ساعة فلسطين.. رمز عقائدي إيراني في مرمى نيران الاحتلال

في عدوانه الأخير على العاصمة الإيرانية طهران، استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي منشآتٍ ومقراتٍ رئيسية للحرس الثوري وقوى الأمن الداخلي. والجدير بالذكر أن الهجمات طالت أيضًا “ساعة فلسطين” الرقمية الشهيرة، التي تقف في ساحة فلسطين منذ عام ٢٠١٧، والتي، وفقًا للرواية الإيرانية، تُشير رمزيًا إلى العد التنازلي لنهاية إسرائيل عام ٢٠٤٠.
ساعة العد التنازلي: رمزية تتجاوز التكنولوجيا
رُكِّبَت الساعة في يوم القدس العالمي، آخر جمعة من رمضان عام ٢٠١٧. وكان ذلك ردًّا على تصريح المرشد الأعلى علي خامنئي عام ٢٠١٥: “ستزول إسرائيل خلال ٢٥ عامًا”. بدأت الساعة عند ٨٤١١ يومًا، وهو عدد الأيام المتبقية على نهاية الكيان وفقًا للرؤية الأيديولوجية لطهران.
لكن هذه الساعة لم تكن مجرد رمز إلكتروني، بل كانت تجسيدًا بصريًا للتعبئة السياسية والإعلامية. دُمجت في احتفالات يوم القدس وفعاليات مناهضة التطبيع، واستخدمتها وسائل الإعلام الإيرانية لإعادة إنتاج خطاب “زوال إسرائيل”.
هجمات رمزية… وتحدي للهوية الإيديولوجية
مع أن الهجوم على الساعة لم يكن له أي قيمة عسكرية، إلا أنه عكس رغبة إسرائيل في توجيه ضربة رمزية إلى جوهر الدعاية الثورية الإيرانية. لم تكن “ساعة فلسطين” مجرد شعار، بل التزامٌ غير محدد، يربط ضمير الأجيال الإيرانية بهدف استراتيجي يُعبّر عن أيديولوجية النظام الحاكم.
في حين نظرت طهران إلى الساعة باعتبارها تعبيراً عن مركزية القضية الفلسطينية في وعيها الثوري، نظرت إليها إسرائيل باعتبارها تهديداً نفسياً مستمراً، يغذي الشعور الدائم بالعداء ويشرعن خطاب المقاومة ضدها.
يوم القدس: من شعار توحيدي إلى منصة داخلية
في سياق أوسع، يُؤكد تدمير الساعة مجددًا أهمية يوم القدس في الاستراتيجية الإيرانية. فبعد أن كان في الأصل مناسبةً للوحدة وتعزيز الحقوق الفلسطينية، تطور تدريجيًا ليصبح أداةً محليةً لتطوير خطابٍ تعبويٍّ يخدم طموحات طهران الإقليمية. فبينما تعتبره إيران تجديدًا للشرعية الثورية، يراه الغرب وإسرائيل وسيلةً لتأجيج الكراهية وتطوير خطابٍ عدائيٍّ جديدٍ سنويًا.
رسائل ما بعد الإضراب
إن الرسالة الإسرائيلية المتمثلة في مهاجمة الساعة تتجاوز مجرد تفجير هدف مادي؛ فهي تمس بشكل مباشر عنصرًا محوريًا في الهوية الأيديولوجية للنظام الإيراني. إنها محاولة لتقويض رموز خطاب المقاومة، وتكثيف الضغط النفسي والأخلاقي الذي قد يُغير العلاقة بين الأيديولوجية والواقع السياسي في إيران.