من يمتلك قوة نيرانية أكبر إيران أم إسرائيل؟
بي بي سي
شنت إسرائيل غارة جوية “استباقية” ضد “أهداف عسكرية ونووية إيرانية” في الساعات الأولى من يوم الجمعة 13 يونيو.
من جانبها، هددت إيران إسرائيل بـ”رد قاس” وأنها “ستدفع ثمناً باهظاً” على لسان المتحدث باسم هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، أبو الفضل شكارجي.
وقال المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي في بيان: “بهذه الجريمة، كتب النظام الصهيوني على نفسه مصيرًا مريرًا ومؤلمًا سيصيبه بالتأكيد”.
وهذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها إسرائيل صراحة أنها استهدفت منشآت نووية إيرانية في إطار ما يسمى “عملية الأسد الصاعد”.
لكن هذه هي المرة الثانية التي تستهدف فيها إسرائيل إيران منذ الهجوم غير المسبوق الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، والذي أشعل فتيل الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة.
في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2024، أعلن الجيش الإسرائيلي عن هجوم على إيران ردًا على هجمات النظام الإيراني المستمرة على إسرائيل. ووفقًا للحرس الثوري الإيراني، شمل ذلك إطلاق نحو 180 صاروخًا باليستيًا “ردًا على اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، وزعيم حماس، إسماعيل هنية، في يوليو/تموز 2024”.
تصاعدت التوترات بين إسرائيل وإيران منذ 13 أبريل/نيسان 2024، بعد أن شنت إيران هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على أهداف إسرائيلية ردا على الهجوم المزعوم على قنصليتها في دمشق في وقت سابق من ذلك الشهر.
في ضوء هذه التطورات، ما هو التأثير الذي قد تخلفه هذه الحرب على الأطراف في حال اندلاعها؟
أي الجانبين له اليد العليا؟
حاولت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الإجابة على هذا السؤال باستخدام المصادر المدرجة أدناه، على الرغم من أن كلا البلدين قد يمتلكان أسلحة كبيرة لم يُعرف وجودها بعد.
ويقوم المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بمقارنة القوة النارية للجيشين الإسرائيلي والإيراني، مستخدما مجموعة من المصادر الرسمية والعامة للوصول إلى أفضل التقديرات الممكنة.
وقد قدمت مؤسسات أخرى، مثل معهد ستوكهولم لأبحاث السلام، تقديرات في هذا الصدد، ولكن دقتها تتفاوت، خاصة وأن البلدان عموماً لا تقدم أرقاماً.
ومع ذلك، يعتقد نيكولاس مارش من معهد أوسلو لأبحاث السلام أن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية يمكن أن يكون بمثابة معيار لتقييم القوة العسكرية للدول في جميع أنحاء العالم.
وبحسب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، تنفق إسرائيل على الدفاع أكثر مما تنفقه إيران، مما يمنح إسرائيل نفوذا كبيرا في حالة نشوب صراع.
ويقول المعهد إن ميزانية الدفاع الإيرانية في عامي 2022 و2023 بلغت نحو 7.4 مليار دولار، في حين بلغت ميزانية الدفاع الإسرائيلية في الفترة نفسها نحو 19 مليار دولار، أي أكثر من الضعف.
وعلى نحو مماثل، يبلغ الإنفاق الدفاعي في إسرائيل كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي نحو ضعف نظيره في إيران.
التقدم التكنولوجي
وتشير بيانات المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إلى أن إسرائيل تمتلك أكثر من 340 طائرة مقاتلة، وهو ما يضمن تفوقها في الضربات الجوية الدقيقة.
وتشمل هذه الطائرات المقاتلة طائرات إف-15 بعيدة المدى، وطائرات إف-35 عالية التقنية القادرة على التهرب من الرادار، وطائرات الهليكوبتر الهجومية.
من ناحية أخرى، تشير بيانات المعهد الدولي إلى أن إيران تمتلك نحو 320 طائرة مقاتلة، بعضها يعود إلى ستينيات القرن الماضي، بما في ذلك طائرات إف-4 وإف-14.
لكن نيكولاس مارش من معهد أوسلو لأبحاث السلام يقول إنه من غير الواضح كم عدد هذه الطائرات القديمة الصالحة للطيران بالفعل، خاصة وأن العقوبات الغربية ضد إيران تجعل من الصعب للغاية الحصول على قطع الغيار لهذه الطائرات.
نظام القبة الحديدية والسهم
تشكل أنظمة القبة الحديدية والسهم العمود الفقري للدفاع الجوي الإسرائيلي.
مهندس الصواريخ عوزي روبين هو مؤسس نظام الدفاع الصاروخي التابع لوزارة الدفاع الإسرائيلية. وهو حاليًا باحث أول في معهد القدس للاستراتيجية والأمن.
وفي حديثه لبي بي سي، أعرب روبين عن مدى شعوره بالأمان عندما رأى نظام القبة الحديدية، إلى جانب حلفاء دوليين، يدمر جميع الصواريخ والطائرات بدون طيار التي أطلقتها إيران في 13 أبريل/نيسان تقريبًا.
قال روبين: “لقد كنتُ في غاية السعادة. إنه نظامٌ عالي التخصص. إنه نظام دفاع صاروخي قصير المدى. لا مثيل له في أي نظام آخر”.
ما هي المسافة بين إيران وإسرائيل؟
وتقع إسرائيل على بعد أكثر من 2100 كيلومتر من إيران، والصواريخ هي الوسيلة الوحيدة للجانبين لمهاجمة بعضهما البعض، بحسب تيم ريبلي، رئيس تحرير موقع “ديفينس آي”.
يعد برنامج الصواريخ الإيراني الأكبر والأكثر تنوعا في الشرق الأوسط.
في عام 2022، قال الجنرال كينيث ماكنزي من القيادة المركزية الأمريكية إن إيران تمتلك “أكثر من 3000” صاروخ باليستي.
من ناحية أخرى، ووفقاً لمشروع الدفاع الصاروخي التابع للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، فإن إسرائيل تصدر الصواريخ إلى عدد من البلدان.
صواريخ وطائرات إيران بدون طيار
لقد قامت إيران بتحديث أنظمة الصواريخ الخاصة بها على نطاق واسع منذ الحرب مع العراق المجاور بين عامي 1980 و1988.
وفي واقع الأمر، طورت إيران صواريخ بعيدة المدى وطائرات بدون طيار، وأطلقت مؤخرا عددا كبيرا منها باتجاه إسرائيل.
توصل محللون إلى أن جماعة الحوثي أنصار الله في اليمن أطلقت صواريخ إيرانية الصنع على السعودية.
“العقاب” من خلال هجوم بعيد المدى
يستبعد تيم ريبلي، رئيس تحرير موقع “ديفينس آي”، احتمال اندلاع حرب برية إسرائيلية ضد إيران، قائلاً: “إن أعظم قوة لدى إسرائيل هي قوتها الجوية وأسلحتها الموجهة بدقة، وهو ما يزيد من احتمالات شنها غارات جوية ضد أهداف رئيسية في إيران”.
ويعتقد ريبلي أن إسرائيل من المرجح أن تقتل مسؤولين إيرانيين وتدمر منشآت النفط الإيرانية من الجو.
يقول ريبلي: “العقاب هو جوهر المسألة. يستخدم القادة العسكريون والسياسيون الإسرائيليون كلمة عقاب باستمرار. إنها جزء من فلسفتهم توجيه ضربات موجعة لخصومهم، لذا يفكرون مليًا قبل مهاجمة إسرائيل”.
وفي الماضي، قُتل قادة عسكريون ومدنيون إيرانيون في غارات جوية، بما في ذلك الهجوم على مبنى القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق في الأول من أبريل/نيسان، والذي أعقبه هجوم إيراني.
ولم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن هذا الهجوم أو عن سلسلة من الهجمات الأخرى على مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى.
ولكن إسرائيل لم تنكر هذه المسؤولية.
وبحسب تقارير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، فإن الأسطول الإيراني القديم يتكون من نحو 220 سفينة، في حين أن البحرية الإسرائيلية لا تمتلك سوى نحو 60 سفينة.
ويرى المراقبون أن البحرية الإيرانية لا تمتلك القوة القتالية اللازمة للحرب.
الهجمات السيبرانية
عندما يتعلق الأمر بالهجمات الإلكترونية أو الحرب الإلكترونية، فإن إسرائيل لديها ما تخسره أكثر من إيران.
إن نظام الدفاع الإيراني أقل تقدماً من الناحية التكنولوجية من النظام الإسرائيلي، وبالتالي فإن الهجوم الإلكتروني على الجيش الإسرائيلي من المرجح أن يتسبب في خسائر أكبر.
تقول وكالة الأمن السيبراني الوطنية الإسرائيلية إن “الهجمات السيبرانية في جميع القطاعات الإسرائيلية أصبحت أكثر كثافة من ذي قبل، بما لا يقل عن ثلاثة أضعاف. وقد زاد التعاون بين إيران وحزب الله خلال حرب غزة”.
وسجلت الهيئة الإسرائيلية 3380 هجوما إلكترونيا في الفترة من 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى نهاية العام نفسه.
من جهة أخرى، أعلنت منظمة الدفاع المدني الإيرانية أنها صدت نحو 200 هجوم إلكتروني في الشهر الذي سبق الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، قال وزير النفط الإيراني جواد أوجي إن هجوما إلكترونيا أدى إلى شل محطات الوقود في جميع أنحاء البلاد.
التهديد النووي
ويقال إن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية خاصة بها، ولكنها تنتهج رسميا سياسة الغموض المتعمد.
ومن ناحية أخرى، لا يُعتقد أن إيران تمتلك أسلحة نووية، وعلى الرغم من الاتهامات الموجهة إليها بعكس ذلك، فإن إيران تنفي سعيها إلى استغلال برنامجها النووي المدني لتصبح قوة نووية.
الجغرافيا والديموغرافيا
إيران أكبر من إسرائيل ويبلغ عدد سكانها حوالي 89 مليون نسمة، أي تسعة أضعاف عدد سكان إسرائيل، الذي يبلغ حوالي 10 ملايين نسمة.
وبحسب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، فإن الجيش الإيراني أكبر من الجيش الإسرائيلي بنحو ستة أضعاف.
ما هي الحرب بالوكالة بين إسرائيل وإيران؟
رغم عدم وجود حرب رسمية بين إسرائيل وإيران، إلا أنهما بالفعل في صراع غير رسمي.
وفي خضم هذا الصراع، قُتلت شخصيات إيرانية مهمة في بلدان أخرى في هجمات ألقي باللوم فيها في الغالب على إسرائيل.
وفي الوقت نفسه، تستخدم إيران حلفائها لمهاجمة أهداف إسرائيلية.
يلعب حزب الله اللبناني الدور الأكبر في حرب إيران بالوكالة ضد إسرائيل. ولا تنكر إيران دعمها لحزب الله.
تدعم إيران أيضًا حركة حماس في قطاع غزة. شنّت الحركة الفلسطينية هجماتها على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وتُطلق الصواريخ من قطاع غزة على الأراضي الإسرائيلية منذ عقود.
وتعتقد إسرائيل والدول الغربية أن إيران تقوم بتدريب وتجهيز مقاتلي حماس.
يُنظر إلى الحوثيين في اليمن على نطاق واسع على أنهم وكلاء إيران. وتزعم المملكة العربية السعودية أن الحوثيين يطلقون صواريخ إيرانية الصنع على أراضيها.
هناك مجموعات قوية جدًا في العراق وسوريا تدعمها إيران، التي بدورها تدعم الحكومة السورية.
ويقال أيضًا أن إيران تستخدم الأراضي السورية لشن هجمات على إسرائيل.
