تقرير: صواريخ إيران متعددة الرؤوس المتفجرة ودقيقة الإصابة ومتنوعة في السرعة بين العادية والفرط صوتية

منذ 5 ساعات
تقرير: صواريخ إيران متعددة الرؤوس المتفجرة ودقيقة الإصابة ومتنوعة في السرعة بين العادية والفرط صوتية

إيران تمتلك منظومة صاروخية متعددة المراحل وهجماتها المقبلة قد تكون أكثر خطورة. ونشرت طهران قواتها الصاروخية تدريجيا وبشكل معتدل، حيث اختبرت في البداية القدرات الإلكترونية لشبكة الدفاع الجوي الإسرائيلية.

ردًا على العدوان الإسرائيلي، كانت الصواريخ الإيرانية، وخاصةً صاروخي سجيل وفتح، في صدارة المشهد. ومنذ بدء التصعيد في 13 يونيو/حزيران واستمر حتى مساء الجمعة، شهدت الهجمات زيادة ملحوظة في سرعة ودقة الأهداف على مدى 17 موجة.

رغم عدم وجود تقديرات دقيقة لعدد الصواريخ الإيرانية، صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحفي مساء الجمعة أن طهران تمتلك 28 ألف صاروخ. وقدّرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن إيران أطلقت نحو 400 صاروخ باليستي على إسرائيل منذ بدء ردها وحتى صباح الأربعاء.

منذ 13 يونيو/حزيران، تشن إسرائيل، بدعم أمريكي، عدوانًا شاملًا على إيران تحت اسم “عملية الأسد الصاعد”. استهدفت هذه العملية منشآت نووية وقواعد صواريخ وقادة عسكريين وعلماء نوويين. ردّت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيرة في عمق إسرائيل، في أكبر مواجهة مباشرة بين الجانبين.

** “التدرج المدروس والفعال”

وفي تعليقه على تنوع ونشر القوات الصاروخية الإيرانية على مراحل فيما تسميه طهران “عملية الوعد الصادق 3″، قال نائب رئيس الأركان الأردني السابق والخبير العسكري الاستراتيجي، الفريق أول (متقاعد) قاصد محمود: “بغض النظر عن أسماء الصواريخ، التي ليس لها أهمية عسكرية، يبدو أن إيران تمتلك نظام صاروخي متعدد المراحل”.

وأضاف محمود لوكالة الأناضول أن الصواريخ الإيرانية تتمتع بميزات متطورة، سواء من حيث رؤوسها الحربية – فهناك بالفعل صواريخ برؤوس حربية متعددة – أو من حيث سرعاتها المختلفة التي تتراوح من العادية إلى فرط الصوتية، ودقتها العالية.

وأشار إلى أن طهران نشرت قواتها الصاروخية تدريجيًا وبصورة مدروسة، ونجحت في ذلك. وأوضح: “بدأت إيران هجومها بعدد كبير من الصواريخ، لكنها لم تُسجل سوى إصابات قليلة، وكأنها تجربة ميدانية أولية لاختبار القدرات الإلكترونية لشبكة الدفاع الجوي الإسرائيلية”.

وأشار إلى أن إيران ركزت في اليومين الأول والثاني من الهجمات على جمع المعلومات التقنية حول قدرات أنظمة الرادار والدفاع الصاروخي الإسرائيلية. وقد مكّنها ذلك لاحقًا من اختيار أنواع الصواريخ المناسبة بدقة وتطويرها للوصول إلى أهدافها دون أن تُسقط أو تُشوّش. وأعرب عن اعتقاده بأن “الهجمات الإيرانية القادمة قد تكون أشد وطأة”.

** تفاصيل الاستهداف

وفقًا لرصد وكالة أنباء الأناضول لتصريحات رسمية للحرس الثوري الإيراني ووسائل إعلام محلية، تُظهر تفاصيل رد طهران على الهجمات الإسرائيلية تطورًا نوعيًا من حيث الأسلحة المستخدمة والأهداف. وفيما يلي موجات الرد وأنواع الأسلحة:

أولاً، عدد موجات ردود الفعل الإيرانية

منذ بدء التصعيد العسكري في 13 يونيو/حزيران وحتى مساء الجمعة 20 يونيو/حزيران، نفذت إيران 17 موجة من العمليات الانتقامية في إطار عملية الوعد الحق 3.

ثانياً: المواقع المستهدفة

مناطق واسعة داخل إسرائيل، وخاصة منطقة تل أبيب الكبرى، والنقب، ومدن القدس، وحيفا، وبئر السبع.

وشملت الأهداف الرئيسية التي تم قصفها قواعد عسكرية مثل قاعدتي نيفاتيم وهاتزريم الجويتين، ومرافق استخباراتية مثل معسكر استخبارات الجيش في منطقة غاف يام التكنولوجية، ومقر القيادة والاستخبارات التابع لوزارة الدفاع الإسرائيلية (C4I).

بالإضافة إلى ذلك، هناك مرافق للصناعة الدفاعية، ومراكز القيادة والسيطرة للجيش، والمؤسسات التي تدعم العمليات العسكرية، مثل مركز وايزمان للتكنولوجيا المتقدمة والأبحاث والأمن السيبراني في بئر السبع، فضلاً عن البنية التحتية الاقتصادية مثل ميناء حيفا.

ثالثا: الأسلحة المستخدمة

وشنت طهران هجماتها بمزيج من الأسلحة، بما في ذلك صواريخ بعيدة المدى وصواريخ فرط صوتية، بالإضافة إلى طائرات مسيرة هجومية وانتحارية، بحسب تصريحات الحرس الثوري وتقارير وكالتي الأنباء الإيرانية تسنيم ومهر.

وذكرت وسائل إعلام عبرية، بما في ذلك إذاعة الجيش والقناة 12 الخاصة، أن أحد الصواريخ المستخدمة في الهجوم الأخير مساء الجمعة كان مزودًا برأس حربي متشظي يتكون من 26 صاروخًا صغيرًا وتسبب في “أضرار كبيرة في دائرة نصف قطرها مئات الأمتار”.

وفي تقرير نشرته يوم 16 يونيو/حزيران، كشفت وكالة مهر للأنباء أن قوات الحرس الثوري الإيراني تدرس تطوير هذه الصواريخ لزيادة قوتها التدميرية وزيادة السرعة الفعلية للقذائف.

وذكرت الوكالة أنه في إطار عملية الوعد الصادق 3، تم إطلاق أنواع مختلفة من الصواريخ الباليستية، منها صواريخ “عماد” و”قدر” و”خيبر شكان” و”حاج قاسم” و”فتح” و”سجل”.

وأضافت أن مقارنة هذه الجولة مع الردود السابقة مثل “الوعد الحقيقي 1″ (في أبريل/نيسان 2024) و”الوعد الحقيقي 2” (في أكتوبر/تشرين الأول 2024) تظهر زيادة كبيرة في القوة التدميرية ودقة وسرعة الصواريخ، مما يشير إلى تطور تكنولوجي كبير في النظام الصاروخي الإيراني.

الصواريخ الإيرانية الأكثر استخداما هي:

1- صاروخ “سجيل”… دخول الترسانة الثقيلة

في 18 يونيو/حزيران، أعلن الحرس الثوري الإيراني عن الموجة الثانية عشرة من الرد، وبدء استخدام صواريخ سجيل بعيدة المدى والثقيلة للغاية، واصفاً إياها بأنها “ترسانة صاروخية يتم نشرها لأول مرة على هذا المدى وبهذه الكمية”.

وذكرت وكالة تسنيم للأنباء، نقلا عن صور نشرتها مصادر عسكرية محلية، أن القوات الإيرانية استخدمت صواريخ سجيل التي يصل مداها إلى 2000 كيلومتر لأول مرة في هجوم مباشر على إسرائيل.

وقال مصدر أمني إسرائيلي لإذاعة الجيش إن “إيران بدأت بالفعل باستخدام صواريخ ثقيلة برؤوس حربية يصل وزنها إلى طن ونصف، وهو ما يمثل تصعيدا خطيرا للتهديد”.

أوضح موقع “التهديد الصاروخي”، المتخصص في رصد أنظمة الصواريخ، أن صاروخ سجيل ينتمي إلى عائلة صواريخ ثنائية المراحل تعمل بالوقود الصلب، وهي قيد التطوير منذ أواخر التسعينيات. يشبه تصميمه تصميم صاروخ شهاب-3 الإيراني، ويتميز بقدرته على المناورة في الغلاف الجوي، متجنبًا بذلك أنظمة الاعتراض.

ويبلغ طول صاروخ سجيل 18 متراً وقطره 1.25 متراً ووزنه نحو 2.3 طن ويحمل رأساً حربياً يزن 700 كيلوغرام، ويبلغ مداه 2000 كيلومتر ويمكنه حمل رؤوس نووية.

2- صاروخ “فاتح”: سرعة فائقة وقدرة على المناورة

وفي اليوم نفسه (18 يونيو/حزيران)، أعلنت طهران في موجتها الحادية عشرة من الرد أنها استخدمت صواريخ فاتح من الجيل الأول، مدعية أن هذه الصواريخ “متفوقة على أنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية وهزت الملاجئ”.

وذكرت شبكة “سي إن إن” أن إيران تطلق على صاروخ “فاتح 1” اسم صاروخ فرط صوتي.

ونقلت الشبكة عن فابيان هينز، الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، قوله إن الصاروخ مزود بـ”مركبة قابلة للمناورة” تسمح له بالتهرب من أنظمة الدفاع الجوي أثناء الطيران.

وبحسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا”، فإن “فاتح” هو أول صاروخ فرط صوتي إيراني بمدى 1400 كيلومتر، ويتميز بالمناورات الدقيقة وسرعة تفوق سرعة الصوت تتراوح بين 13 و15 ماخ.

وذكرت وكالة مهر للأنباء أن الصاروخ ينتمي إلى عائلة الصواريخ الباليستية التكتيكية من فئة فاتح، ويعمل بالوقود الصلب، ومزود برأس حربي كروي وفوهة متحركة تسمح له بتغيير مساره في الثلث الأخير من رحلته.

وأوضحت أن الصاروخ يتبع مسارًا محددًا حتى يصل إلى المرحلة النهائية (على بُعد حوالي 500 كيلومتر من الهدف). وبمجرد تفعيل المحرك الثانوي، تتضاعف سرعته ثلاث مرات، ويبدأ بالمناورة وتغيير مساره، مما يُربك حسابات الرادار ويُصعّب اعتراضه.

تم الكشف عن صاروخ فاتح لأول مرة في يونيو 2023 ويعتبر أحد أكثر الصواريخ الإيرانية تقدمًا من حيث قدراته على التخفي والقدرة على التهرب من الدفاعات الجوية.

** رابعا: أثر الاستهداف

وتشير تصريحات الحرس الثوري الإيراني والتغطية الإعلامية المحلية إلى أن الهجمات الصاروخية الإيرانية تميزت بقوة نيران غير مسبوقة ودقة عالية.

وأكدت هذه المصادر أن القدرات الهجومية للصواريخ الباليستية الإيرانية تتزايد باستمرار مع إدخال الأسلحة الحديثة بعيدة المدى والأسرع من الصوت إلى ساحة المعركة.

خامسا: حجم الضرر

على الجانب الإسرائيلي:

أعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية، الجمعة، أن الهجمات الصاروخية الإيرانية أسفرت عن إصابة 2517 شخصا، بينهم 21 إصابة خطيرة، و103 إصابات متوسطة، والبقية إصاباتهم طفيفة.

ورغم ارتفاع عدد المصابين، تصر السلطات الإسرائيلية على أن عدد القتلى لا يتجاوز 26 شخصا، بحسب الأرقام التي صدرت مساء الجمعة.

لكن المراقبين يشككون في دقة الأرقام المنشورة، مشيرين إلى الرقابة الصارمة التي تفرضها تل أبيب على نشر المعلومات حول مواقع الهجمات الصاروخية وحجم الخسائر، ولذلك من المرجح أن ترتفع الأرقام مع مرور الوقت.

وفي هذا السياق، نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية الخاصة عن صندوق تعويضات ضريبة الأملاك (مؤسسة حكومية) قوله: “منذ اندلاع الحرب مع إيران، تم إجلاء 8190 شخصاً من منازلهم، وتلقينا 30 ألف طلب تعويض عن الأضرار التي لحقت بالمباني أو المركبات أو الممتلكات”.

ورغم أن الصحيفة لم تحدد مكان تواجد هؤلاء المهجرين، إلا أن وسائل إعلام عبرية أخرى ذكرت أنه تم نقلهم إلى فنادق في مناطق أكثر أمنا.

على الجانب الإيراني:

وبحسب آخر حصيلة رسمية للقتلى أعلنتها وزارة الصحة الإيرانية الاثنين، قُتل 224 شخصا وجُرح 1277 آخرون في الغارات الجوية الإسرائيلية، معظمهم من المدنيين.

ومع ذلك، أفاد ناشطون في مجال حقوق الإنسان في واشنطن لاحقًا أنه، وفقًا لتقديرات يوم الخميس، ارتفع عدد القتلى إلى نحو 639، وتجاوز عدد الجرحى 1329. وأشارت المنظمة إلى أن هذا الرقم يشمل الخسائر العسكرية النظامية والضحايا المدنيين الناجمة عن الغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة على منشآت رئيسية في إيران.


شارك