مسئولة أوروبية: صمت الاتحاد على انتهاكات إسرائيل يضرب مصداقيته

وتمثل السياسة الخارجية التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي تجاه إسرائيل اختبارا حاسما لموقفه بشأن حقوق الإنسان. أصبحت إمكانية تعليق بنود في اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل أقل واقعية بسبب التطورات الأخيرة.
قالت ليزا موسول، رئيسة شؤون الاتحاد الأوروبي في مجموعة الأزمات الدولية، إن مصداقية الاتحاد الأوروبي سوف تتلقى “ضربة قوية” إذا لم يعالج انتهاكات إسرائيل الصارخة لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
في مقابلة مع وكالة أنباء الأناضول، صرّح موسيول بأن التقارير المسربة لوسائل الإعلام من الاتحاد الأوروبي أكدت وجود أدلة على انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في قطاع غزة. وأضاف: “إذا لم يتخذ الاتحاد الأوروبي إجراءات بشأن هذه الانتهاكات، فإن مصداقيته ستتضرر بشدة في ضوء كل هذه الأدلة”.
يُراجع الاتحاد الأوروبي حاليًا اتفاقية شراكته مع إسرائيل. قد تُؤدي هذه العملية إلى تعليق بعض أحكامها. وينبغي مراعاة ذلك في المادة الثانية من الاتفاقية، التي تربط استمرارها باحترام حقوق الإنسان والقانون الدولي.
في 20 مايو/أيار، قرر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي إعادة النظر في الاتفاق بناءً على مقترح هولندي. ويُجري مكتب الشؤون الخارجية الأوروبي حاليًا تقييمًا لمدى امتثال إسرائيل لشروط الاتفاق.
أشار موسيول إلى أن سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه إسرائيل، وخاصةً فيما يتعلق بالعدوان على غزة، أصبحت اختبارًا حاسمًا لموقفه من حقوق الإنسان. وقد ازدادت انتقادات دول أوروبية، مثل ألمانيا والنمسا وإيطاليا، التي سبق أن دعمت سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. إلا أن هذه الانتقادات خفت حدتها بعد تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران.
وأضافت: “قبل أن تتصاعد التوترات، كان من المرجح تعليق أجزاء من الاتفاق، لكن الآن تراجعت هذه الاحتمالية وربما لا يتم حتى التصويت على تعليق الاتفاق”.
وأكد موسيول أن تقارير النقابة التي تسربت إلى وسائل الإعلام قدمت أدلة واضحة على وجود انتهاكات لحقوق الإنسان في قطاع غزة، مضيفا: “إذا لم تتحرك النقابة ضد هذه الانتهاكات رغم كل هذه الأدلة فإن ذلك سيكون ضربة قوية لمصداقيتها”.
وأكدت أن بند حقوق الإنسان في اتفاقية الشراكة مع إسرائيل يشكل أداة مهمة: “إذا فشل الاتحاد في التصرف في مثل هذه الحالة الواضحة، فسوف يقوض قيمة هذه الأحكام في المستقبل”.
** مخاوف بشأن نتائج الاجتماع المقبل
وأوضح موسيول أن إمكانية تعليق بعض بنود الاتفاق أصبحت أقل واقعية بسبب التطورات الأخيرة، وخاصة العدوان الإسرائيلي على إيران.
منذ 13 يونيو/حزيران، تشن إسرائيل عدوانًا على إيران، وتهاجم منشآت وقواعد نووية وقادة عسكريين وعلماء نوويين ومدنيين. ردّت طهران بشن هجمات بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة على مقرات عسكرية واستخباراتية إسرائيلية، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من الجانبين.
وأضاف موسيول “قبل هذه الأحداث، كان احتمال الإيقاف أكثر واقعية”.
واستبعدت إمكانية التوصل إلى التوافق اللازم لتعليق الاتفاق بشكل كامل، حيث افترضت أن بعض الدول الأعضاء سترفض بشكل قاطع تنفيذ القرار.
** دعوة لاستخدام خرائط الطباعة الأوروبية
ويرى موسيول أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يستخدم قوته السياسية والاقتصادية للضغط على إسرائيل لوقف عدوانها على غزة، وفتح ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية، ومعارضة مصادرة الأراضي في الضفة الغربية.
وقالت “يتعين علينا أن ندفع بشكل جدي نحو وقف إطلاق النار في غزة، ونحن نعتقد أن الاتحاد الأوروبي يتمتع بنفوذ مهم يجب أن يستخدمه”.
وأكدت أن الاتحاد الأوروبي يتمتع بنفوذ اقتصادي كبير من خلال اتفاقيات الشراكة والتجارة، لكنه حتى الآن لم يظهر الإرادة السياسية لاستخدام هذا النفوذ للضغط على إسرائيل.
بدعم أمريكي كامل، ترتكب إسرائيل إبادة جماعية في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. قُتل وجُرح أكثر من 187 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، وفُقد أكثر من 11 ألف شخص، ونزح مئات الآلاف.
** اتهامات ازدواجية المعايير
وحذر موسيول من أن تجاهل الاتحاد لانتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان يمثل خطوة أخرى نحو “المعايير المزدوجة” – وهو الاتهام الذي يتهم به الاتحاد باستمرار.
وفي إشارة إلى العقوبات المفروضة على روسيا، تساءلت: “بالطبع، الوضع في إسرائيل مختلف، ولكن رغم ذلك، لم يستخدم الاتحاد الأوروبي ولو جزءًا صغيرًا من نفوذه. وهذا يثير تساؤلات عديدة لدى كثيرين”.
وأشارت إلى أن بريطانيا وأستراليا وكندا ونيوزيلندا والنرويج فرضت عقوبات على وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش بسبب تصريحاته التحريضية ضد الفلسطينيين، في حين أن المناقشات داخل الاتحاد الأوروبي لا تزال جارية بشأن قرار مماثل لكن الموافقة عليه صعبة.
وخلصت إلى أن أي قرار أوروبي بمعاقبة سموتريتش سيكون خطوة مهمة، لأنه يعني “الاعتراف بأن سياسات الاستيطان والعنف الذي يمارسه المستوطنون ليست ممارسات فردية، بل هي سياسة دولة منهجية”.
تؤكد الأمم المتحدة أن المستوطنات في الأراضي المحتلة “غير قانونية” وتقوض إمكانية حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية). ولعقود، دأبت على مطالبة إسرائيل بوقف بناء المستوطنات، دون جدوى.
في 11 يونيو/حزيران، أعلنت المملكة المتحدة وأستراليا وكندا ونيوزيلندا والنرويج فرض عقوبات على الوزيرين الإسرائيليين إيتمار بن جفير (وزير الأمن القومي) وسموتريتش بسبب تحريضهما المتكرر على العنف ضد المدنيين الفلسطينيين.
وذكرت صحيفة التايمز أن العقوبات البريطانية شملت تجميد أصول الوزيرين، ومنعهما من دخول المملكة المتحدة، ومنع المؤسسات المالية البريطانية من التعامل معهما.
وبالإضافة إلى تعزيز النشاط الاستيطاني وتحريض المستوطنين، دعا بن جفير وسموتريتش مراراً وتكراراً إلى إعادة احتلال قطاع غزة، وطرد الفلسطينيين من القطاع، وبناء المستوطنات على أراضيهم، ومنع دخول المساعدات الإنسانية.