خلاف الملاك والمستأجرين لا يزال قائما رغم تعديل الحكومة قانون الإيجار القديم

منذ 5 ساعات
خلاف الملاك والمستأجرين لا يزال قائما رغم تعديل الحكومة قانون الإيجار القديم

• مصدر حكومي لـ«الشروق»: «لا تهجير للمواطنين.. والدولة ستوفر مساكن بديلة». • المستأجرون: نرفض إنهاء عقد الإيجار… والملاك: نستعيد حقوقنا المفقودة. • خبير قانوني: القانون المعدل لا يزال منحازاً للمالكين.. والمحكمة الدستورية لم تشترط فسخ العقد.

لا يزال مشروع قانون الحكومة بشأن الإيجارات الحالية، حتى في صيغته المعدلة، موضع خلاف بين المستأجرين والمؤجرين. يزعم كلا الطرفين الاحتفاظ بالحقوق الأصلية بموجب قانونٍ يعود تاريخه إلى عقود. وبينما تزعم الحكومة سعيها لتحقيق التوازن بين مصالح الطرفين، تتباين الآراء حول عدالة وفعالية المقترح الجديد لحل هذا النزاع.

كشفت زيارةٌ قامت بها صحيفة الشروق لمحافظتي القاهرة والجيزة عن خلافاتٍ جوهرية بين المستأجرين والمؤجرين بشأن مشروع القانون المُعدّل. يرى المستأجرون أن مشروع القانون الجديد لا يختلف كثيرًا عن سابقه، بل ينصّ فقط على فترة انتقالية تصل إلى سبع سنوات للاستخدام السكني (بدلاً من خمس سنوات في المسودة السابقة) وخمس سنوات للاستخدام غير السكني. ويعتبرون ذلك مخالفةً لحكم المحكمة الدستورية العليا، الذي لم يتناول إنهاء عقود الإيجار.

أكد بشير شوقي، مستأجر وحدة سكنية في إمبابة خاضعة لقانون الإيجار القديم، تمسكه بالأحكام الدستورية والعقود السارية. وأكد أن العقد حقٌّ للأطراف، وأنه لم يُجبر المؤجر على إبرام عقدٍ بموجب قانون الإيجار القديم. وفي لقاءٍ مع الشروق، رفض شوقي أيضًا فترةً انتقاليةً يليها فسخ عقد الإيجار، مؤكدًا أنه سيقبل بأي تعديلٍ في الإيجار، ولكن ليس فسخه.

أعربت مروة جمعة، إحدى ساكنات وحدات سكنية في حي الكيت كات بالجيزة الخاضعة لقانون الإيجار القديم، عن قلقها من “إصرار الحكومة المتعمد على إخلاء ملايين المستأجرين من الشوارع، متجاهلةً أحكام المحكمة الدستورية العليا”. وتساءلت في حديثها مع صحيفة الشروق: “هل احترم مشروع القانون الحكومي، سواءً المُعدّل أو السابق، الدستور والقانون؟”

وقال شريف سامي، وهو مستأجر لمحل تجاري يخضع لقانون الإيجار القديم ويعمل جزاراً في منطقة السيدة زينب بالقاهرة: “نحن نعارض بشدة أي قانون يتعلق بقانون الإيجار القديم من شأنه إنهاء العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر”.

في حديثٍ مع صحيفة الشروق، دعا سامي الحكومة إلى احترام أحكام المحكمة الدستورية العليا. وأضاف: “لن نغادر منازلنا، ونتمسك بأحكام المحكمة الدستورية العليا، أعلى هيئة قضائية في مصر، وأحكامها نهائية لا يجوز المساس بها”.

آمال مهران، مستأجرة في حلوان، وصفت مشروع القانون الجديد بأنه باطل، مشيرةً إلى أنه سيساهم في تهجير العديد من المواطنين، لا سيما أن غالبية المستأجرين من كبار السن ومحدودي الدخل. وأضافت لـ”الشروق” أن “قيمة الضريبة” التي كانت تُدفع سابقًا للملاك ساهمت في بناء العقارات، مؤكدةً أن المستأجرين سددوا الرسوم المستحقة عليهم.

ومن ناحية أخرى، يشعر أصحاب العقارات أنهم تعرضوا لمعاملة غير عادلة لعقود من الزمن بموجب قانون الإيجار القديم، ولم يتلقوا سوى إيجارات منخفضة.

هالة محمود، من حي الكيت كات بالجيزة، رأت أن فترة الانتقال الممتدة لسبع سنوات طويلة جدًا، لا سيما في ظل تضخم سوق العقارات. وصرحت لصحيفة الشروق: “نحن مُلّاك عقارات ونريد استعادة حقوقنا التي فقدناها منذ سنوات. بعد 70 عامًا من العيش دون إيجار، يجب أن تُعاد إلينا حقوقنا”.

هدير العجمي، صاحبة متجر في أوسيم، أعربت عن غضبها قائلة: “أوقفوا الظلم بحق أصحاب العقارات. لأكثر من 70 عامًا، لم نتلقَّ سوى بضعة سنتات من المستأجرين، الذين أصبحوا الآن الضحايا والملامين. متى ستدرك الحكومة أخيرًا ما يحدث لنا؟”

قال محمد حسين، صاحب عقار في القاهرة القديمة، إنه يتقاضى ألف جنيه مصري فقط مقابل 12 وحدة سكنية في مبنى تبلغ قيمته حاليًا ملايين الجنيهات. وفي حديثه لـ “الشروق”، أكد أن المبالغ التي كان يدفعها المستأجرون سابقًا أصبحت الآن أقل من سعر الغرفة الواحدة.

يعتقد محمد غنيم، صاحب ورشة في العتبة، أن القانون الجديد سيحميه من ظلم كبير، إذ كان مستأجروه يحققون أرباحًا طائلة بينما لا يتقاضى هو سوى إيجار زهيد. وقد وافق على فترة انتقالية مدتها خمس سنوات دون تمديدها، وذلك لترميم ورشته.

من جانبه، أكد مصدر حكومي أن مشروع القانون المُعدّل لا يُفرّق بين طرفين. ويمنح تمديد الفترة الانتقالية للسكن إلى سبع سنوات مهلةً كافيةً للمستأجرين لتسوية أوضاعهم. وأكد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن الحكومة لن تُوفّر سكنًا بديلًا لأي مواطن، نافيًا ما تداولته مواقع التواصل الاجتماعي من شائعات حول إخلاء المستأجرين.

وقال المصدر إن الحكومة ستعمل جاهدة على مساعدة كافة المستأجرين المشمولين بقانون الإيجار القديم، ولن تتركهم دون حلول.

ويرى المستشار السابق لوزير التنمية المحلية، صبري الجندي، أن مشروع القانون الحكومي لا يزال منحازاً لصالح الملاك وعلى حساب المستأجرين، ولا يقدم جديداً سوى تمديد فترة الانتقال.

وأوضح الجندي لـ«الشروق» أن قرار المحكمة الدستورية العليا لم يكن بشأن فسخ عقد الإيجار، وإنما قضى بعدم دستورية القيمة الإيجارية الثابتة.

وانتقد الحكومة لعدم التزامها الواضح بتوفير مساكن بديلة للمستأجرين بعد انتهاء الفترة الانتقالية. وجادل بأنه كان ينبغي على الحكومة أن تؤكد التزامها بتوفير مساكن بديلة.


شارك