السمسمية وموسيقى برائحة مدن القتال.. كيف أسس عمرو دياب لمشروعه الفني؟

يعود الفنان عمرو دياب إلى الهيمنة على الساحة الغنائية، ويتزايد التفاعل الجماهيري حول ألبومه المرتقب، والذي ينتظره جمهوره بفارغ الصبر.
وأثار ظهور النجم مؤخراً في إعلان لشركة اتصالات موجة من الإعجاب، حيث جسد الإعلان فكرة الارتباط بين الأجيال المتعددة والثقافات المختلفة بأغانيه التي أصبحت جزءاً من الذاكرة الجماعية.
نعود إلى بداياته، كاشفين عن تاريخه الطويل وحضوره المتجدد على الساحة الموسيقية لأكثر من أربعين عامًا. نستكشف خبايا هذه المسيرة الاستثنائية من خلال كتاب “أيامنا: رؤية موسيقية واجتماعية لمسيرة عمرو دياب” للكاتب مصطفى حمدي، الصادر عن دار ريشة. يقدم الكتاب دراسة تحليلية لمسيرة “الهضبة” – ليس فقط كنجم غنائي، بل كظاهرة فنية أثّرت في الذوق العام وشكلت وعي جيل بأكمله.
* ملاهي بيراميدز … اقترب وابتعد في الوقت المناسب
يروي عمرو دياب هذه المرة: “شكّلتُ فرقةً موسيقيةً مع بعض زملائي في المعهد. كنتُ أدرس صباحًا وأغني في النوادي الليلية مساءً. مع نهاية عام ١٩٨٣، بدأ اسمي يتردد على حفلات الزفاف والنوادي الليلية الصغيرة في شارع الهرم، ولكن ليس كعضوٍ دائم، بل كنتُ أغني كلما طُلب مني ذلك. في الوقت نفسه، بدأتُ أتعرف على دائرة أوسع من الفنانين، وبدأتُ أقيس نجاحي بعدد النوادي الليلية التي أغني فيها كل ليلة.”
وتابع الهضبة: “وصلت إلى حدّ الغناء في سبعة أماكن يوميًا. خلال تلك الفترة، أدركت أنني أصبحتُ مغنيًا محترفًا ومطلوبًا. غنيتُ لعبد الحليم وعبد الوهاب وأم كلثوم، بالإضافة إلى أغاني ألبومي الأول “يا طريق”. لكن مع مرور الوقت، أدركتُ أن هذه المرحلة لم تكن ما جئتُ من بورسعيد من أجله. أنا هنا في القاهرة لأبني مسيرتي الفنية وأكتسب خبرات جديدة. مهما كان دخلي من الغناء في النوادي الليلية، فهناك ما هو أهم: فني وأفكاري”.
* تجربة الملك وحميد الشاعري والعودة إلى الجذور.. أولى الدروس التي تعلمتها الهضبة
وقّع عمرو دياب عقدًا مع شركة دلتا ساوند، المملوكة للمنتجين ناصيف قزمان وتيمور كوتا. ومعهما، أدرك مبكرًا أهمية دور المنتج الفني لمشروعه الموسيقي. أما محمد منير، فيملك العقول التي تدير خبراته، بقيادة يحيى خليل وفرقته، التي أصدرت ألبومه الرابع بعنوان “إتكلمي”.
بنى منير تجربته على عناصر متنوعة، منها الفولكلور النوبي، الذي طوّره ليُشكّل قوالب موسيقية حديثة. أما حميد الشاعري، فقد أطلق مشروعه الموسيقي الخاص، مستفيدًا من تطور الفولكلور الليبي وتجارب مواطنيه الذين سبقوه في الموسيقى الشعبية، مثل أحمد فكرون وناصر المزداوي.
كان نجاح منير وحميد الشاعري أول درس تعلمه عمرو دياب في بناء مشروعه الفني. ابن بورسعيد، يحمل معه تراثًا ثقافيًا وموسيقيًا مفعمًا بعبق مدن القناة وإيقاعات السمسمية والبامبوطية، تراثًا شعبيًا أقرب إلى ذوق الجمهور المصري، ولكنه تراث لم يكتشفه بعدُ مؤسسو الأغنية المصرية الحديثة.