بأسلاك مكهربة.. فلسطيني بالضفة يحصن منزله ضد المستوطنين الإسرائيليين

الفلسطيني عبد اللطيف أبو عليا: كل اعتداء للمستوطنين يكاد يبيد عائلتي، ولم أجد حلاً سوى الأسلاك الشائكة الكهربائية. أطفالي لا يعرفون الخوف، فهم يمتلكون المنزل، لكن الخطر يحيط بهم دائمًا. يحاول المستوطنون إخراجي وعدد من السكان الآخرين من الموقع، لكنني أصر على البقاء.
حوّل الفلسطيني عبد اللطيف أبو عليا (54 عاماً)، منزل عائلته في بلدة المغير شرقي رام الله وسط الضفة الغربية، إلى سجن لحمايته من اعتداءات وجرائم المستوطنين الإسرائيليين.
وأحاط أبو عليا منزله بالأسلاك الشائكة ووصله بتيار كهربائي، لأنه لم يجد أي حل آخر لحماية عائلته من “اعتداءات المستوطنين المتطرفين”.
وتعرض منزل أبو عليا الواقع على الأطراف الشرقية للمدينة لعشرات الاعتداءات من قبل المستوطنين.
وفي العام الماضي، قُتل شاب داخل منزله بنيران المستوطنين وأُحرقت مركباته، مما دفعه إلى البحث عن طريقة لحماية منزله وعائلته.
وقال أبو عليا لوكالة الأناضول: “في كل مرة يهاجم فيها المستوطنون، تُباد عائلتي تقريبا”.
وأضاف: “هذا السلك الشائك باهظ الثمن، إذ كلف حوالي 3000 دولار. كنت أخطط لاستخدام المال لبناء حديقة لأطفالي، لكن السلامة تأتي أولاً”.
وبينما كان أطفاله يلعبون في ساحة المنزل، تابع: “أطفالي لا يهابون شيئًا. إنهم أصحاب المنزل، لكن الخطر يحيط بهم باستمرار، والمستوطنون على بُعد أمتار قليلة من المنزل”.
وأشار إلى راعي أبقار في سهل بالقرب من منزله، وأضاف: “هذا مستوطن تتجول أبقاره في كل مكان، تأكل وتدمر كل شيء، وهو يسيطر على الأرض بأكملها”.
جرائم المستوطنين
وقال أبو عليا إنه لم يُسمح له بالاقتراب من محيط منزله باتجاه بستان الزيتون، وسيتم إطلاق النار على أي شخص يقترب من الحقول.
وأشار إلى أن المستوطنين أرادوا طرده وعدد من سكان الموقع، قائلا إن “أي فلسطيني غير مرحب به في هذه الأرض”.
وأكد أنه أصر على البقاء في منزله، مسلحاً بإيمانه والحجارة التي استخدمها لحماية نفسه وعائلته في حال تعرضه لهجوم.
وأشار أبو علياء إلى أكوام الحجارة على سطح منزله وقال: “هذا سلاحنا الوحيد”.
وأشار إلى جدران منزله وقال: “هذه آثار رصاص المستوطنين”.
قال إنه بعد أن أحاط منزله بالأسلاك الشائكة، استجوبه الجيش الإسرائيلي وصوّر الأسلاك. وعندما سُئل عن اللافتات التي تُحذر من “خطوط الكهرباء”، أجاب: “أضعها لحماية منزلي من الكلاب الضالة والخنازير البرية وهجمات المستوطنين”.
وعن احتمال تعرضه للملاحقة من قبل السلطات الإسرائيلية، قال: “الاحتلال لا يريد وجود فلسطينيين هنا. إما أن يسمحوا لي أو لا يسمحوا لي، ليس لدي خيار”.
المدينة على الخط الأمامي.
وإلى جانب منزل أبو عليا، هناك عدة منازل أخرى محاطة بالأسلاك الشائكة، بحسب رئيس بلدية المغير أمين أبو عليا.
وقال أبو عليا: “إن بلدة المغير تقع في خط المواجهة، وهي عرضة للهجمات الإرهابية التي تنفذها عصابات المستوطنين”.
وأضاف لوكالة الأناضول: “لم نعد نحصي عدد الهجمات، نتوقع هجومًا من المستوطنين كل يوم وكل ليلة”.
وأضاف أنه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أقيمت ستة مواقع لتجمعات الماشية في محيط المدينة، ما أدى إلى تكثيف الحصار.
وأشار إلى أن السلطات الإسرائيلية أغلقت جميع الطرق المؤدية إلى المدينة ولم تترك إلا طريقا واحدا مفتوحا أقامت بجواره بؤرة استيطانية.
وبحسب أبو عليا، فقدت المدينة معظم أراضيها بسبب الاستيطان. كانت مساحتها تبلغ 43 ألف دونم (الدونم الواحد يساوي ألف متر مربع)، ولم يبق منها اليوم سوى 980 دونمًا.
المستوطنون يشنون هجمات منظمة.
وأشار أبو عليا إلى أن مجموعات المستوطنين مدربة ومعظمهم جنود في جيش الاحتلال الإسرائيلي، وهم مسلحون وينفذون هجمات منظمة ومخطط لها.
وأضاف أن “سكان أطراف المدينة اضطروا إلى إحاطة منازلهم بالأسلاك الشائكة وتحويلها إلى سجون لحماية عائلاتهم”.
وأضاف: “تخيلوا بناء سجن لأنفسكم ولعائلاتكم. بدلًا من الاستيقاظ واللعب في بيئة ممتعة وحديقة، يلعب هؤلاء الأطفال في سجن حقيقي”.
وبحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، نفذ المستوطنون 415 اعتداءً في الضفة الغربية خلال مايو/أيار الماضي.
وبحسب البيان فإن الاعتداءات تراوحت بين “الاعتداءات المسلحة على القرى الفلسطينية، وخلق وقائع على الأرض، وإعدامات ميدانية، وتخريب وتجريف الأراضي، واقتلاع الأشجار، ومصادرة الممتلكات، وتنفيذ عمليات الإغلاق وإقامة الحواجز التي تخترق الجغرافيا الفلسطينية”.
بالتوازي مع الحرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، كثّف جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون هجماتهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. ووفقًا لمصادر فلسطينية، قُتل ما لا يقل عن 973 فلسطينيًا، وجُرح نحو 7000، واعتُقل أكثر من 17000.
بدعم أمريكي كامل، ترتكب إسرائيل إبادة جماعية في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. قُتل وجُرح أكثر من 179 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، وفُقد أكثر من 11 ألفًا. إضافةً إلى ذلك، شُرّد مئات الآلاف.