بين ساحات المحاكم ومتطلبات السياسة.. هل تلتقي المعارضة التونسية؟

منذ 19 ساعات
بين ساحات المحاكم ومتطلبات السياسة.. هل تلتقي المعارضة التونسية؟

** المستشار السياسي لرئيس حركة النهضة والقيادي في جبهة الإنقاذ المعارضة رياض الشايبي: لقد تعرضت حركة النهضة لهجمات كثيرة وأمامنا ثلاثة ثوابت وخيارات: خيار الشرعية وخيار العلنية وخيار السلمية. يتفق جميع الأطراف على أن إنقاذ البلاد لا يمكن أن يتم إلا بالعودة إلى الديمقراطية. ولكن هذا التوافق لم يتطور بعد إلى تنسيق سياسي. ** الناطق باسم “التحالف الحر” أحمد الهمامي الموالي للرئيس قيس سعيد: الديمقراطية هي عبارة عن عمل سياسي مشترك بين عدة أحزاب سياسية. لكننا لا نوافق على أن هناك أحزاباً لم تجتمع قبل ثورة 25 يوليو وتجتمع اليوم. تتحدثون عن القيود المفروضة على النشاط النقابي والسياسي، ولكننا لا نرى أن السلطات اتخذت خطوات لحل حزب سياسي معين، أو حظر نقابة، أو حظر أنشطة جمعية معينة.

يتواصل الجدل في تونس حول لقاءات شخصيات بارزة من المعارضة خلال محاكمة المتهمين بـ”المؤامرة” المزعومة، وحول اللقاءات المتعلقة باعتقال المحامي والقاضي السابق أحمد صواب، المسجون منذ شهر بتهمة “التحريض على العنف”.

تعود قضية “التآمر على أمن الدولة” إلى فبراير/شباط 2023، عندما تم اعتقال “سياسيين” ومحامين ونشطاء في المجتمع المدني ورجال أعمال بتهمة “محاولة الإخلال بالنظام العام وتقويض أمن الدولة”، و”التعاون مع جهات أجنبية”، و”التحريض على الفوضى أو العصيان”.

وهناك أيضا مخاوف متزايدة بشأن حرية العمل الحزبي والنقابي، وهو ما يبرزه معارضو الإجراءات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد منذ 25 يوليو/تموز 2021، وينفيه المؤيدون.

تواصلت الأحكام القضائية ضد قيادات حركة النهضة المعارضة، ما أثار تساؤلات كبرى حول مصير حزب النهضة، أكبر أحزاب تونس.

وتستمر عمليات إغلاق مقرات حركة النهضة، واضطهاد قادتها، وفرض عقوبات صارمة عليهم. وفي عدة قضايا، حكم على زعيمهم راشد الغنوشي (83 عاما) بالسجن لمدة 22 عاما، ووزير العدل السابق نور الدين البحيري بالسجن 43 عاما، ورئيس الوزراء السابق علي العريض بالسجن 34 عاما.

ويقول سعيد إن القضاء في بلاده مستقل ولا يتدخل في عمله. في هذه الأثناء، تتهمه المعارضة باستغلال القضاء لملاحقة معارضيه والذين يرفضون إجراءات الطوارئ التي اتخذها.

** 3 عناوين رئيسية

ويتوقع المراقبون بشكل متزايد أن تتخذ السلطات خطوات أخرى ضد حركة النهضة، وخاصة السعي إلى حلها.

لكن رياض الشايبي، المستشار السياسي لزعيم حركة النهضة والقيادي في جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة، أكد تصميم حركته على العمل في إطار القانون والسعي إلى التغيير الديمقراطي.

وأضاف الشعيبي في تصريح لوكالة الأناضول أن “الاستهداف يستهدف كل شرائح المجتمع المدني والقوى السياسية والاجتماعية في البلاد، بما فيها حركة النهضة”.

وأوضح أن “هذه الإجراءات المستهدفة اتخذت أشكالا مختلفة: اعتقالات، وإقامة جبرية، وإغلاق مقرات، وتقييد الأنشطة، وإجراءات شاملة من قبل السلطات ضد حركة النهضة”.

وأضاف: “ومع ذلك فإننا في حركة النهضة لدينا مبادئ وقرارات واضحة يمكن تلخيصها في ثلاثة عناوين رئيسية والتي نعتبرها انتصارا ليس فقط لحركة النهضة بل لكل القوى السياسية في البلاد”.

وأوضح أن “هناك ثلاثة خيارات: الخيار القانوني، والخيار العام، والخيار السلمي”. وقال الشايبي إنه “لا مجال للمساس بالإطار القانوني للعمل الحزبي والجمعوي في البلاد، لأنه يمثل أحد الإنجازات الأساسية التي ناضلت من أجلها أجيال عديدة في تونس”.

** المستودعات المغلقة

وعن علاقة النهضة ببقية المعارضة، قال الشايبي: “منذ اللحظة الأولى لانقلاب 25 يوليو/تموز كانت لدينا رؤية واضحة”.

في 25 يوليو/تموز 2021، بدأ سعيّد فرض إجراءات استثنائية، بما في ذلك حل القضاء والبرلمان، وإصدار قوانين بمراسيم رئاسية، واعتماد دستور جديد من خلال استفتاء، وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة.

وتعتبر بعض القوى التونسية هذه الإجراءات “انقلابا على الدستور وترسيخا للحكم المطلق”، فيما تعتبرها أخرى “تصحيحا لمسار ثورة 2011” التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي (1987-2012) آنذاك.

وقال سعيد إن إجراءاته “إجراءات دستورية لحماية الدولة من الخطر الداهم”، مؤكدا أن الحريات والحقوق لن تتأثر.

وقال الشعيبي إنهم في ما يتعلق بهذه الإجراءات يعتقدون أن “ما حدث هو انقلاب على الديمقراطية ولا يمكن مقاومته ومحاربته إلا في إطار وطني”.

وأضاف: “لكن وعي القوى السياسية كان مختلفا وليس بنفس المستوى”.

وأوضح: “هناك أحزاب سياسية تراهن على استغلال الانقلاب للقضاء على خصومها السياسيين والأيديولوجيين، وهناك أحزاب أخرى لا تهتم بالديمقراطية بل بالاستبداد”.

وتابع الشعيبي: “الآن، بعد أربع سنوات، هناك هجرة جماعية من الموقع تسعى إلى التشكيك في مصداقية حركة النهضة في الدفاع عن الديمقراطية والمطالبة بعودتها إلى المعسكر الديمقراطي المتماسك”.

وتابع: “لقد عانت كافة الأطراف من عواقب الدكتاتورية والاستبداد، وهي الآن تتفق على أن إنقاذ البلاد لا يمكن أن يتم إلا من خلال العودة إلى الديمقراطية والمؤسسات الدستورية الشرعية”.

لكن هذا التوافق لم يؤد إلى تنسيق سياسي، وبقيت المعسكرات مغلقة على بعضها البعض، بحسب الشعيبي.

** لقاء “سوري”

وفيما يتعلق باجتماعات المعارضة التونسية، قال أحمد الحمامي، المتحدث باسم التحالف الحر (حزب يدعم الرئيس سعيد): “الديمقراطية تعني العمل السياسي المشترك بين عدة أحزاب سياسية”.

وأضاف في حديث لوكالة الأناضول: “لكن ما لا نتفق عليه هو أن هناك أحزاباً لم تجتمع قبل ثورة 25 يوليو وتجتمع اليوم”.

وأضاف: “تبادلوا الإهانات والشتائم في مختلف وسائل الإعلام، ووصف البعض حركة النهضة بالتنظيم الإرهابي في القنوات المحلية والخارجية”.

وأضاف الحمامي “نشهد أيضا تقاربا بين أقصى اليسار وأقصى اليمين ضد ما يسمونه انقلابا، رغم أنه يلغي التصويت على الدستور من قبل نحو ثلاثة ملايين تونسي، وهو العدد الذي صوت في برلمان 2019”.

واعتبر أن هذا اللقاء كان لقاءً شكليًا.

** حل حركة النهضة

وفي تونس، تتزايد المخاوف من أن تكون المحاكمات المتتالية لقادة حركة النهضة بتهم مختلفة مقدمة لحل الحركة.

وقال الحمامي: “نحن نؤيد حل حركة النهضة باعتبارها حزبا إخوانيا متورطا في قضايا عديدة من بينها المؤامرات على أمن الدولة”.

وتابع: “لقد رأينا أحكاماً عديدة صدرت ضد من كانوا في السلطة، ووضعوا البلاد بشكل أو بآخر في وضع خطير للغاية، وكان 25 يوليو هو التاريخ الحاسم لإنقاذ البلاد”.

وفيما يتعلق بالاتهامات الموجهة للرئيس سعيد باستهدافه الأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات، قال الحمامي: “الأمر لا يتعلق باحتكار أو انتزاع للسلطة. ثلاثة ملايين شخص مكلفون بانتخاب الرئيس في انتخابات علنية وحرة وشفافة”.

بدأت ولاية سعيد الرئاسية الثانية لمدة خمس سنوات في أكتوبر 2024.

وأضاف الهمامي: “أصبحت تونس الآن معترف بها دوليا وممثلة في كل المنظمات الدولية، سواء في العالم العربي أو الإفريقي أو العالمي”.

وأضاف: “يتحدثون عن تقييد النشاط النقابي والسياسي، لكننا لا نرى السلطات تتخذ إجراءات لحل حزب سياسي معين، أو حظر نقابة، أو حظر أنشطة جمعية معينة”.

وتابع: “بل على العكس، نراهم يشتمون صباحًا ومساءً، ويتظاهرون، ويتحدثون إلى وسائل الإعلام داخل تونس وخارجها. وهذا مكسب للحرية”.

وتابع: “الذين يشتكون ويقولون إنه لا توجد حرية في تونس ينتقدون دائما، وأحيانا يصل الأمر إلى انتهاك القيم الأخلاقية للشعب التونسي، حتى باستخدام الشتائم واللعنات والتهديدات”، حسب قوله.

واختتم الحمامي حديثه قائلاً: “يجب أن تكون المعارضة موجودة لأن كل دولة في العالم تحتاج إلى معارضة.. ونحن نريد معارضة بناءة وناقدة وغير نقدية”.


شارك