رسالة وداع تبكي القلوب.. خالد جلال يرثي سميحة أيوب: صعب أصدق إن البطلة مش هاتظهر مرة تانية

نشر المخرج خالد جلال، رئيس قطاع الإنتاج الثقافي بوزارة الثقافة، رسالة طويلة ومؤثرة عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” في ذكرى الفنانة الراحلة سميحة أيوب، بعنوان “إذن أم كلثوم ماتت؟”.
في رسالته، كتب: “أمي الحبيبة، مع خالص التحيات والسلام. لأول مرة، لا أجد الكلمات المناسبة للتعبير عن مدى الخسارة التي شعرت بها اليوم. ربما لأنه، بعد كل الوقت الذي قضيناه معكِ، يصعب عليّ تصديق أن البطلة لن تظهر مجددًا، وربما لأن الحياة الحقيقية ليست فيلمًا نشاهده كل يوم، حيث تظهر البطلة في نفس اللحظة ونستمتع بإبداعها”.
تابع: “آخر مرة مثّلتَ فيها كانت أول أمس في يوم الشرطة. كنتَ متعبًا قبل ذلك، لكنك أصررتَ على الحضور ووافقتَ. كنتَ كالقمر المكتمل على الشاشة وعلى المسرح، وجه الحصاد. ناداك الرئيس واتصلتَ به، فصعد إلى المسرح، وسلّم عليكَ، وقبّل جبينكَ.”
قال: “قبل تسع سنوات، كنا في المغرب، وسمعتك تتحدثين مع الراحلة العظيمة ثريا جبران. قلتُ لك إنه يجب علينا الحفاظ على هذا التراث، فهو إرثٌ لنا. فقلتَ: لنفعل ذلك، وهكذا أنتجنا عام ٢٠١٦ فيلم “سميحة أيوب تحكي لخالد جلال”. كان شرفًا عظيمًا لي، وما زلتُ فخورًا حتى اليوم بأنكِ رويتي لي قصصًا، وأن الناس استمعوا إلى قصصكِ”.
وأضاف: “في كل رحلة وفي كل مكان، كنتَ حاضرًا. كان وجودك سندًا وحمايةً وعزاءً وحنانًا ومحبةً ولطفًا وقوة. كل كلمة قلتها كانت تجربةً مدى الحياة ودرسًا عميقًا، حتى وإن كنتَ تمزح”.
أكمل خالد جلال رسالته: “عندما رأيتني لأول مرة عام ١٩٩٦، فكرت فيك وأنا في روما مع الراحل الكبير سعد الدين وهبة. عدتَ من ألمانيا وزرتنا في الأكاديمية المصرية بروما. حضرتَ بروفة المسرح وسمعتني أُودع. قلتَ إننا سنلتقي بك عند عودتك إلى مصر، وأن عليك العودة سريعًا. عندما طلبتُ منك أن تروي قصة فرقة “بعد الليل” في حفل تخرجهم، رويتَها، وكان احتفالهم بجمال صوتك لا يُضاهى”.
وأضاف: “عندما طلبت منك الظهور على الشاشة في افتتاح مهرجان المسرح العربي بالقاهرة، وقلت للضيوف من كل أنحاء الوطن العربي: أهلاً بكم في مصر مهد المسرح العربي، ما هذا يا أمي؟ هرم ناطق؟”
وتابع: “هل تذكرين عندما وصفكِ الرئيس حافظ الأسد بـ”سيدة المسرح العربي”؟ هل تتذكرين قول الرئيس أنور السادات للرئيس جيسكار ديستان: “مدام سميحة توجور كاملة”؟ هل تتذكرين دعمكِ للسيدة أمينة رزق في فرنسا عندما قدمتِ “فيدرا”؟ هل تتذكرين عندما كنتِ في بداية حرب أكتوبر تُديرين المسرح الحديث، وقدم الفنان محمد نوح وفرقته كاملةً “مدد مدد، كعدك يا بلد”؟ هل تتذكرين التمثال الذي صنعه لكِ عصام درويش؟ كم كنتِ سعيدةً به؟” اختتم رسالته بالكلمات التالية: “أمي العزيزة، كلماتي مُشتتة، أليس كذلك؟ أنا آسف، لكن لديكِ آلاف القصص لتحكيها، وليس من السهل تلخيصها هنا في كلمتين. في لحظات وداع كهذه، كنتُ أكتب دائمًا بالفصحى وأقول: “الحزن عميق”، ولأول مرة، اكتشفتُ أنني أستطيع أن أكون أكثر حزنًا من تلك الجملة. كنتُ أقول دائمًا للفقيد: “ادعوا لنا”، لكن لكِ أقول: اطمئني، سأستمر في الدعاء لكِ ليلًا ونهارًا، لا تخافي. ففي النهاية، شخص مثلكِ سيبقى حيًا في قلوبنا وأرواحنا، يحيط بنا باستمرار. في النهاية، يا حبيبتي سوسو الجميلة، لماذا أحزن؟” يعني أم كلثوم ماتت؟ هي أصلًا ما عايشة… تصبح على خير… بحبك… ابنك خالد جلال.
توفيت الفنانة سميحة أيوم، أمس الثلاثاء، عن عمر ناهز 93 عامًا، بعد مسيرة فنية طويلة، شملت السينما والإذاعة والتلفزيون. كرّست جلّ اهتمامها وشغفها للمسرح، فلقبت بـ”سيدة المسرح العربي”.