ورشة عمل للبنك الدولي لإعداد تقرير إعادة النظر بالأمن الغذائي والتغذية

بقلم: منال المصري
افتتحت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، ورشة العمل الإقليمية حول “الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، التي نظمها البنك الدولي. وشارك في الورشة كلٌ من ستيفان جيمبير، المدير الإقليمي لمصر واليمن وجيبوتي في البنك الدولي، واللواء وليد أبو المجد، نائب وزير التموين والتجارة الداخلية، وممثلون عن اثنتي عشرة دولة. وعُقدت الورشة في إطار الشراكة الوثيقة بين جمهورية مصر العربية والبنك الدولي، بهدف تكثيف الجهود المشتركة لتعزيز الأمن الغذائي.
أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن العالم يواجه تحديات متسارعة وغير مسبوقة على المستويين الإقليمي والدولي. لذا، يُعدّ الأمن الغذائي من أهم أولويات الدول والحكومات، كونه ركيزة أساسية للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، وعنصرًا أساسيًا لتحقيق التنمية المستدامة.
أكد وزير التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي على ضرورة بناء أنظمة وطنية مرنة قادرة على التكيف مع الأزمات ومواجهتها، وضمان توفير غذاء آمن وكافٍ للجميع. وقد كشفت الأزمات العالمية، بدءًا من جائحة كوفيد-19 ووصولًا إلى آثار الصراعات الجيوسياسية واضطرابات سلاسل التوريد، عن هشاشة أنظمة الغذاء العالمية.
وأضافت أن أهمية الأمن الغذائي في الشرق الأوسط وأفريقيا تتزايد في ظل تحديات المناخ، وندرة الموارد الطبيعية، وتغيرات تدفقات التجارة العالمية. وهذا يتطلب تكامل الجهود الوطنية والإقليمية، وزيادة الاستثمار في الزراعة المستدامة، وتقنيات إنتاج الغذاء، والبنية التحتية لسلسلة القيمة، بالإضافة إلى اتخاذ تدابير داعمة لتمكين صغار المزارعين والمنتجين المحليين.
استشهدت المشاط بتقارير دولية عديدة تُحذر من مخاطر انعدام الأمن الغذائي، لا سيما في ظل تزايد عدد المناطق التي تعاني من سوء التغذية عالميًا. ويُظهر تقرير برنامج الأغذية العالمي لعام 2025 أن 343 مليون شخص في 74 دولة حول العالم يعانون من الجوع الحاد. ومع ذلك، يحتاج البرنامج إلى تمويل يقارب 17 مليار دولار أمريكي لدعم 123 مليون شخص بحلول عام 2025.
وأكدت أن الأمن الغذائي أصبح مطلباً دولياً، وأن حشد الجهود الدولية من مختلف الأطراف المعنية ضرورة أساسية لتمكين الدول – وخاصة الدول ذات الدخل المنخفض والمتأثرة بالصراعات – من تلبية احتياجات مواطنيها من خلال دعم السياسات والآليات التي تعالج الأسباب الجذرية لانعدام الأمن الغذائي.
كما أشارت المشاط إلى تقرير البنك الدولي “إعادة النظر في الأمن الغذائي والتغذية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، الذي يهدف إلى توفير البيانات والتوصيات لصانعي السياسات. وأكدت على أهمية العمل مع المعهد الدولي لسياسات الأغذية (IFPRI) لتوفير منظور إقليمي شامل وتوصيات عملية لتطوير نظم غذائية قوية ومرنة.
أكد المشاط على أهمية التعاون الثلاثي بين مصر والبنك الدولي والدول الأعضاء في دفع جهود تحقيق الأمن الغذائي. وأشار إلى أن انعقاد أكاديمية النمو وورشة العمل الإقليمية في مصر يعكس الشراكة الوثيقة بين البنك الدولي ومصر وجهودهما المشتركة لمواجهة تحديات التنمية.
وأضافت أن جمهورية مصر العربية تُولي الأمن الغذائي أهمية بالغة، وتُدرك ارتباطه الوثيق بالأمن القومي والاستقرار الاجتماعي. وأكدت أن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تُقود هذه الجهود في إطار رؤية تنموية شاملة، وتلعب دورًا محوريًا في تنسيق السياسات الاقتصادية والاجتماعية طويلة المدى، ومراقبة الاستثمارات العامة، وضمان تكامل الموارد المحلية والشراكات الدولية لتحقيق أهداف التنمية.
وفي هذا السياق، أكد الوزير أن الحكومة المصرية ملتزمة بزيادة الاستثمار العام في قطاعي الزراعة واستصلاح الأراضي، باعتباره أحد أهم ركائز تحقيق الأمن الغذائي.
وتقدر خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي الحالي زيادة الاستثمار في هذا القطاع بنسبة 20% مقارنة بالعام السابق، في حين تقدر خطة العام المالي المقبل الاستثمار العام في أنشطة الزراعة والري بنحو 17.5 مليار جنيه.
وأضاف الوزير أن الحكومة تُواصل دعم المجتمعات الريفية من خلال تنفيذ المشروع الوطني للتنمية الريفية المصرية “حياة كريمة”. وتبلغ استثمارات المرحلة الأولى منه حوالي 350 مليار جنيه مصري. وسيُحسّن هذا المشروع مستوى معيشة صغار المزارعين من خلال تطوير البنية التحتية وزيادة الاستثمار في رأس المال البشري.
كما أكدت على تطوير الشراكات مع المؤسسات الدولية، التي اكتسبت بُعدًا استراتيجيًا من خلال محور الغذاء ضمن المنصة الوطنية لبرنامج “نوافي”. ويُعدّ الصندوق الدولي للتنمية الزراعية الشريك المنفذ الرئيسي لهذا المحور، الذي يُجسّد رؤية مصر في ربط الأمن الغذائي بتغير المناخ من خلال حزمة من المشاريع لتعزيز قدرة نظم إنتاج الغذاء على الصمود.
من ناحية أخرى، أكدت وزيرة التعاون الدولي، الدكتورة رانيا المشاط، أن مصر تواصل توسيع شراكتها طويلة الأمد مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي لدعم خطط الأمن الغذائي الوطني، سواء من خلال برامج المساعدة الفنية أو بناء القدرات المؤسسية أو المشاريع المشتركة في مجال الزراعة المستدامة وتحسين التغذية.
كما أكد البنك الدولي شراكته الوثيقة مع الاتحاد الأوروبي، التي رُقّيت إلى شراكة استراتيجية عام ٢٠٢٤. ويُعدّ الأمن الغذائي محورًا رئيسيًا للتعاون بين الجانبين. كما يحافظ البنك الدولي على شراكة تنموية راسخة مع مصر في قطاعات مُختلفة. وقد تكثّف هذا التعاون في أعقاب الأزمات العالمية الأخيرة، ويدعم جهود الحكومة المصرية للتخفيف من آثارها على الأمن الغذائي في مصر.