4 مؤشرات لسيناريو خطير ضد إيران.. لماذا غادر ترامب قمة السبع فجأة؟

بقلم: سلمى سمير
يبدو أن إسرائيل تُعدّ لعملية واسعة النطاق، تفاصيلها لا تزال غامضة، ومن المتوقع الإعلان عنها نهاية هذا الأسبوع. هذا بحسب تصريحات السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، يحيئيل لايتر، الذي ألمح إلى سيناريو أخطر من عمليات “البيجر” التي نفذتها إسرائيل خلال هجماتها على حزب الله اللبناني. يتزامن ذلك مع الانسحاب المفاجئ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب من قمة مجموعة السبع قبل انطلاقها، بعد ربطها بالحرب بين إسرائيل وإيران.
لماذا غادر ترامب؟
كان من المقرر انعقاد قمة مجموعة السبع يوم الثلاثاء، لكن قرارًا مفاجئًا اتخذه أمس منعه من حضور القمة في كندا. وأشار إلى تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، وخاصةً مع إيران، ودعا إلى إخلاء العاصمة الإيرانية طهران فورًا.
جاء تحذير ترامب، الذي صدر قبل ساعات من مغادرته، عقب اجتماعات مع قادة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى. ثم نشر على منصته “تروث سوشيال”: “كان ينبغي على إيران توقيع الاتفاق الذي طلبت منهم توقيعه. يا له من عار وإهدار للأرواح البشرية. باختصار: يجب ألا تمتلك إيران سلاحًا نوويًا أبدًا. لقد كررت ذلك مرارًا وتكرارًا!” واختتم منشوره بتحذير صارخ: “على الجميع مغادرة طهران فورًا!”
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت في منشور على تويتر إن الرئيس “حقق تقدما كبيرا في اجتماعاته مع زعماء العالم”، لكنها أضافت أنه “بسبب الأحداث في الشرق الأوسط، سيغادر الرئيس ترامب الليلة بعد العشاء مع الزعماء”.
تحذير غامض وسط التصعيد الإسرائيلي
جاء تحذير الرئيس الجمهوري، الذي يُنذر على ما يبدو بعمل عسكري وشيك، بعد ساعات فقط من إصدار الحكومة الإسرائيلية أمرًا بإخلاء بعض المناطق شمال طهران. ويأتي هذا في إطار توسع العمليات العسكرية في إيران والهجمات المستمرة على أهداف إيرانية رئيسية، أبرزها مبنى التلفزيون الإيراني، الذي تعرض للهجوم أثناء بث مباشر لقناة خبر التلفزيونية، بمشاركة المذيعة سحر إمامي. كما تعرض مستشفى في مدينة كرمانشاه غرب إيران للهجوم، مما تسبب في أضرار جسيمة.
وجاءت موجة الهجمات واسعة النطاق في أعقاب اغتيال قادة إيرانيين كبار، بمن فيهم قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي، ورئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري، وقائد القوات الجوية الفضائية في الحرس الثوري الإيراني أمير علي حاجي زاده.
مع ذلك، لم يُثنِ اغتيال عدد من كبار القادة العسكريين الإيرانيين الأسبوع الماضي إسرائيل عن السعي للقضاء على كبار القادة الإيرانيين. حتى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هدد باغتيال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، وفقًا لتصريحاته. وقال نتنياهو إن مقتل خامنئي سيُخفّف من حدة التوترات في المنطقة.
رغم تصريح ترامب في البداية بأن الولايات المتحدة لن تشارك في الهجمات على إيران، إلا أن الوفد الأمريكي عرقل إصدار بيان مشترك لقادة مجموعة السبع يدعو إلى إنهاء التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران. وقد أدى هذا، وفقًا لموقع بوليتيكو، إلى زيادة الشكوك حول موقف واشنطن الحقيقي من العمليات.
هل يملك ترامب معلومات استخباراتية خاصة؟
ولم تقدم إدارة ترامب أي معلومات حول ما إذا كان الرئيس على علم بالخطط العسكرية الإسرائيلية الجديدة في إيران أو ما إذا كان يحاول ببساطة ممارسة الضغط السياسي على طهران لإجبارها على العودة إلى طاولة المفاوضات بشأن الاتفاق النووي.
لكن منشوره المفاجئ، الذي دعا فيه إلى إخلاء مدينة يزيد عدد سكانها عن عشرة ملايين نسمة، أثار تساؤلات عديدة في الأوساط السياسية والدبلوماسية. في الوقت نفسه، هددت إسرائيل بمزيد من التصعيد، ودعت سكان طهران إلى إخلاء المدينة.
ولتهدئة التوترات، أصدرت وزارتا الدفاع والخارجية الأميركيتان تغريدات متطابقة أكدتا فيها أن القوات الأميركية في المنطقة “تتخذ موقفا دفاعيا” و”غير متورطة في الهجوم الإسرائيلي”.
لكن بعد وصوله إلى الولايات المتحدة، اتصل ترامب بمجلس الأمن القومي وطلب منهم الحضور إلى غرفة عمليات البيت الأبيض فورًا. وقبل صعوده إلى طائرة الرئاسة، قال: “لا يمكن تجاهل ما يحدث في الشرق الأوسط”. وأكد أن مغادرته لا علاقة لها بأحداث القمة، بل بالتطورات الأخيرة. كان عليه التواجد في البيت الأبيض للاطلاع على الوضع دون الحاجة إلى الاعتماد على الهواتف.
حضر وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث وفريقه للأمن القومي الاجتماع. وعقب الاجتماع، أصدر ترامب بيانًا أعلن فيه أنه لم يناقش قط وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل. والأهم من ذلك، أكد أن إيران لا تمتلك برنامجًا نوويًا.
وفي تصريحاته، حذر ترامب أيضا من أن إسرائيل ستكثف هجماتها ضد إيران ولن تتردد في توجيه ضربات مؤلمة لها، مؤكدا أن إيران لا تستطيع الفوز في مثل هذه الحرب.
سيناريو أخطر من جهاز النداء
يتوافق سيناريو التصعيد المحتمل هذا مع تصريحات السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، الذي أعلن أن إسرائيل تُعدّ لعملية عسكرية “كبيرة” ضد إيران، قد تُشنّ خلال أيام. وأكد أن العالم سيشهد مفاجآت غير مسبوقة.
وفي مقابلة تلفزيونية مع الصحافية الأميركية ليندسي كيث، قال ليتر: “توقعوا مفاجأة في وقت لاحق من هذا الأسبوع”، مضيفاً أن ما سيحدث ليلة الخميس أو الجمعة سيكون أكثر أهمية من العمليات الإسرائيلية السابقة.
ووصف السفير العملية المخطط لها بأنها ذات طبيعة وحجم مختلفين، مشيرا إلى أن “عملية بيجر ستصبح حدثا أصغر في عام 2023 بسبب ما حدث”، في إشارة إلى الهجوم على البنية التحتية لحزب الله في لبنان.
ورغم أنه رفض تقديم مزيد من التفاصيل، أكد ليتر أن الخطوة التالية قد تتجاوز المواجهات التقليدية في قطاع غزة أو جنوب لبنان: “سوف يدرك العالم أن إسرائيل جادة في منع إيران من تطوير قدراتها”.
تحذيرات من الدول الأجنبية لمواطنيها
وفي هذا السياق، أصدرت عدة دول تحذيرات عاجلة لمواطنيها في إيران، حثتهم فيها على مغادرة البلاد على الفور، فيما بدأت دول أخرى بالفعل عمليات إجلاء جماعية.
في طهران، دعت السفارة الصينية مواطنيها إلى مغادرة إيران “بأسرع وقت ممكن”. وحذرت من تدهور الوضع الأمني بسرعة، لا سيما بعد الأضرار التي لحقت بالمنشآت المدنية وسقوط ضحايا. وفي بيان نُشر على تطبيق WeChat، قالت السفارة: “ننصح مواطنينا بمغادرة إيران برًا حفاظًا على سلامتهم”.
من جانبها، فرضت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية حظرا على السفر إلى إيران ودعت جميع المواطنين هناك إلى مغادرة البلاد على الفور، قائلة إن الوضع لم يعد آمنا.
في السياق ذاته، أجرت روسيا عملية إجلاء واسعة النطاق لمواطنيها من إيران. نُقل العشرات منهم، بمن فيهم عائلات دبلوماسيين، إلى أذربيجان. وأكدت وزارة الخارجية الروسية أن التنسيق مع أذربيجان يتطلب موافقة مسبقة من السفارة الروسية في طهران.
وكانت السفارة الصينية في إسرائيل قد أصدرت تحذيرا مماثلا في وقت سابق، حثت فيه مواطنيها على مغادرة الأراضي الإسرائيلية، مشيرة إلى “خطر متزايد” من الاشتباكات بين تل أبيب وطهران، مشيرة إلى الأضرار التي لحقت بالمنشآت المدنية والإصابات بين المدنيين.