نازحو غزة يطالبون بتوفير حماية دولية في ظل تصاعد الإبادة الجماعية

أصدرت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، أمراً بإخلاء شامل لمحافظة خانيونس جنوب قطاع غزة، ودعت السكان إلى الإخلاء الفوري إلى منطقة المواصي في الساحل الغربي.
وأدى هذا القرار المفاجئ إلى نزوح غير مسبوق لأكثر من 150 ألف مواطن في ظروف إنسانية كارثية، حيث يفتقرون إلى المياه والكهرباء والضروريات الأساسية.
فهمي عطية الجزار (64 عاماً)، موظف متقاعد من وزارة الصحة، نزح من محافظة رفح إلى خان يونس، يقول لوكالة وفا: “نزحت في البداية إلى منطقة حمد بخان يونس، ولكن عندما صدر أمر الإخلاء، اضطررت إلى النزوح إلى المواصي مع أبنائي وأحفادي. نحن الآن 31 شخصاً نعيش في خيمة واحدة”.
منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية ضد شعبنا في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، نزح ما لا يقل عن 1.9 مليون مواطن -أو نحو 90 في المائة من السكان- في مختلف أنحاء قطاع غزة، بحسب الأمم المتحدة. وقد تم تهجير الكثير منهم مرارا وتكرارا، بعضهم عشر مرات أو أكثر. ومنذ أن أصدرت القوة المحتلة أوامر الإخلاء الأخيرة، اضطر المزيد من المواطنين إلى الفرار إلى قطاع غزة طلباً للحماية هناك.
روى النازح فتحي أبو شاب من بلدة القرارة شمال محافظة خانيونس قصته المريرة: “غادرت منزلي مع زوجتي وأولادي الثلاثة وابنتي الوحيدة، دون أن نأخذ معنا أي شيء… لا ملابس، ولا أثاث، ولا حتى بطانيات. لم يكن لدينا سوى أرواحنا. نمنا في العراء، على الرمال، تحت السماء. كانت ليلة قاسية، باردة، جائعة، ومليئة بالخوف. لم يكن لدينا حتى خيمة حتى تبرع أهل الخير بأغطية بلاستيكية لأغطي عائلتي”.
وأضاف وهو في حالة من التأثر الشديد: “نحن نطلب فقط الحماية من هذا الجحيم، من هذا الاستبداد”، ودعا إلى توفير الحماية الدولية لشعبنا.
وفي بلدة عبسان الجديدة شرق خانيونس، هناك صوت آخر يعكس نفس الألم: صوت إيمان الزير، 35 عاماً، وهي أم لأربعة أطفال. وقالت لوكالة “وفا”: “نزحت من مكان إلى آخر أكثر من 15 مرة، ولم أعد أتحمل الفرار”. في يوم 17 يناير 2024، الساعة الثالثة صباحًا، قُتلت عائلتي بأكملها – والدي، وأمي، وإخوتي، وأختي، وزوجة أخي الحامل – في مذبحة وحشية دمرت منزلنا بالكامل. لم يبق إلا أنا وأطفالي الأربعة: فتاتان (16 و14 سنة) وصبيان (15 و8 سنوات). نحن نعيش الآن في خيمة على أنقاض منزلنا في بلدتنا عبسان لأنني لم أعد أستطيع أن أتحمل النزوح مرة أخرى.
“الماء متوفر ساعتين فقط يوميًا، والمعلبات التي كنت قد خزنتها نفدت. لا كهرباء، ولا طعام، ولا دواء. ننتظر رحمة الله”، تابعت إيمان بصوت مرتجف.
وأضافت: “لقد سلبت هذه الحرب عائلتي وراحتي ودعمي… نناشد أصدقاء فلسطين، وأهل الحق في العالم، وكل ذي ضمير حي، التدخل لوضع حد لهذا الجحيم وتقديم الحماية لنا”.
خلال ما يقرب من عشرين شهراً من الإبادة الجماعية في قطاع غزة، استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي العشرات من الملاجئ، بما في ذلك المدارس والجامعات وأراضي المستشفيات والمناطق “الآمنة” المفترضة. وأدى ذلك إلى مقتل وإصابة الآلاف من المدنيين، معظمهم من الأطفال والنساء. ووصل عدد الملاجئ ومخيمات اللاجئين المتضررة من الاحتلال إلى أكثر من 235.
ويعاني قطاع غزة من أزمة إنسانية وغذائية كارثية، فضلاً عن مجاعة شديدة، منذ أن أغلقت قوات الاحتلال المعابر الحدودية في الثاني من مارس/آذار الماضي، مما منع دخول الغذاء والدواء ومواد الإغاثة والوقود. وفي الوقت نفسه، تصاعدت عمليات الإبادة الجماعية لشعبها، مما أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 177 ألف شخص، معظمهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 11 ألف شخص في عداد المفقودين. وبالإضافة إلى ذلك، كان هناك مئات الآلاف من النازحين.
أصبح نحو 1.5 مليون شخص من أصل 2.4 مليون نسمة من سكان قطاع غزة بلا مأوى بعد تدمير منازلهم في حرب الإبادة.