مستغلة الحرب على إيران.. إسرائيل تشدد قيودها على القدس

منذ 10 ساعات
مستغلة الحرب على إيران.. إسرائيل تشدد قيودها على القدس

الشيخ عكرمة صبري: إغلاق المسجد الأقصى أمر مقلق وغير مقبول. الحموري: إسرائيل تفاقم معاناة الفلسطينيين لإجبارهم على النزوح. – جمعية حقوق الإنسان: تجاهل المناطق السكنية الفلسطينية تمييز صارخ وغير قانوني.

ومع بدء العدوان الإسرائيلي على إيران في 13 حزيران/يونيو، كثفت تل أبيب انتهاكاتها وشددت قيودها على الفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة، مما أدى إلى تفاقم معاناتهم وتجديد مخاوفهم من خطط التهجير.

وقال فلسطينيون في القدس الشرقية، بينهم شخصيتان دينيتان وناشطان في مجال حقوق الإنسان، لوكالة الأناضول، إن إسرائيل استغلت حربها ضد إيران لفرض إجراءات تجبرهم على مغادرة المدينة.

وعلى مدى اثني عشر يوماً، ومع تصاعد الأحداث في المنطقة، فرضت السلطات الإسرائيلية بسرعة سلسلة من القيود في القدس الشرقية، بما في ذلك تقييد الوصول إلى البلدة القديمة لسكانها.

كما أغلقت إسرائيل المسجد الأقصى بشكل كامل أمام المصلين، ولم تسمح إلا لحراس وموظفي دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس بالدخول إليه.

وتنطبق القيود الإسرائيلية الصارمة ذاتها على كنيسة القيامة، التي أغلقت أبوابها بالكامل أمام المصلين المسيحيين منذ اثني عشر يوما.

وتزعم إسرائيل أنها اتخذت هذه الإجراءات بحجة “تعليمات من قيادة الجبهة الداخلية في الجيش لمنع التجمعات”، لكن الفلسطينيين يصرون على أن دوافعها سياسية.

منذ 13 يونيو/حزيران، كثّف جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على الضفة الغربية، بما فيها القدس. وفي إطار عملياته العسكرية في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس للاجئين، أغلق طرقًا رئيسية منذ 21 يناير/كانون الثاني. وقد أدت هذه العملية إلى تهجير أكثر من 40 ألف فلسطيني، وتدمير مئات المنازل، وإتلاف البنية التحتية، ومقتل وجرح العشرات.

** الطموحات الإسرائيلية للأقصى

وقال الشيخ عكرمة صبري خطيب المسجد الأقصى إن إسرائيل “استغلت أجواء الحرب على غزة والحرب التي تلتها على إيران لتشديد القيود على الأقصى ومنع مئات الآلاف من المصلين من دخوله وأداء صلواتهم فيه”.

وأكد صبري رفضه لهذه الإجراءات “غير المبررة”، واعتبرها جزءا من “الأطماع الإسرائيلية في المسجد ومحاولة لحرمان دائرة الأوقاف الإسلامية من صلاحياتها، باعتبارها الجهة الوحيدة المسؤولة عن المسجد”.

وأضاف في تصريح لوكالة الأناضول أن ما يجري في المسجد الأقصى يهدف أيضا إلى “منع المصلين من الوصول إلى المسجد”، وهو ما وصفه بسياسة “مقلقة وغير مقبولة”.

**القيود في البلدة القديمة

في هذه الأثناء، فرضت الشرطة الإسرائيلية قيوداً على وصول الفلسطينيين إلى البلدة القديمة، ولا تسمح للسكان بالدخول إلا عبر الحواجز التي أقامتها الشرطة على المداخل.

وأفاد مراسل وكالة الأناضول للأنباء أن القيود المفروضة على البلدة القديمة، والتي أدت إلى إغلاق المحلات التجارية، لا تزال سارية.

من جانبه، قال مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد الحموري إن الإجراءات التي فرضتها السلطات الإسرائيلية في القدس الشرقية، وخاصة في البلدة القديمة، “غير مسبوقة”.

وتابع: “لقد شهدنا قيودًا مماثلة خلال جائحة كوفيد-19، لكنها أصبحت أكثر صرامة منذ بدء الحرب ضد إيران”.

وأكد أن إسرائيل منذ بداية الحرب على إيران منعت الدخول إلى البلدة القديمة إلا لسكانها، وأغلقت المسجد الأقصى وكنيسة القيامة.

وأوضح أن هدف إسرائيل من القيود المفروضة على البلدة القديمة هو “القضاء على القطاع التجاري”، حيث أدت إلى إغلاق المحلات التجارية لنحو أسبوعين.

وأعرب عن اعتقاده أيضاً أن القيود الإسرائيلية المفروضة على نحو 35 ألف فلسطيني في البلدة القديمة تهدف في المقام الأول إلى “طردهم من البلدة القديمة”.

وأشار إلى أن هذه القيود جاءت بالتزامن مع “فرض إجراءات أخرى”، “بما في ذلك إغلاق مداخل أحياء مثل مدينة الطور بالمكعبات الإسمنتية وإقامة حواجز دائمة للشرطة الإسرائيلية على مداخل أحياء أخرى”.

وتابع: “وعلاوة على ذلك فإن إغلاق الطرق التي تربط القدس ورام الله، بما في ذلك حاجز جبع (شمال القدس)، يزيد من المعاناة”.

** “إجراءات عدوانية”

من جانبها، تقول منظمة “عير عميم” الإسرائيلية اليسارية إنه منذ بداية الهجوم الإسرائيلي على إيران، كان هناك “تصعيد حاد في القيود والإغلاقات القسرية في القدس الشرقية، مما أثر على حياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين”.

وأضافت الجمعية التي تتخذ من القدس مقرا لها في تقرير: “في غضون أيام قليلة، وثقنا سلسلة من الإجراءات العدوانية التي قامت بها قوات الأمن الإسرائيلية”.

وأشارت إلى أن أبرز هذه الإجراءات كانت “المداهمات الليلية في جبل المكبر والعيساوية والطور ووادي الجوز والولجة وكفر عقب، بالإضافة إلى استخدام الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت داخل المباني السكنية”.

وتابعت: “كما حدث بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تم اعتقال عدد كبير من الأفراد – جميعهم فلسطينيون – بسبب تفاعلاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي”.

وأضافت أن “حالة الطوارئ الحالية تسلط الضوء على التمييز المنهجي الذي تواجهه القدس الشرقية”.

** عدم وجود سكن

ورغم تصعيد القصف رداً على إسرائيل، أظهر تقرير الجمعية أن نسبة الملاجئ في أحياء القدس الشرقية لا تتجاوز 10%، رغم أن عدد سكان المدينة يصل إلى 400 ألف نسمة.

وأضافت: “جميع الملاجئ الجديدة التي فتحتها البلدية خلال التصعيد الحالي تقع في القدس الغربية، مما يترك 400 ألف من سكان القدس الشرقية دون حماية إلى حد كبير”.

وفي هذا السياق، أشارت جمعية حقوق المواطن في إسرائيل إلى أن عشرات الآلاف من الفلسطينيين في أحياء القدس يفتقرون إلى الملاجئ التي يمكن أن تحميهم من الصواريخ.

وجهت جمعية حقوق المواطن في إسرائيل رسالة عاجلة إلى وزارة جيش الاحتلال وبلدية القدس، تطالب فيها ببناء ملاجئ محصنة في الأحياء الواقعة خلف جدار الفصل العنصري في شرقي القدس، وهي مخيم شعفاط، رأس خميس، رأس شحادة، ضاحية السلام وكفر عقب.

وذكر بيان أن نحو 50 ألف شخص يعيشون في هذه الأحياء، معظمهم يحملون إقامة دائمة في إسرائيل، “ومع ذلك لا توجد أي حماية في هذه المناطق”.

وأضافت: “لا توجد ملاجئ عامة أو غرف آمنة، ولا أماكن محصنة، وحتى المرافق التعليمية والصحية والخدماتية العامة لا يوجد بها أي حماية، حيث يتم إيواؤهم في مبان مستأجرة لا تتوفر فيها معايير السلامة المطلوبة”.

أشارت الجمعية في رسالتها إلى أن قيادة الجبهة الداخلية بدأت ببناء ملاجئ في المدن اليهودية في وسط البلاد، متجاهلةً الأحياء الفلسطينية في القدس. ويُعتبر هذا “تمييزًا صارخًا وغير قانوني، وخللًا خطيرًا في معايير اتخاذ القرار بشأن توزيع الملاجئ الممولة من الدولة”.

وأكدت في رسالتها أن أحياء القدس تعاني منذ سنوات طويلة من الإهمال “الممنهج” من قبل السلطات الإسرائيلية، وخاصة بلدية القدس، التي “لم تتخذ أي مبادرة لتوفير الأموال أو بناء مساكن مناسبة للسكان، مما يتركهم بلا مكان آمن مع كل جولة من التصعيد”.

يخشى الفلسطينيون في القدس الشرقية من خطط الترحيل التي تنفذها السلطات الإسرائيلية في ظل تكثيف عمليات التهويد في القدس الشرقية، بما في ذلك المسجد الأقصى، ومحو الهوية العربية والإسلامية.

ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المنشودة، مستندين إلى قرارات الشرعية الدولية التي لا تعترف بالاحتلال الإسرائيلي للمدينة عام 1967 أو ضمها عام 1981.


شارك