تعديل المعيار الشرعي الخاص بالصكوك الإسلامية.. كيف تستفيد مصر؟

بقلم: أماني عاصم
يرى خبراء تحدثوا إلى ايجي برس أن مقترح هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (AAOIFI) بتعديل المعيار الشرعي رقم 62 يُعد خطوة مهمة نحو تنظيم السوق والحد من تنوع آليات إصدار الصكوك. إلا أن التحدي الأكبر يكمن في ارتفاع تكاليف إصدار الصكوك.
وأثارت هذه التغييرات مخاوف في قطاع التمويل الإسلامي، حيث يخشى المشاركون في السوق من أنها قد تؤدي إلى زعزعة استقرار سوق الصكوك، وهو مصدر رئيسي للتمويل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخارجها، حسبما ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز.
وتوقعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أن يتجاوز إجمالي حجم سوق الصكوك العالمية تريليون دولار بحلول عام 2025، مدفوعاً بزيادة الإصدارات من دول الخليج وآسيا.
تنظيم السوق
صرح محمد البلتاجي، رئيس الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي، لموقع ايجي برس، بأن المعيار الشرعي الجديد للصكوك يُعد خطوة مهمة نحو تنظيم السوق وتقليل الاختلافات في آليات إصدار الصكوك. وأوضح أن العمل على هذا الأمر تم من قِبل المجلس الشرعي.
وأضاف البلتاجي أن المعيار صيغ بشكل “ممتاز إلى حد كبير” وما زال قيد المناقشة مع الجهات المعنية مثل البنوك الإسلامية والمؤسسات المالية والهيئات الشرعية، بهدف تلقي أي ملاحظات أو إضافات يمكن أن تسهم في تطويره قبل اعتماده النهائي.
وأوضح أن صدور المعيار الشرعي رقم 62 سيعقبه صدور معيار محاسبي تكميلي، وهو ما سيشكل إضافة كبيرة لسوق المصارف والائتمان في مصر.
وأكد أنه لا اعتراض على هذا المعيار، بل هو ثمرة دراسة مدروسة وواقعية أجراها محامون متخصصون، ويهدف إلى توضيح الجوانب القانونية لجميع إجراءات إصدار الصكوك، وتهدئة النزاعات القانونية والتنظيمية التي تشهدها الأسواق العالمية حاليًا.
ملكية الأصول
وفيما يتعلق بمسألة نقل ملكية الأصول إلى حاملي الصكوك، أوضح البلتاجي أن بعض أنواع الصكوك، وخاصة الصكوك المبنية على الأصول، تتطلب نقل ملكية تلك الأصول إلى المستثمر عند استحقاقها.
برر تصريحه قائلاً: “هذا ينطبق على الشركات فقط. وهناك استثناء واضح للجهات الحكومية، إذ تُصدر الصكوك بناءً على قيمة الأصل فقط (مثل الإيرادات الناتجة عنه)، دون نقل ملكية الأصل نفسه. وهذا يتوافق مع أحكام القضاء التي تحظر بيع الأصول الحكومية لأطراف ثالثة”.
وأشار إلى أن نقل الملكية سيكون حصريًا لصالح الشركة المُصدرة للصكوك. وأوضح أنه في حال إصدار شركة صكوك بقيمة مليار جنيه مصري مثلاً، تُسجل ملكية الأصل باسم شركة الصكوك، وليس باسم كل مساهم، إذ تتوزع الملكية بين آلاف المستثمرين.
وأكد البلتاجي أن هذا المعيار يمثل خطوة تنظيمية مهمة ويخلق بيئة قانونية أكثر وضوحاً واستقراراً لسوق الصكوك، مما يساعد على جذب المزيد من الاستثمارات الإسلامية وزيادة شفافية السوق المصرفية في مصر.
زيادة التكاليف على مُصدري الصكوك
اتفق أحمد شوقي، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع والإحصاء، مع الرأي السابق بأن المعيار الشرعي رقم 62 المقترح يمثل خطوة إيجابية نحو توحيد محاسبة الصكوك، وخاصةً للمؤسسات الحكومية والشركات. إلا أن التحدي الرئيسي يكمن في ارتفاع تكاليف الإصدار.
أوضح شوقي أن الصكوك، بطبيعتها، مبنية على أصول حقيقية. ومع ذلك، اتسمت في الماضي باختلافات في التعامل. فبينما تنظر إليها بعض المؤسسات والدول على أنها علاقات تعاقدية، يتعامل معها آخرون على أنها مبنية على أصول حقيقية، مما يؤدي إلى تباينات محاسبية في السوق.
وبرر تصريحه بقوله: “عندما صدر المعيار الشرعي رقم 62 كان يهدف إلى توحيد المحاسبة بحيث لا ينظر إلى الصكوك على أنها عقود من قبل البعض وأصول من قبل آخرين، لأن هذا من شأنه أن يسبب مشاكل كبيرة في السوق”.
وأشار إلى وجود أنواع مختلفة من الصكوك، مثل المرابحة، والمضاربة، والمشاركة، والإجارة، وغيرها. وأشار إلى أن معظم هذه الصكوك مبنية على الأصول، إلا أن بعضها، مثل الإجارة، مبني على علاقات تعاقدية، أي أن المستثمر يستفيد من الأصل دون تملكه. لذا، تختلف المعالجة المحاسبية من مؤسسة لأخرى.
أكد شوقي أن أحد أهداف المعيار الجديد هو توحيد هذه المعالجة، بحيث تُدرج الصكوك ضمن “الأصول” في الميزانية العمومية، بدلاً من “الخصوم” كما هو معمول به حاليًا. وهذا من شأنه أن يُعامل الصكوك محاسبيًا كالسندات، ويتحمل المستثمرون – حاملو الصكوك – المخاطر حتى سداد الصكوك.
وفيما يتعلق بالصكوك الصادرة قبل صدور هذا المعيار، أفاد شوقي بأنها ستظل خاضعة للمعايير القديمة لارتباطها بعقود قانونية سابقة لا يمكن تعديلها.
فيما يتعلق بنقل ملكية الأصول إلى حملة الصكوك، اختلف مع الرأي السابق. وأوضح شوقي أنه كان من المفترض أن يمتلك حملة الصكوك حصة شائعة من الأصول. وأضاف شوقي أن المعيار الجديد سيُطبق على جميع الجهات الحكومية والشركات لضمان اتساق المعاملة.
وأشار شوقي إلى أن المشكلة الرئيسية تتمثل في ارتفاع التكاليف المرتبطة بالتوثيق القانوني ونقل الأصول، حيث يتطلب إصدار الصكوك إنشاء شركة ذات غرض خاص يتم نقل ملكية الأصول إليها، وبالتالي تكون بمثابة واجهة لحاملي الصكوك بشأن ملكيتهم للأصول.
وتوقع أن يتطلب تطبيق المعيار الجديد فترة انتقالية تصل إلى ثلاث سنوات لتمكين المؤسسات من التكيف مع ظروفها. وأكد أن هذا يعكس مرونة المعيار وقدرته على استيعاب الاختلافات في التطبيق.
اقرأ أيضاً:
زيادة 40%.. هل يؤثر ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي على التضخم؟
هل تنجح الحكومة في جذب المستثمرين بإصدار صكوك محلية للمرة الأولى؟
ارتفعت أسعار الأضاحي بنسبة تزيد عن 200% خلال السنوات الثماني الماضية.