ما الأنظمة الدفاعية التي تستخدمها إسرائيل في أي تصعيد؟
قال الجيش الإسرائيلي إنه يستعد لمواجهة مطولة مع إيران في أعقاب الهجمات على “منشآت عسكرية ونووية إيرانية” يوم الجمعة 13 يونيو، والتي أسفرت عن مقتل كبار القادة العسكريين الإيرانيين وخبراء نوويين.
وردت إيران بشن هجمات على “عشرات الأهداف والقواعد والبنية التحتية العسكرية” في إسرائيل.
تعتمد إسرائيل على أنظمة متعددة للدفاع عن نفسها. فبالإضافة إلى سلاحها الجوي وطائراتها الحديثة للدفاع ضد الطائرات المسيرة، تمتلك إسرائيل نظام دفاع جوي متطورًا ومتعدد الطبقات قادرًا على مواجهة مجموعة متنوعة من التهديدات الجوية قصيرة وطويلة المدى، بما في ذلك الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز.
في هذا التقرير، نتناول المكونات الرئيسية لنظام الدفاع الجوي العسكري الإسرائيلي، والذي يمكن دمجه وتنسيقه مع أنظمة الاعتراض الأميركية في الشرق الأوسط لاعتراض الأهداف والصواريخ المهاجمة في أي مكان.
نظام القبة الحديدية
وكانت إسرائيل اعتمدت في السابق على نظام الدفاع الجوي الأميركي الشهير “باتريوت”، ولكن بعد الحرب مع حزب الله في يوليو/تموز 2006، قررت تطوير نظام دفاع جوي قصير المدى خاص بها لمواجهة التهديدات من لبنان وقطاع غزة والتهديدات المماثلة.
وفي الواقع، أنشأت إسرائيل، بدعم من الولايات المتحدة، شركة رافائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة والصناعات الجوية الإسرائيلية لبناء درع دفاعي صاروخي قصير المدى يصل مداه إلى 70 كيلومتراً لتغطية المدن الإسرائيلية والمرافق الحساسة.
في إبريل/نيسان 2010، أعلنت شركة رافائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة المملوكة للدولة أنها طورت نظاماً أطلق عليه اسم “القبة الحديدية” يمكنه اعتراض صواريخ الكاتيوشا قصيرة المدى التي يطلقها حزب الله وحماس في قطاع غزة بانتظام على إسرائيل.
تم نشر نظام القبة الحديدية لأول مرة بالقرب من قطاع غزة في صيف عام 2011 لاختبار قدرته على الدفاع ضد الصواريخ قصيرة المدى وقذائف الهاون وصواريخ الكاتيوشا.
وبعد النجاح والتعديل، تم نشر بطاريات إضافية، خاصة بالقرب من مدينتي عسقلان وأشدود، جنوب تل أبيب، وبالقرب من مدينة نتيفوت، على بعد 20 كيلومترا من الحدود مع قطاع غزة.
تتتبع القبة الحديدية الصواريخ قصيرة المدى برادار متخصص، ثم تُحلل بيانات منطقة الاصطدام المحتملة. بعد التأكد من سقوط المقذوف في منطقة حرجة، تُرسل الإحداثيات إلى وحدة إطلاق الصواريخ لاعتراضه.
وتشتمل كل بطارية على رادار كشف وتتبع، ونظام للتحكم في إطلاق النار، وثلاثة قاذفات، كل منها يحمل عشرين صاروخًا.
حققت القبة الحديدية نجاحًا ملحوظًا على مر السنين بفضل التحديث والتطوير المستمرين واكتشاف الثغرات الأمنية. حتى أن الجيش الأمريكي قرر شراء النظام في فبراير 2019.
لقد دعمت الولايات المتحدة تطوير وإنتاج النظام، وبعض مكوناته جاءت من شركات أمريكية.
ومع ذلك، تعرض هذا النظام، الذي بلغت تكلفة تطويره مليارات الدولارات، لانتقادات بسبب تكلفته المرتفعة.
ورغم التكلفة العالية لتطوير نظام القبة الحديدية، فإن مصنعيها يعتقدون أنه نظام فعال لأنه يستخدم تكنولوجيا تميز بين الصواريخ التي من المرجح أن تصيب المناطق المأهولة بالسكان وتلك التي لا تصيبها.
وتقوم وحدات النظام الثابتة والمتحركة بإطلاق صواريخ اعتراضية لإسقاط أي أجسام أو أهداف تعتبر خطيرة.
مقلاع ديفيد “العصا السحرية”
مقلاع داود، المعروف أيضًا باسم العصا السحرية، هو نظام دفاع جوي متوسط المدى، يصل مداه إلى 300 كيلومتر. طُوّر في الأصل كبديل لإسرائيل عن نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي باتريوت، وقد طُوّر بشكل مشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
وبحسب مقال في صحيفة تايمز أوف إسرائيل، فإن المقلاع سمي بهذا الاسم نسبة إلى القصة التوراتية التي قتل فيها الراعي داود العملاق جالوت بمقلاع من الحجارة.
تم تصميم نظام “مقلاع داوود” لاعتراض الصواريخ السورية عيار 302 ملم والصواريخ الباليستية الإيرانية من طراز فاتح 110 ذات الرؤوس الحربية التي يبلغ وزنها نصف طن.
بدأت إسرائيل التخطيط لبناء نظام مقلاع داود في عام 2006، ووقعت اتفاقية شراكة مع الولايات المتحدة في أغسطس/آب 2008 للمشاركة في تطوير النظام.
وبحسب تقرير صادر عن دائرة أبحاث الكونجرس، دعمت الولايات المتحدة تطوير المشروع بما يقارب ملياري دولار خلال الفترة من 2008 إلى 2020.
وتولت شركة رافائيل الإسرائيلية لأنظمة الدفاع المتقدمة العمل، وفي أكتوبر/تشرين الأول 2009 منحت شركة رايثيون الأميركية للصواريخ والدفاع أكثر من 100 مليون دولار لتطوير صاروخ اعتراضي بقدرات مذهلة ونظام إطلاق عمودي، بحسب موقع الشركة الأميركية على الإنترنت.
في عام 2012، بدأت منظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية ووكالة الدفاع الصاروخي الأمريكية تطوير نظام مقلاع ديفيد سراً.
وفقًا لصحيفة تايمز أوف إسرائيل، أُجري أول اختبار ناجح للنظام في صحراء النقب عام ٢٠١٢. واستمرت الاختبارات حتى عام ٢٠١٥، واستهدفت “أهدافًا متعددة شكلت تهديدًا في قتال واقعي آني”، وفقًا لوزارة الدفاع الإسرائيلية. ورفضت الوزارة تحديد هذه الأهداف.
كشفت شركة رافائيل عن النظام لأول مرة علناً في معرض باريس الجوي عام 2013، وتم تصنيع 50% من مكونات مقلاع داود في الولايات المتحدة، وفقاً لموقع أخبار الدفاع العسكري Defense News.
وبحسب موقع “جيروزاليم بوست” الإسرائيلي، فقد تم استخدامه لأول مرة في الجيش الإسرائيلي عام 2017.
وبحسب موقع “إسرائيل 21 سي”، المتخصص في التطور التكنولوجي في إسرائيل، فإن نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي يتكون من ثلاث طبقات، كل منها مصممة لمواجهة التهديدات من مسافات مختلفة.
ويتكون صاروخ الاعتراض “مقلاع داود” من مرحلتين مزودتين بأنظمة توجيه أمامية وخلفية تمكنه من الاستخدام الفعال، بحسب موقع وزارة الدفاع.
وبحسب موقع Missile Threat المتخصص في الصواريخ، فإن منظومة David’s Sling تتكون من قاذفة صواريخ، ورادار تحكم ELM-2084، ومحطة عمليات، وصاروخ اعتراضي من طراز Stunner.
القاذفة عبارة عن نظام إطلاق عمودي مُثبّت على مقطورة. كل وحدة قادرة على حمل ما يصل إلى اثني عشر صاروخًا. جميع القاذفات، بالإضافة إلى أجزاء من صاروخ ستونر الاعتراضي، مُصنّعة في الولايات المتحدة الأمريكية.
يستخدم نظام “مقلاع داود” الرادار الإسرائيلي متعدد الأغراض ELM-2084، الذي يمكنه اكتشاف وتتبع الطائرات والأهداف الباليستية ويوفر القدرة على توجيه عمليات إطلاق الصواريخ لاعتراض الصواريخ أو الدفاع الجوي.
هذا الرادار مناسب لمهام المراقبة الجوية ومكافحة النيران. في وضع المراقبة، يمكنه تتبع ما يصل إلى 1100 هدف على مدى 474 كيلومترًا، وإجراء مسح إلكتروني بزاوية 120 درجة وارتفاع 50 درجة.
في وضع التحكم بالنيران، يُمكنه تتبع ما يصل إلى 200 هدف في الدقيقة على مدى 100 كيلومتر. يُستخدم هذا الوضع لتوجيه صواريخ ستونر الاعتراضية، بحيث تتمكن الرادارات الموجودة على متن الطائرة من تحديد الهدف.
نظام السهم
منظومة “حيتس” (حيتس) هي آخر منظومة دفاع جوي إسرائيلية. وهي قادرة على مهاجمة أهداف بعيدة واعتراض الصواريخ الباليستية خارج الغلاف الجوي للأرض على مسافات تزيد عن 2400 كيلومتر.
يتألف هذا النظام، الذي يعمل في القواعد الجوية الإسرائيلية منذ عام ٢٠١٧، من سلسلة من أنظمة الاعتراض والأنظمة الفرعية المصممة لتوفير دفاع فعال ومتعدد الطبقات ضد تهديد الصواريخ الباليستية. تتراوح هذه الأنظمة من القبة الحديدية، التي تعترض الصواريخ قصيرة المدى، إلى صواريخ “حيتس-٣” بعيدة المدى، التي تدمر الرؤوس الحربية غير التقليدية على ارتفاع آمن.
يتكون النظام من صواريخ “حيتس-2” التي تعمل على ارتفاعات متوسطة، وصواريخ “حيتس-3” الأسرع والأكثر تحليقًا. طُوّرت هذه الصواريخ بشكل مشترك بين إسرائيل والولايات المتحدة، ودخلت الخدمة عام ٢٠٠٨. وهي مصممة لاعتراض الصواريخ الباليستية الإيرانية في الفضاء، خارج الغلاف الجوي، قبل وصولها إلى إسرائيل.
يمكنها الدفاع عن منطقة كبيرة جدًا وتوفر حماية شاملة للمواقع الإستراتيجية والمناطق المأهولة بالسكان الكبيرة.
يراقب نظام “أرو-3” الصواريخ الباليستية القادمة، ويكشفها، ويتتبعها، ويميزها، ويشتبك معها، ويقيّمها. كما يتمتع بقدرات دفاعية شاملة، ويوفر حماية للأصول الاستراتيجية الحيوية.
وبحسب الشركة المصنعة الإسرائيلية IAI، فإن النظام قابل للنقل بسهولة، مما يتيح نشره السريع ضد التهديدات المتغيرة باستمرار.
نظام ثاد الأمريكي
في أكتوبر/تشرين الأول 2024، أكدت وزارة الدفاع الأميركية أنها سترسل نظام دفاع جوي عالي الارتفاع تديره الولايات المتحدة إلى إسرائيل.
وفقًا لشركة لوكهيد مارتن، أكبر مُصنّع أسلحة أمريكي، فإن نظام ثاد فعال ضد الصواريخ الباليستية. كما تشارك شركة رايثيون، وهي شركة أخرى مُتعاقدة مع شركات الدفاع الأمريكية، في تطوير الرادار المُتطور للنظام.
يتكون النظام من ست مركبات إطلاق محمولة على شاحنات، تحمل كل منها ثمانية صواريخ اعتراضية. تبلغ تكلفة البطارية الواحدة حوالي مليار دولار، ويتطلب تشغيلها طاقمًا قوامه حوالي 100 فرد.
نظام الجيش الأمريكي، الذي دخل الخدمة عام ٢٠٠٨، سهل النشر والنقل، وقد اختُبر بنجاح في عدة مهام. لا يحمل الصاروخ الاعتراضي رأسًا حربيًا، بل يسخّر الطاقة الحركية للصدمة لإحداث تأثيره. تصل سرعة الصاروخ إلى ٨.٢٤ ماخ (٢.٨ كم/ثانية).
ويتكون نظام ثاد من منصة إطلاق صواريخ متحركة، وصاروخ اعتراضي مزود بأجهزة استشعار وجهاز كمبيوتر يمكنه التمييز بين الأهداف الحقيقية والخاطئة، ومحطة رادار للكشف والتتبع، ومركز قيادة وتحكم متحرك، مما يمنح النظام قدرة عالية على الحركة.
وتتكون بطارية النظام من تسع مركبات مجهزة بقاذفات، تحمل كل منها ما بين ستة إلى ثمانية صواريخ، بالإضافة إلى مركزين للعمليات ومحطة رادار.
تُعالَج معلومات الهدف ونقطة الهجوم المحتملة قبل الإطلاق. ويمكن تحديث هذه البيانات، وإرسال أوامر لتصحيح مسار الصاروخ أثناء الطيران. ويمكن حمل الرادار على متن طائرة من طراز C-130 هيركوليس، ويمكنه اكتشاف الصواريخ الباليستية على مسافة تصل إلى 1000 كيلومتر من موقع الرادار.