العيد صرخة.. عيد الأضحى يحل على غزة تحت وطأة إبادة إسرائيلية لم تترك أية مظاهر للفرح

عادل شامية، نازح: نعيش أسوأ وضع مررنا به. الطعام والماء شحيحان. الأطفال يتضورون جوعًا، ولا نجد طعامًا ولا قرابين. النازحة عائشة أبو صلاح تعيش في خيمة متهالكة: الوضع الاقتصادي سيئ.. لا أضاحي ولا احتفالات بالعيد.
لا تقام احتفالات عيد الأضحى المبارك، الذي يصادف يوم الجمعة السادس من يونيو/حزيران، إلى حد كبير في قطاع غزة. تحولت شوارع المدن المدمرة إلى مخيمات للنازحين، والقمامة تتراكم في الزوايا، وخلف الوجوه الجائعة والمرهقة لا يوجد أي فرح.
ويحدث كل هذا تحت وطأة حرب إبادة تشنها إسرائيل منذ عشرين شهراً، بدعم أميركي، ضد نحو 2.4 مليون فلسطيني في قطاع غزة المحاصر.
يحتفل الفلسطينيون بعيد الأضحى من دون ملابس جديدة، ومن دون أضاحي يجب ذبحها، ومن دون فرحة الأطفال وهم يتجولون في الأسواق.
هُجِّرت معظم العائلات بعد أن هدمت قوات الاحتلال منازلها. وهم الآن يعيشون في خيام متداعية لا تحميهم من حر الصيف ولا برد الشتاء، ولا تحفظ لهم أي خصوصية أو كرامة.
ومن خلال تجويع الفلسطينيين عمداً وبالتالي تمهيد الطريق لنزوحهم القسري، دفعت إسرائيل، وفقاً للأمم المتحدة، الفلسطينيين إلى المجاعة من خلال إغلاق المعابر أمام المساعدات الإنسانية، وخاصة الغذاء.
وقال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري، لوكالة أنباء الأناضول، إن إسرائيل أدخلت غزة في “أخطر مرحلة من المجاعة”.
وحذر من أن عواقب الجوع ستستمر لأجيال، وأكد أن ما يحدث في قطاع غزة هو “إبادة جماعية وجوع وجريمة ضد الإنسانية وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان”.
– أنقاض المنازل
وفي شوارع غزة المدمرة، اختفت زينة عيد الميلاد وحل محلها أنقاض المنازل وبقايا الصواريخ الإسرائيلية.
في حين كان الناس يزينون مداخل أحيائهم ومنازلهم ويكتبون تهنئة العيد على الجدران، تحولت اليوم الجدران إلى ركام واختفت معها علامات الفرح.
قبل الحرب، كانت الأضاحي منتشرة في الشوارع، وكان فرح العيد في الأجواء، وكانت الأسواق تعج بالمتسوقين الذين يشترون الملابس والهدايا.
ولكن هذه الظواهر تلاشت اليوم تحت وطأة انهيار اقتصادي واجتماعي غير مسبوق، وبات قطاع غزة غارقاً في الحصار والدمار وسفك الدماء.
حوّلت إسرائيل غزة إلى أكبر سجن في العالم، وتحاصرها منذ ثمانية عشر عامًا. أجبرت حرب الإبادة ما يقرب من مليوني نسمة على الفرار من منازلهم في ظروف مروعة، حيث أصبح الغذاء والماء والدواء شحيحًا بشكل متعمد.
– ما الفرح؟
نهاد أبو عمشة، سيدة فلسطينية تعيل سبعة أشخاص، قالت للأناضول إنها طُردت من منزلها في مخيم جباليا (شمال) عدة مرات، ولم تتمكن حتى من إيجاد حذاء لطفلها قبل العيد.
“العيد فرحة، ولكن أي فرحة؟ لقد سلب الحرب فرحة الأطفال”، أضافت أبو عمشة التي تعيش في خيمة مع أطفالها.
وتابعت: “طفلي يقول طوال اليوم إنه جائع، ولا يستطيع الوقوف، ويشعر بالدوار”.
وأضافت: “لا فرح في غزة. في كل بيت شهيد أو جريح، وآخرون يعانون من الجوع والألم والمعاناة. بعضهم فقدوا أطفالهم، وآخرون دُمّرت منازلهم”.
وأضافت: “هذا العيد صرخةٌ وكارثة. نحن شعبٌ مُكروب. لا عيدَ ولا فرح، لا ماءَ ولا طعام. هناك أناسٌ يتسولون الخبز”.
وأضافت: “لم أقم بتحضير وجبات بسيطة منذ سبعة أشهر، وفي العيد لا يوجد حلويات ولا ملابس ولا لحوم كما في السابق”.
وأوضحت أنها تعيش في خيمة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة وتعاني من القصف المدفعي وإطلاق النار والكلاب الضالة والجوع: “لا نعرف كيف سننام هناك”.
الجوع يقتل الأطفال
“نحن في أسوأ وضع مررت به في حياتي. هناك نقص في الغذاء والماء”، هذا ما قاله الفلسطيني عادل شامية، البالغ من العمر 79 عامًا.
وأضافت شامية، وهي نازحة من بيت حانون (شمال القطاع): “الأطفال يموتون من الجوع. هذا أسوأ عيد عشناه خلال الحرب”.
منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ووفقاً لأحدث الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة، توفي 60 طفلاً فلسطينياً نتيجة سوء التغذية الناجم عن الحصار الإسرائيلي المستمر.
وتابعت شامية: “أجواء العيد كئيبة. قبل الحرب كنا نسعد الأطفال، أما اليوم فلا فرحة”.
وتابع: “لا نجد طعامًا ولا قرابين. كيلو الدقيق ثمنه 80 شيكلًا (حوالي 23 دولارًا). أي قسم هذا؟”
– الرغبة في العودة
والوضع لا يختلف بالنسبة للنازحة عائشة أبو صلاح (72 عاماً). تعيش في خيمة تفتقر لأبسط مقومات الحياة ووضعها الصحي صعب.
وقالت إن الوضع الاقتصادي سيئ بسبب عدم وجود أضاحي أو احتفالات بالعيد في ظل الإبادة الإسرائيلية.
وأضافت: “كنا نقيم العيدية ونذبح الأضاحي، أما الآن فلا أجد حتى طبق حساء آكله”. وأعربت عن رغبتها في العودة إلى وطنها “حتى لو اضطررت للعيش على أرضه”.
ويأتي عيد الفطر في غزة في وقت يكافح فيه المواطنون يومياً للحصول على الضروريات الأساسية للبقاء على قيد الحياة في ظل القصف المستمر والدمار الواسع وانعدام الدخل ونقص المساعدات الإنسانية.
منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية على غزة، تتضمن القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة كل النداءات والأوامر الدولية من محكمة العدل الدولية لإنهاء هذه الحرب.
وقد خلفت الإبادة الجماعية أكثر من 178 ألف قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 11 ألف شخص في عداد المفقودين. وقد أدى ذلك إلى نزوح مئات الآلاف، وأودى المجاعة بحياة العديد من الأشخاص، بما في ذلك الأطفال.
لقد احتلت إسرائيل فلسطين وأراضي في سوريا ولبنان لعقود من الزمن، وترفض الانسحاب من هذه الأراضي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على طول حدود ما قبل عام 1967.