت عليه في بداية عام ٢٠١٤، ولم تعد تكفي حتى لتلبية الاحتياجات الأساسية كالطعام والشراب، ناهيك عن الضروريات الأخرى”.

وأشار إلى أن الوضع في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين قد تفاقم أكثر. فالمعلمون هناك لم يتقاضوا رواتبهم منذ ثماني سنوات، ويتقاضون نصف راتبهم فقط كل ستة أشهر، ولم تُمنح الحوافز منذ نحو عام ونصف.

وأضاف المقطري: “إلا أنها لا تكفي لتغطية احتياجات المعيشة الأساسية، والعديد من المعلمين غير قادرين على سداد ديونهم أو إعالة أسرهم بهذا الدخل الضئيل”.

وفيما يتعلق بوضع الطلاب، قال إنهم “يواجهون ظروفًا مأساوية، لا سيما في مناطق النزاع أو حيث دُمرت المدارس كليًا أو جزئيًا. يضاف إلى ذلك تدمير مختبرات العلوم والحاسوب ونقص الموارد التعليمية”.

* عدم الاهتمام بالتعلم

وأوضح النقابي اليمني أن “الطلاب يعانون من انعدام الأمن والضغوط النفسية ونقص الكتب الدراسية التي تصل أحيانا إلى 6 آلاف ريال للمادة الواحدة، إضافة إلى رسوم شهرية قدرها 5 آلاف ريال”.

هذه الظروف، إلى جانب النزوح المستمر والفقر المدقع، أجبرت ملايين الطلاب على ترك الدراسة. واختار بعضهم العمل حيثما أمكن، أو الهجرة، أو حتى المشاركة في الحرب بسبب التعبئة العسكرية أو الضائقة المالية، كما قال زعيم النقابة.

وأشار إلى أن المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية لا يتوفر فيها سوى 13 بالمائة من الطلب الفعلي على الكتب المدرسية، وأن هناك نقصاً خطيراً في المعلمين والمعلمات بسبب تجميد التوظيف منذ أكثر من 12 عاماً.

وفي محافظة تعز وحدها، على سبيل المثال، بحسب المقطري، غادر أكثر من 8 آلاف معلم سوق العمل بسبب التقاعد أو النقل دون أن يتم تعيين أي بدلاء لهم.

وبحسب تقارير الأمم المتحدة، يوجد في اليمن أكثر من 16 ألف مدرسة، ونحو 11 مليون طالب وطالبة في المرحلتين الابتدائية والثانوية.


شارك