اقتصاد مصر ينمو بأعلى وتيرة منذ 3 سنوات.. ما السبب؟

بقلم: منال المصري
أعلنت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي أن معدل نمو الاقتصاد المصري ارتفع بنسبة 4.77% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر في الربع الثالث من العام المالي 2024/2025، مقارنةً بمعدل نمو بلغ 2.2% في الربع المقابل من العام المالي السابق. ويُعد هذا أعلى معدل نمو ربع سنوي في ثلاث سنوات.
وقالت الوزارة في بيان اليوم إن هذا الأداء من شأنه أن يساعد على ارتفاع متوسط معدل النمو في الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية الحالية إلى نحو 4.2%، مقارنة بنحو 2.4% في الفترة المقابلة من السنة المالية السابقة.
ويعكس هذا الأداء القوي التعافي المستدام والقدرة المتزايدة للاقتصاد على الصمود في مواجهة حالة عدم اليقين العالمية.
ويأتي هذا النمو في أعقاب مواصلة تنفيذ أجندة الإصلاح الحكومية في إطار البرنامج الوطني للإصلاح الهيكلي، الذي يعد عاملاً أساسياً في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي وتحسين إدارة الاستثمار العام وزيادة القدرة التنافسية للاقتصاد من خلال تعزيز دور القطاع الخاص في مختلف القطاعات الإنتاجية.
نتج النمو في الربع الثالث من السنة المالية 2024/2025 عن توسع ملحوظ في عدة قطاعات رئيسية. واصل قطاع الصناعات التحويلية غير النفطية، وقطاع السياحة (ممثلاً بالمطاعم والفنادق)، وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، تحقيق أداء إيجابي. إلا أن بعض القطاعات استمرت في التراجع، بما في ذلك قناة السويس وقطاع التعدين.
وعلى جانب الإنفاق، حظي النمو بدعم خاص من الصادرات الصافية، التي ساهمت بنحو 2.7 نقطة مئوية في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي.
يعود هذا النمو الإيجابي إلى التوسع القوي في صادرات السلع والخدمات. فقد ارتفع إجمالي الصادرات بنسبة 54.4%، متجاوزًا بشكل ملحوظ الزيادة في الواردات البالغة 18.7%.
كما ارتفع الاستثمار الخاص بنسبة 24.2% على أساس سنوي بالأسعار الثابتة في الربع الثالث من السنة المالية 2024/2025، متجاوزًا الاستثمار العام للربع الثالث على التوالي، وبلغت نسبة مساهمته نحو 62.8% من إجمالي الاستثمار (باستثناء المخزونات). إلا أن هذا النمو لم يكن كافيًا لتعويض الانخفاض الحاد في الاستثمار العام، الذي انخفض بنسبة 45.6% على أساس سنوي بالأسعار الثابتة.
ونتيجةً لذلك، كانت مساهمة الاستثمار في النمو الاقتصادي سلبية، مما أدى إلى انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 2.44 نقطة مئوية. في الوقت نفسه، استمرت حصة الاستثمار العام في الانخفاض، لتصل إلى 37.2%. ويعكس هذا جهود الحكومة لإعادة هيكلة الإنفاق الاستثماري، وترشيد الاستثمار العام، وتعزيز دور القطاع الخاص.
وتؤكد المؤشرات الدورية أيضا استمرار تحسن النشاط الاقتصادي في مصر خلال الربع الثالث.
ارتفع مؤشر الإنتاج الصناعي (باستثناء النفط الخام والمنتجات البترولية) بنسبة 16.03% في الربع الثالث من السنة المالية 2024/2025، بعد انخفاضه بنحو 4% في الفترة نفسها من العام الماضي. ويعزى هذا الانتعاش إلى زيادة الإنتاج في الصناعات الرئيسية، بما في ذلك صناعة السيارات (93%)، وصناعة الملابس الجاهزة (58%)، وصناعة المشروبات (34%)، وصناعة الورق (20%)، وصناعة النسيج (17%).
رغم استمرار حالة عدم اليقين العالمي، لا تزال المؤشرات الأولية لنمو الناتج المحلي الإجمالي المصري في السنة المالية 2024/2025 إيجابية. ومن المتوقع أن يحقق الاقتصاد المصري معدل نمو يتجاوز المستهدف البالغ 4%، مدعومًا بارتفاع الاستثمار الخاص وانتعاش ملحوظ في القطاع الصناعي، بالإضافة إلى الأداء القوي خلال الأشهر التسعة الأولى من العام.
أبرز النقاط:
في إطار الجهود المتواصلة لتعزيز الإنتاجية والنمو القائم على الصادرات، سجلت القطاعات الرئيسية الداعمة للتجارة معدلات نمو قوية، بما في ذلك السياحة (ممثلةً بالمطاعم والفنادق) (23%)، والصناعات التحويلية غير النفطية (16.03%)، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات (14.7%). كما شهدت قطاعات أخرى تعافيًا ملحوظًا، بما في ذلك الوساطة المالية، والتأمين، والكهرباء، وتجارة الجملة والتجزئة، والبناء، مما عزز النمو خلال الربع.
واصل قطاع الصناعات التحويلية غير النفطية انتعاشه للربع الرابع على التوالي، مسجلاً نمواً بنسبة 16% في الربع الثالث من السنة المالية 2024/2025، متجاوزاً فترة الانكماش التي شهدها العام السابق، والتي شهدت انخفاضاً في النشاط الصناعي بنحو 4%. وقد ساهم هذا القطاع بشكل كبير في نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال هذا الربع، حيث زاد معدل النمو الإجمالي بمقدار 1.9 نقطة مئوية. ويتزامن هذا النمو المرتفع مع الجهود المبذولة لزيادة الاستثمار في القطاع الصناعي وتوفير المزيد من التسهيلات للأنشطة الصناعية.
رافق هذا النمو الصناعي تحسنٌ ملحوظ في أداء الصادرات. فقد سجلت صادرات السلع المصنعة زيادةً سنويةً بنسبة 12.7% في الربع الثالث، مما يؤكد دور القطاع الصناعي كمحركٍ للنمو. ومن الأمثلة البارزة على ذلك صناعة الملابس الجاهزة، التي سجلت نموًا سنويًا تجاوز 23.7% خلال الفترة نفسها، مستفيدةً من تقلبات بيئة التجارة العالمية. ويعكس هذا مرونة صناعة الملابس الجاهزة وقدرتها على الاستجابة السريعة للطلب العالمي.
من ناحية أخرى، واصلت بعض الأنشطة الاقتصادية تراجعها في الربع الثالث من السنة المالية 2024/2025. وانخفض نشاط قناة السويس بنسبة 23.1% خلال الربع، وإن كان أقل من الانخفاض الذي بلغ 51.6% في الربع المماثل من العام السابق. ويعزى ذلك إلى اندلاع أزمة أدت إلى انخفاض حركة الملاحة عبر قناة السويس نتيجة التوترات الجيوسياسية، والتي أثرت سلبًا على إيرادات القناة سابقًا.
بالإضافة إلى ذلك، استمر تراجع نشاط الإنتاج، حيث سجل قطاعا النفط والغاز الطبيعي انخفاضات خلال الربع. ومع ذلك، من المتوقع أن تكتسب الاستثمارات في الاكتشافات الجديدة وتطوير الحقول زخمًا خلال الفترة المقبلة، مما سيدعم الطاقة الإنتاجية المستقبلية ويساعد في الحد من تراجع أداء القطاع.
على صعيد الإنفاق، ساهم صافي الصادرات بشكل خاص في دعم النمو، حيث ساهم بنحو 2.7 نقطة مئوية في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي. ويعود هذا الإسهام الإيجابي إلى التوسع القوي في صادرات السلع والخدمات. وارتفع إجمالي الصادرات بنسبة 54.4%، متجاوزًا بشكل ملحوظ الزيادة في الواردات البالغة 18.7%.