ناقلات جنود إسرائيل.. حصون متحركة لم تصمد أمام إرادة المقاومين

منذ 5 ساعات
ناقلات جنود إسرائيل.. حصون متحركة لم تصمد أمام إرادة المقاومين

فيديو عبوة القسام: أسطورة القلعة المتنقلة

 

أثار مقطع فيديو نشرته كتائب القسام، يُظهر مقاتلاً يقتحم ناقلة جند مدرعة إسرائيلية ويلقي عبوة ناسفة داخلها، تساؤلات حول فعالية ناقلات الجند المدرعة الإسرائيلية، التي لطالما روّجت لها تل أبيب على أنها “حصون متحركة” لحماية جنودها. فرغم عقود من التطوير والتسليح الثقيل، أثبتت هذه المركبات عدم فعاليتها في صد نيران المقاومة العربية، كما هو موثق في ساحات القتال من سيناء إلى غزة.

عقيدة القتال الإسرائيلية: الخوف من الإنزال والمواجهة

يتميز جندي المشاة الإسرائيلي بأنه نادرًا ما يتحرك سيرًا على الأقدام، مفضلًا البقاء في ناقلات الجند المدرعة، حيث تُشغّل المدافع والرشاشات من الداخل، وتحتوي المركبات على مخارج طوارئ. هذا الاعتماد المفرط على التكنولوجيا بدلًا من جرأة ساحة المعركة يُثبت أنه ضعف قاتل في المواجهات مع مقاومة سلاحها الرئيسي هو الجرأة والشجاعة.

من خيول الحرب إلى زيلدا: بدايات ناقلات الجنود المدرعة

ظهر مفهوم ناقلات الجند المدرعة بعد الحرب العالمية الثانية، عندما كانت الخيول والقطارات لا تزال وسائل النقل العسكرية المفضلة، لكنها لم توفر حماية تُذكر من نيران العدو. طُوّرت ناقلات مدرعة قادرة على نقل الجنود بسرعة وتحويلهم إلى منصات مدفعية. أصبحت هذه المركبات حجر الزاوية في عقيدة المشاة الحديثة، بما في ذلك الجيش الإسرائيلي الذي اعتمد هذا النموذج في وقت مبكر.

من حرب 1967 إلى أكتوبر 1973: بداية مأساة الدبابات

دخلت إسرائيل عالم ناقلات الجند المدرعة بالدبابة الأمريكية M113 بعد حرب 1967. إلا أنه في حرب أكتوبر 1973، تحولت هذه المركبات إلى نعوش حديدية، وخاصة في معركة المزرعة الصينية، حيث تكبدت قوات الاحتلال خسائر فادحة في الأرواح والمعدات بعد أن اخترقت قذائف آر بي جي الطلاء الألومنيوم الرقيق.

من بيروت إلى الانتفاضة: دماء الجنود في الصهاريج

استمرت إسرائيل في الاعتماد على النموذج نفسه رغم الخسائر المتكررة خلال غزو لبنان عام ١٩٨٢ والانتفاضتين الأولى والثانية. خلال انتفاضة الأقصى وحدها، قُتل أحد عشر جنديًا في هجوم على ناقلة وقود، ورفض عشرات الجنود دخول غزة عام ٢٠١٤ على متن ناقلات وقود من طراز M113، معتبرين إياها “مقصلة متحركة”.

محاولات التطوير: من «نمر» إلى «إيتان»… بلا نتيجة

رغم محاولات تطوير مركبات مدرعة إضافية، مثل “نامر” (وهي نسخة معدلة من دبابة ميركافا) و”إيتان” الأخف وزنًا، استمرت الخسائر. تضررت إحدى مركبات “نامر” خلال هجوم جنين عام ٢٠٢٢، وأُسقطت أخرى خلال عملية “الجرف الصامد” عام ٢٠٢٣، ودُمرت حاملات “إيتان” بقنابل يدوية بسيطة في مخيمات رفح للاجئين.

البومة وناغماشوت: تقنيات هندسية لم تردع المقاومة

حتى أحدث ناقلات النفط، مثل “البومة”، المصممة لكشف الألغام وتفجيرها، لم تكن بمنأى عن الهجمات. ورغم أن بعضها مزود بأنظمة تفجير قنابل استباقية، إلا أن مقاطع فيديو نشرتها المقاومة تُظهر عدم قدرتها على الصمود في وجه العبوات الناسفة المحلية أو صواريخ كورنيت. حتى ناقلات النفط الأقدم، مثل “إخزيرت” و”ناغماهون”، لم تتمكن من حماية جنودها، كما اتضح في الهجوم على ناحال عوز في 7 أكتوبر/تشرين الأول.

الأرقام والنماذج: انهيار القوة الظاهرية في الاختبار الأول

M113 “زيلدا”: أخف حاملة طائرات (12 طنًا)، وعلى الرغم من عمرها التشغيلي الطويل إلا أنها لا تزال في الخدمة وتتعرض لنيران متكررة. “نمر”: أثقل مركبة مدرعة (60 طناً)، لكنها كانت هدفاً للهجمات مراراً وتكراراً. إيتان: الأسرع، لكن وحداته الأولى دمرت بقنابل يدوية بسيطة. “البومة”: هجوم هندسي لم يتم اختباره بعد في الميدان. “إخزيريت” و”ناغماخون”: تطويرات إضافية للدبابات القديمة ذات الفعالية المحدودة.

لا يمكن كسب المعركة بالتكنولوجيا وحدها.

رغم الإنتاج الضخم والتكنولوجيا المتقدمة والتغطية الإعلامية المتزايدة، أثبتت المقاومة العربية أن مركبات المشاة القتالية الإسرائيلية، بكل دروعها وأسلحتها، لا تزال هدفًا هشًا في حرب العصابات. وتبقى الحقيقة البسيطة أن قوة الإرادة والشجاعة تتفوقان على “الحصن المتحرك”، مهما كان الثمن والوزن.


شارك