محمود محيي الدين: على الحكومة توجيه جهودها لتوفير البنية الأساسية للتعليم والصحة

لا يجب أن نهمل ما تم بناؤه في عهد الرئيس السيسي، بل نبني عليه. بالنسبة للاقتصاد المصري، فإن التحدي الحقيقي لا يكمن في التعريفات الجمركية، بل في نهاية برنامج صندوق النقد الدولي.
أكد الدكتور محمود محيي الدين المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، أن الإصلاحات الاقتصادية وتطوير البنية التحتية التي تحققت في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي لا يجب أن نهدرها، بل يجب أن نبني مستقبلنا عليها. وأشار إلى أن الاهتمام الرئيسي للحكومة خلال العامين المقبلين يتمثل في كيفية تشكيل مستقبل الاقتصاد بعد انتهاء تعاونها مع صندوق النقد الدولي.
جاءت تصريحات محيي الدين خلال ندوة مؤسسة بطرس بطرس غالي للسلام بعنوان “تأثير التنمية الاقتصادية والتجارية العالمية على مصر”، والتي عقدت اليوم الثلاثاء. وتحدث محيي الدين مطولاً عن التغيرات التي شهدها الاقتصاد العالمي بعد تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، وتأثير الرسوم الجمركية على مستقبل الاقتصاد العالمي، وكيفية تعامل مصر مع التحديات الاقتصادية العالمية.
وأضاف محيي الدين أن مصر يجب أن تستكمل مشروعات تطوير البنية التحتية التي بدأت في عهد الرئيس السيسي من خلال توسيع البنية التحتية في المناطق وبناء بنية تحتية تكنولوجية متطورة. وأشار إلى أن هذه المشاريع يجب أن يتم تمويلها من قبل القطاع الخاص وليس من قبل الدولة لمنع زيادة أعباء الديون مجددا. وفي رأيه، “يجب أن تركز جهود الحكومة على توفير البنية التحتية التعليمية ودعم نظام التأمين الصحي الشامل، بدلاً من الاستثمار في مشاريع مكلفة التنفيذ، حتى لو كان تنفيذها في المستقبل أقل تكلفة، مثل مشاريع الطاقة المتجددة”.
وقال محيي الدين إنه لا يشعر بالقلق على الاقتصاد المصري بسبب الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة. وبما أن مصر ليس لها تأثير على الميزان التجاري مع أميركا، فإن هناك تفاؤلاً بشأن المفاوضات التجارية مع البلاد. لكن القلق الأكبر الذي يساور الحكومة خلال العامين المقبلين ينبغي أن يتركز على ما سيحدث بعد انتهاء برنامج صندوق النقد الدولي في نوفمبر/تشرين الثاني 2026.
وأضاف أن تعاون مصر مع صندوق النقد الدولي على مدى العقد الماضي حد من قدرة الاقتصاد المصري على تحقيق معدلات نمو قوية وتنفيذ المشروعات ذات الأولوية. لكن ذلك كان ضروريا بفضل المراجعات الدورية التي يجريها الصندوق، والتي أظهرت ثقة الاقتصاد المصري في استعداد العالم لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية. وأشار إلى أنه بعد انتهاء برنامج الصندوق، لا ينبغي التراجع عن السياسة الاقتصادية، وينبغي بذل الجهود للحفاظ على الاستقرار العام للاقتصاد وتشجيع الاستثمار الأجنبي.
وأضاف محيي الدين أن الأولويات الفورية للحكومة بعد انتهاء برنامج صندوق النقد الدولي تتمثل في خفض نسب الدين العام لتجنب التأثيرات السلبية على العملة الوطنية، وتطوير نظام استهداف التضخم، وتوقيع اتفاقيات لتسوية المعاملات التجارية بالعملة المحلية، وتنويع احتياطيات النقد الأجنبي بالذهب والعملات الأخرى غير الدولار. وأشار إلى أنه بعد انتهاء تعاونها مع الصندوق يجب على الحكومة أن تضع برنامجاً اقتصادياً يتضمن تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي وتوسيع دور القطاع الخاص. ويجب تنفيذ هذا البرنامج في بيئة تنافسية ترتكز على الاستثمار في البشر والبنية الأساسية. وبالإضافة إلى ذلك، تُبذل الجهود لجعل الاقتصاد أكثر قدرة على الصمود في وجه الصدمات الاقتصادية المتوقعة وغير المتوقعة، بحيث يمكن استخدام الأزمات مثل فرض الرسوم الجمركية كفرصة للتحرك نحو مستقبل أفضل.
وأشار محيي الدين إلى أنه في ظل استمرار هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي، فإن مصر تحتاج إلى جعل عملتها الوطنية الجنيه المصري ليست عملة رخوة، بل عملة مستقرة ذات تضخم منخفض وعائد مرتفع. ينبغي أن يظل الطلب على الدولار مقتصرا على التجارة الدولية.