استغلال الأرض لإصدار صكوك سيادية.. كيف سيؤثر ذلك القرار على الاستثمار؟

قرر الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس نقل ملكية قطعة أرض مملوكة للدولة بمساحة 174 مليون متر مربع في محافظة البحر الأحمر إلى وزارة المالية. ووفقًا لتقرير في الجريدة الرسمية، ستُستخدم هذه الأرض لخفض الدين العام للبلاد من خلال إصدار سندات حكومية. ووفقًا للخريطة المرفقة بالقرار، تقع الأرض في منطقة رأس شقير.
يرى الخبراء الذين قابلتهم الشروق أن القرار يحمل دلالات إيجابية، وسيجذب الاستثمارات. ويختلف عن مشروع رأس الحكمة، إذ إن إصدار صكوك بأصل أساسي يعني مشاركة حاملها في الأرباح والخسائر، دون أن يحق له بيع الأصل الأساسي.
قال مدحت نافع، الخبير الاقتصادي وعضو اللجنة الاستشارية للاقتصاد الكلي بمجلس الوزراء، إن التفسير الأولي لقرار تخصيص قطعة أرض لوزارة المالية لاستخدامها في خفض الدين العام عبر إصدار صكوك، إيجابي. وأضاف أنه لا ينظر إلى القرار من منظور التشكيك السائد مؤخرًا.
وأوضح أن لوزارة المالية الحق في التصرف في أصول الدولة كملكية خاصة، ولها، على سبيل المثال، امتلاك أسهم في شركات مملوكة للدولة. علاوة على ذلك، فإن وزير المالية هو صاحب القرار في المجموعة الاقتصادية، ويمكنه بسهولة تقديم منتجات مالية لها.
وأضاف أن المنتج المالي المذكور في القرار يَعِد باستخدام الأصل دون التصرّف فيه أو بيعه أو إهلاكه. كما تتميز أنواع الصكوك المختلفة بكونها تُورِّق عوائد استخدام الأصل واستثماره، وبخلاف السندات، لا تمنح المكتتب أي حقوق ملكية عليه.
وأكد نافع أن تخصيص الأراضي لوزارة المالية لتخفيف أعباء الديون في إطار اتفاقنا مع صندوق النقد الدولي كان مفهوما، حيث أن أعباء الديون تتزايد وتؤثر بشكل كبير على المرونة المالية للموازنة.
وأشار إلى أن اقتصار خيارات الاستغلال على إصدار السندات أمرٌ “مطمئن” بالنظر إلى المخاوف المتعلقة ببيع الأراضي أو التصرف فيها، إذ إن السندات، من الناحية الفلسفية والقانونية والتنظيمية، لا تمنح حامليها ملكية العقار ولا تُخولهم أي حقوق سوى حقوق المشروع. كما أنها لا تُثقل كاهل الدولة بالديون، بل تُمثل التزامًا تجاه المشروع المُموّل بالسندات.
وأكد أن هذا ليس دفاعًا عن الصكوك، ولا تأكيدًا على خلوها من المخاطر، كما هو الحال مع أي منتج مالي. المقارنة، في سياق دراسة البدائل الأقل عبئًا على الميزانية والأقل احتمالًا لتدهور الاستثمار، “تطمئنني بشأن هذا النموذج، على عكس من يدعون إلى إضافة كلمة “استثمار” إلى كل جملة لنفي نية البيع”.
في فبراير 2023، أصدرت وزارة الخزانة سندات حكومية بقيمة 1.5 مليار دولار لأول مرة في تاريخها. ووفقًا لوزارة الخزانة، تجاوز الاكتتاب في الطرح المعروض بنحو 6.1 مليار دولار آنذاك، مع تغطية تجاوزت أربعة أضعاف.
أوضح مصطفى شفيع، رئيس قسم الأبحاث في “العربية أونلاين”، أن القرار الرئاسي بتخصيص أرض لوزارة المالية يُشبه صفقة رأس الحكمة، ولكن بضمان أكبر. ويعود ذلك إلى أنها تتضمن إصدار صكوك، والتي تختلف عن السندات التقليدية من حيث أن حامل الصكوك يُشارك في الأرباح والخسائر، ولا يحتفظ بملكية الأصل محل الصكوك.
وأضاف شفيع لـ”الشروق” أن المناقشات حول الأرض المخصصة، وما تردد عن ارتباطها بأرض رأس شقير، إيجابية، فهي موقع جاذب للمستثمرين، إذ أُقيمت فيها مؤخرًا عدة مشاريع للطاقة الخضراء والتصنيع. ويرى أنها فكرة استثمارية جيدة تُسهم في خفض الدين العام.
في فبراير من العام الماضي، وقّعت الحكومة المصرية اتفاقية مع شركة رأس الحكمة للاستثمار، وهي شركة قابضة إماراتية مقرها أبوظبي، لضخ استثمارات أجنبية مباشرة من الإمارات إلى مصر بقيمة 35 مليار دولار. وتشمل هذه الاتفاقية التنازل عن ودائع إماراتية لدى البنك المركزي بقيمة 11 مليار دولار.
ومن المتوقع أن يصل إجمالي الاستثمار التراكمي في المشروع إلى حوالي 110 مليار دولار بحلول عام 2045.