هل يتردد ماكرون في الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟

– التحرير: الرئيس الفرنسي يتردد في الاعتراف بالدولة الفلسطينية. لوموند: إيمانويل ماكرون في متاهة الاعتراف بدولة فلسطين
بعد أقل من شهرين من إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن باريس ستعترف رسميا بالدولة الفلسطينية في يونيو/حزيران المقبل، أثارت تعليقات وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو تكهنات في الصحافة الفرنسية بأن ماكرون قد يتراجع عن وعوده.
تحت عنوان “ماكرون يتردد في الاعتراف بدولة فلسطينية”، ذكرت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية أن فرنسا، بعد أن أعلنت بوضوح عن نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال المؤتمر مع المملكة العربية السعودية المقرر عقده في نيويورك من 17 إلى 20 يونيو/حزيران، أصبح موقفها الآن غامضا ووضعت شروطا، بما في ذلك أن يتم تنفيذ الاعتراف بشكل مشترك مع دول أخرى.
ذكرت الصحيفة الفرنسية: “قبل أقل من أسبوع، بدا الاعتراف الفرنسي بدولة فلسطينية أمرًا محسومًا. في الواقع، كان الموعد والمكان محددين مسبقًا: 18 يونيو/حزيران في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، خلال مؤتمر نظمته باريس بالتعاون مع الرياض”.
وأشارت صحيفة “ليبراسيون” إلى أن ماكرون نفسه أشار إلى هذا بوضوح في مقابلة مع قناة “فرانس 5” في التاسع من أبريل/نيسان. وتم تسجيل المقابلة على متن طائرته عائدا من زيارة إلى القاهرة، حيث كانت قضية غزة موضوعا رئيسيا.
وقال: “علينا أن نتحرك نحو الاعتراف، وسنفعل ذلك خلال الأشهر المقبلة. هدفنا هو المشاركة في رئاسة هذا المؤتمر مع المملكة العربية السعودية في وقت ما من يونيو/حزيران، حيث يمكننا استكمال خطوة الاعتراف”.
وأوضحت الصحيفة الفرنسية أن تصريح وزير الخارجية الفرنسي: “لن نتخذ خطوة الاعتراف من جانب واحد، بل سنحاول الحصول على دعم دول أخرى، وخاصة الدول العربية والسلطة الفلسطينية”، يعكس ضعفا في الموقف الفرنسي.
وقال بارو: “نحن عازمون على المضي قدمًا، ولكن ليس بمفردنا. وبصفتنا عضوًا دائمًا في مجلس الأمن، فإننا نتحمل مسؤولية خاصة”.
صرح بارو بأن بلاده تسعى إلى اعتراف جماعي بدولة فلسطين حتى يكون لهذه الخطوة أثر سياسي حقيقي، لا مجرد بيان رمزي. وأضاف: “لو كنا نسعى إلى خطوة رمزية، لقمنا بها. لكننا نريد تغيير الواقع وجعل وجود الدولة الفلسطينية ممكنًا”.
نشرت صحيفة لوموند الفرنسية عنوانًا رئيسيًا بعنوان “إيمانويل ماكرون في متاهة الاعتراف بدولة فلسطين”، زاعمةً أن الرئيس الفرنسي كان قد ألمح إلى نيته اتخاذ هذه الخطوة قبل شهرين في مؤتمر عُقد في نيويورك منتصف يونيو/حزيران. لكن مع اقتراب الموعد النهائي واستمرار إسرائيل والولايات المتحدة في معارضة المشروع، لا يزال ماكرون غامضًا بشأن نواياه الحقيقية.
وأضافت الصحيفة الفرنسية أن المبعوثين الفرنسيين وصلا سرا إلى إسرائيل بين يومي الاثنين والثلاثاء 3 يونيو/حزيران، مشيرة إلى أن آن كلير ليجاندر، مستشارة الرئيس إيمانويل ماكرون لشؤون شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وروماريك رونيان، مدير الشؤون نفسها في وزارة الخارجية، كُلفا بتهدئة العلاقات مع حكومة بنيامين نتنياهو.
وبحسب الصحيفة الفرنسية، فإن “رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي أغضبه انتقاد ماكرون للحرب الدائرة في قطاع غزة، يشعر بغضب شديد أيضاً من نية الرئيس الفرنسي الاعتراف بدولة فلسطين خلال مؤتمر من المقرر عقده في 18 يونيو/حزيران في مقر الأمم المتحدة بنيويورك. ويُنظر إلى هذه الخطوة في إسرائيل على أنها مكافأة لحماس، الحركة المسؤولة عن مجزرة 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023”.
في هذه الأثناء، أعلن عوفر برونشتاين، المستشار البارز للرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، تفاصيل المؤتمر التحضيري الذي سيفتتح الأسبوع المقبل في باريس بشأن الاعتراف الأوروبي بالدولة الفلسطينية.
حتى يومنا هذا، منذ عام ١٩٩٣، قلنا للإسرائيليين والفلسطينيين: تفاوضوا، وابحثوا عن حلول مؤقتة، وفي النهاية، ستظهر دولة فلسطينية. لمدة ثلاثين عامًا، لم يحدث شيء. نقول: دعونا نفعل العكس، هكذا قال برونشتاين في مقابلة مع موقع والا الإسرائيلي.
وأضاف، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية “معاً”، “نقول الآن إن هناك دولتين معترف بهما من قبل أكثر من 150 دولة في العالم. سنعترف بكلتيهما. الدول العربية ستعترف بإسرائيل، ونحن الدول الأوروبية سنعترف بالدولة الفلسطينية”.
وتابع: “الهدف هنا مختلف تمامًا. نريد أن يكون لنا ثقل سياسي هنا، وليس مجرد إصدار بيان مهذب في باريس. ثقل سياسي بمعنى أن فرنسا انضمت، وهي تنضم بالفعل، إلى المبادرة إلى جانب العديد من الدول البارزة الأخرى في أوروبا ودول مجموعة السبع الشريكة”.
وبحسب قوله، نأمل أن تنضم الولايات المتحدة إلى المبادرة، وإن لم تفعل، فعلى الأقل ألا تمارس ضغوطًا لعرقلتها. لم يحدث هذا حتى الآن، وهذه علامة جيدة.
وبحسب مصادر غربية، فإن بريطانيا وفرنسا وكندا وضعت قائمة شروط يجب على منظمة التحرير الفلسطينية وحماس الوفاء بها كشرط أساسي للاعتراف بمسار الدولة الفلسطينية.
وقالت مصادر مطلعة على الاتصالات الجارية بين هذه الدول والسلطة الفلسطينية في رام الله إن المؤتمر سيعلن عن مسار يفضي إلى الاعتراف بدولة فلسطين ضمن حدود عام 1967. ويتضمن هذا المسار شروطاً لكل من السلطة الفلسطينية وحماس في قطاع غزة.
وفي سياق متصل، قال دبلوماسيون غربيون لصحيفة الغارديان البريطانية إن المؤتمر الدولي المقرر عقده في وقت لاحق من الشهر الجاري في مقر الأمم المتحدة في نيويورك اضطر إلى تغيير أهدافه.
كان الهدف الأصلي من المؤتمر حثّ الحكومات الغربية على الاعتراف بدولة فلسطينية. وأوضح الدبلوماسيون أنهم لن يعترفوا بدولة فلسطينية مستقبلاً، بل سيتخذون خطواتٍ لدفع هذه العملية قدماً.
وقال المنظمون إن المؤتمر كان من المفترض أن يكون منصة لإعلان مشترك للاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل العديد من الدول، بما في ذلك الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مثل فرنسا وبريطانيا.
من المقرر عقد المؤتمر في الفترة من 17 إلى 20 يونيو/حزيران بمبادرة من فرنسا والمملكة العربية السعودية. وتمثل أهداف المؤتمر المُعدّلة انحرافًا عن الرؤية الأصلية.