70 عامًا بين مصدق وخامنئي.. هل تعود واشنطن إلى سيناريو الانقلاب في إيران؟

مع استمرار إسرائيل في هجماتها على إيران لليوم السادس على التوالي، تتزايد النقاشات في الأوساط السياسية والإعلامية الغربية حول ضرورة تغيير النظام في طهران. وقد أثارت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتكررة ودعوات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للإطاحة بالقيادة الإيرانية جدلاً حول ما إذا كان الغرب يكرر سيناريو التدخل الذي حدث قبل أكثر من 70 عامًا.
وأشارت شبكة “سي إن إن” إلى أن إيران لديها خبرة في صد محاولات تغيير النظام، وخاصة من جانب الولايات المتحدة، التي لعبت دورا رئيسيا في أول انقلاب سياسي كبير في البلاد في القرن العشرين.
وهذا هو بالضبط ما حدث: ففي عام 1953، أطاحت وكالة المخابرات المركزية الأميركية وحليفتها بريطانيا بحكومة محمد مصدق المنتخبة ديمقراطيا بعد أن أعلن عن نيته تأميم النفط الإيراني، الذي كانت تسيطر عليه شركات بريطانية.
واعتبرت واشنطن ولندن في ذلك الوقت هذه الخطوة تهديدا مباشرا لمصالحهما الاستراتيجية في الشرق الأوسط، وخاصة في ذروة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي.
وفقًا لوثائق رُفعت عنها السرية عام ٢٠١٣، دبرت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية حملة دعائية ضد مصدق. وحشدت وموّلت مظاهرات زائفة لتبرير الانقلاب. أدى هذا الانقلاب إلى تعيين رئيس وزراء جديد، الجنرال فضل الله زاهدي، وعزز سلطة الشاه محمد رضا بهلوي، الذي أصبح حليفًا وثيقًا للولايات المتحدة.
وبحسب الوثائق التي تم نشرها، فإنه بعد يومين من تولي زاهدي السلطة، قدمت وكالة المخابرات المركزية الأميركية سراً خمسة ملايين دولار لتوفير بعض الاستقرار لرئيس الوزراء الإيراني الجديد آنذاك.
رغم أن الانقلاب وقع قبل عقود، إلا أن تداعياته السياسية لا تزال ملموسة. وقد أقرّ الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما علنًا بتورط بلاده في الانقلاب في خطاب شهير ألقاه في القاهرة عام ٢٠٠٩، مشيرًا إلى أن التدخل ساهم في تعميق المشاعر المعادية لأمريكا في إيران.
أثبت التدخل الأمريكي في الشؤون الإيرانية فشله. بعد الإطاحة بمصدق، زادت الولايات المتحدة دعمها لبهلوي كشاه. أثار هذا غضب الإيرانيين من التدخل الأجنبي، وأجج المشاعر المعادية لأمريكا في البلاد لعقود، ودفع ملايين الإيرانيين في سبعينيات القرن الماضي إلى الانتفاضة ضد نظام بهلوي، الذي اعتبروه فاسدًا وغير شرعي.
عارض المتظاهرون العلمانيون استبداده، بينما احتج المتظاهرون الإسلاميون على برنامجه التحديثي. أُطيح بالشاه في الثورة الإسلامية عام ١٩٧٩، التي أنهت النظام الملكي المدعوم من الغرب في البلاد، وأعلنت قيام جمهورية إسلامية ونظام حكم ديني.
اليوم، في خضم التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران، تتزايد الدعوات لتكرار هذا السيناريو، وإن كان بشكل مختلف. دعا رضا بهلوي، نجل الشاه الراحل وولي عهد إيران السابق، علنًا إلى “انتفاضة شاملة” للإطاحة بالنظام الإيراني الحالي. وفي مقطع فيديو نُشر على منصة “إكس”، قال: “الجمهورية الإسلامية في طريقها إلى نهايتها، وهي تتجه نحو الانهيار. كل ما نحتاجه هو انتفاضة شاملة لإنهاء هذا الكابوس الجماعي نهائيًا”.
https://x.com/NewsNow4USA/status/1935051646339334336
وأضاف: “فرصة النهضة سانحة الآن. حان الوقت لاستعادة إيران، وسنفعل ذلك معًا”. وأكد أن إسقاط النظام لن يفتح الباب أمام الفوضى: “لا تقلقوا بشأن ما بعد الجمهورية الإسلامية. لن تدخل إيران في فترة اضطراب أو حرب أهلية”.
يُعرف رضا بهلوي بتنامي علاقاته مع إسرائيل في السنوات الأخيرة. وقد أثار هذا التطور جدلاً واسعاً بين أبناء الجالية الإيرانية في الخارج. فبينما يدعمه البعض، يتهمه آخرون بالخيانة.
في خضم هذا التصعيد، لا تخلو صورة والده، الشاه المخلوع، الذي حافظ على علاقات وثيقة مع إسرائيل قبل الإطاحة به. واليوم، بينما تواجه إيران “هجومًا منظمًا” من تل أبيب، تتبادر إلى الأذهان صورة قديمة: تدخل أجنبي لتغيير ميزان القوى في طهران.